الملْحفة الشّاويّة.. لباس أمازيغي قديم يصنع فخامة المرأة الجزائرية
للمرأة الجزائرية مكانة خاصة في مجتمع هذا البلد العربي، وهي المكانة التي حافظت عليها على مر القرون.
مكانة المرأة الجزائرية برزت في كثير من مراحل تاريخ الجزائر القديم والحديث، إلا أن وقوفها إلى جانب الرجل "جنباً إلى جنب" في مقاومة أي احتلال تطأ قدمه أرض الجزائر، كانت أكثر العلامات المسجلة بالمرأة الجزائرية، والتي كتبت تاريخا مشرفا لها بأحرف من ماس.
واللافت في التاريخ الجزائري، أن مكانة المرأة ترويها أيضا الكثير من تفاصيل الموروث الثقافي والعادات والتقاليد، ومن أبرزها الألبسة التقليدية.
ومن أشهر وأقدم الألبسة التقليدية للمرأة الجزائرية منذ مئات السنين توجد "الجبة الشاوية" ذات اللونين الأسود والأصفر.
و"الشاوية" هم أكبر تركيبة لأمازيغ الجزائر، ويمثلون نحو 17 مليون نسمة من تعداد سكان الجزائر، ويتمركزون في عدد من المدن الشرقية الجزائرية وهي باتنة، خنشلة، أم البواقي، تبسة، بسكرة، وأجزاء من سطيف وعنابة وميلة وسكيكدة.
"هيملحفث".. فخامة المرأة
ويطلق على اللباس التقليدي للمرأة الشاوية الأمازيغية في الجزائر باللهجة الشاوية المحلية "هيملحفث"، وهو لباس تقليدي ترجعه كثير من المصادر التاريخية إلى مئات السنين.
ويشتهر هذا اللباس بشكل خاص عند نساء محافظة "باتنة" وهي عاصمة الثورة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي، ويسمى أيضا بـ"لباس المرأة الأوراسية".
وعاد هذا اللباس ليلفت الأنظار "عالمياً وعربياً" هذه المرة، خلال مهرجان "إيمدغاسن" السينمائي الذي نظم الأسبوع الماضي بمحافظة باتنة، وشهد حفل افتتاحه ظهور فنانات جزائريات وهن يرتدين "الجبة الشاوية"، وحتى منهن زوجة الفنان السوري عباس النوري.
و"الملحفة الشاوية" القديمة لها لونان لا ثالث لهما، وهما الأسود وبعض من الأصفر، وتتشكل من حزام خاص باللونين الأبيض والأسود.
ولـ"الملحفة الشاوية" تفصيلة خاصة، إذ تتشكل عادة من قطعة قماش واحدة، تخاط عند الصدر، ويترك جزء طويل منها متساقطاً إلى الرجلين، ويبلغ طول القماش 4 أمتار ونصف المتر، ويفضل أن يكون بالأكمام.
وتتكون "الملحفة الشاوية" من لحاف داخلي ويسميه أهل الشاوية "الدخيلة"، أما الخارجي فيكون مخاطاً من جهة ويبقى مفتوحاً من الجهة الأخرى.
وهي لباس تقليدي عريض متموج يكسو جسم المرأة، إذ كانت ولازالت "الحشمة" رمزا "مقدساً" عن المرأة الشاوية في الجزائر، وتزينه رموز خاصة بأهل الشاوية تترجم ثقافتهم الخاصة، والتي يقال إنها تعني "الحرية ونبذ القيود".
ويصنفها إخصائيون بأنها واحدة من "ألبسة الفخامة" للمرأة الجزائرية، ويزداد جمال المرأة عندما تتزين بالحلي الشاوية الأمازيغية الفضية على رقبتها وعلى رجليها والذي يسمى "الخلخال"، وهي إكسسوارات قديمة تزين المرأة الأوراسية في الجزائر.
ومن بينها أيضا ما يسمى "الجبين" وهو ما يشبه التاج الملكي لكن تضعه المرأة على جبينها ويكون مصنوعاً من الفضة وبرموز شاوية خاصة، وهو ما يجعل المرأة الشاوية تتفرد عن بقية نساء الجزائر.
أما عن أسباب تفضيل المرأة الشاوية الأسود لوناً لـ"الملحفة" فيذكر أهل مدينة باتنة الجزائرية بأن ذلك يعود إلى ما يشبه "الموضة" القديمة، إذ يكون اللحاف مرفقاً بالفضة المزينة بالأحجار الخضراء والحمراء، وهذا ما يجعل تلك الإكسسوارات تظهر ناصعة، وتزيد من جمال المرأة الشاوية.
وفي القدم، كانت الملحفة الشاوية تنسج بخيط رفيع كون المرأة في ذلك الزمن لم تكن تملك أدوات خياطة، فكانت النساء يربطن اللحاف على الأكتاف بـ"نوى التمر" ويكون الحزام مصنوعاً من الصوف.
أما "الملحفة الشاوية العصرية" فقد "تجاوزت الخطوط الملونة" لـ"الملحفة التقليدية"، وباتت تصنع بمختلف الألوان، حتى إن باتت "موضة" تعدت "جبال الأوراس" وأصبحت لباساً تقليدياً مفصلا للعرائس في العديد من المدن الجزائرية على اختلاف عاداتها وتقاليدها في مناسبات الأعراس.