"الكاراكو".. علامة ثقافية مسجلة لزي المرأة الجزائرية
"الكاراكو" ظهر في القرن الـ15 ولُقِّب بالملبس الأسطوري.. توارثته النساء الجزائريات من جيل إلى جيل، ونجحن في الحفاظ عليه وتطويره.
الجزائر..و على غرار كثير من البلدان المتوسطية خاصة دول شمال إفريقيا، تأثرت بثقافات وسلوكيات ثقافية وافدة من بلدان وحضارات أخرى على مر التاريخ، لاسيما في الملبس,
ولعل ملبس المرأة في الجزائر، هو أكثر أنواع وأصناف الألبسة المتأثرة بالتغيرات الاجتماعية والثقافية الداخلية والخارجية، خاصة وأن المرأة الجزائرية عُرفت منذ القدم بحبها الكبير للأقمشة الرفيعة والثمينة.
ومن بين الألبسة التقليدية التي تعتبر "علامة مسجلة" لنساء العاصمة الجزائرية عن غيرها من نساء الجزائر، نجد "الكاراكو"، المصنف "كلباس أسطوري" والتحفة الأثرية التي توارثتها النساء الجزائريات من جيل إلى جيل، ونجحن في الحفاظ عيلها وحتى تطويرها.
تاريخ الكاراكو
تشير المراجع التاريخية "على قلتها"، أن لباس "الكاراكو" ظهر في القرن الـ15 ، حيث كانت ترتديه الطبقة الأرستوقراطية في العاصمة الجزائرية، في الأعراس وحفلات الختان ومختلف المناسبات.
وبحسب المعلومات التاريخية، فقد كان هذا اللباس يُعبّر عن "مدى النفوذ والعظمة السامية للمرأة العاصمية"، وهو في الأصل لباس المرأة الأندلسية وكان يسمى آنذاك "الغليلة".
واستنادا إلى المعلومات التي حصلت عليها "بوابة العين الإخبارية" من المتحف الجزائري للفنون والتقاليد الشعبية، فإن اللباس التقليدي "الكاراكو" في شكله التقليدي الحالي، هو مزيج بين "الثقافتين الأندلسية العثمانية"، أو هو "ثمرة التزاوج بين الثقافتين الأندلسية والعثمانية".
والبداية كانت من القرن الخامس عشر ميلادي، الذي شهد توافد الكثيرين من الأندلس إلى الجزائر، ومن بعدهم الأتراك، لتعرف الجزائر بقدومهم تغيرات كبيرة ثقافيا واجتماعيا، وكان اللباس النسائي من أهم سمات المجتمع الجزائري التي طرأ عليها تغيير كبير في تلك الفترة، وكان "الكاراكو" واحدا من تلك الألبسة.
أما بداية "الكاراكو" في الجزائر، فكان عبارة عن "سُترة طويلة دون أكمام" كان يرتديها الرجال والنساء في العهد العثماني، ليشهد تغيرات بعد القرن 18 في شكله، وبقي اللباس الشائع للمرأة الجزائرية فقط.
ويشير الكاتب الفرنسي، جورج ماسي، في كتابه "مخترعو المودة البارسيين في القرن 18"، أن هذه السترة كانت موجودة أيضا في أواسط القرن 18، لكنها كانت بشكل قصير وضيق على مستوى الخصر، وأكثر وساعاً في الأسفل.
ويضيف في كتابه أن الكاراكو "عبارة عن قميص ذي ذيول، ترتديه نساء الطبقة البورجوازية في سنة 1768، خلال رحلة دوق أجيون وزير لويس الخامس عشر، والذي أخذ كنموذج للكراكو"، ما يعني أن الطبقة البورجوازية الفرنسية تأثرت في القرن 18 بهذا اللباس التقليدي، وأصبح بمثابة اللباس الرسمي لرجال ونساء هذه الطبقة في فرنسا.
خصائص سُترة الكاراكو
تتميز سترة "الكاراكو" بكثرة زخرفاتها ذات الألوان القاتمة أو الفاتحة، وتحتل الزخرفة المساحة الكبيرة من السترة، سواء من الجهة الأمامية أو على جهة الظهر، ويخيط معها قلادات ذهبية تسمى في الجزائر "اللويز" أو كما تسمى في منطقة الشام "الليرة الذهب".
كما يوجد بسترة "الكاراكو" مجموعة من الأزرار التي توضع للزينة على السترة، وتكون في صدرها وأكمامها وطوقها وأطرافها السفلية، وهي مختلفة الأشكال ومصنوعة من خيوط مذهبة، وفي بعض الحالات تكون من الصدف أو النحاس، أما غلق السترة فيكون بواسطة مشابك دون أزرار.
تتصف سترة "الكاراكو" أيضا، بتنوع أشكال وطول الأكمام، التي تتجاوز عادة طول السترة، أما قصر السترة فيعود إلى اتساع السروال الذي يرتدى معها.
مكونات الكاراكو
يتكون لباس "الكاراكو" العاصمي من قطعتين، القطعة الأولى مصنوعة من قماش "القَطيفَة"، ويتم طرزها باليد بخيوط "الفَتْلَة والمَجْبود" بخيط ذهبي اللون أو من الذهب الخالص على جهات الصدر والرقبة واليدين.
أما القطعة الثانية، فهي من قماش مختلف عن الأول ويكون عادة من "الساتان" أو القطيفة الخفيفة"، وتصمم بطريقة أسهل من الأولى، وتكون على شكل تنورة أو سروال، له تسميات عدة، من بينها "الشَّلْقَة" و"المْدَوَّر"، مع وجود أنواع من السراويل القصيرة والعصرية.
ولا يكتمل "الكاراكو" العاصمي إلا بقطعة قماش أخرى من "الحرير" بلونين إما ذهبي أو فضي، وتوضع فوق الرأس، يطلق عليها اسم "الفوطة".
ورغم ظهور أنواع جديدة من الطرز، من بينها "الطرز الإفريقي" و"الطرز الفضي"، إلا أن أصحاب هذه الحرفة الذين توارثوها عن الأجداد مازالوا يحافظون على طريقة الطرز اليدوي والذهبي، حفاظا على أصالة "الكاراكو" العاصمي.
ومن بين التعديلات التي أضيفت على لباس "الكاراكو" العاصمي تنوع القماش الذي يصنع منه مثل قماش "الساتان"، الذي يظهر اللباس مشدودا أكثر وبشكل أكثر أناقة.
ثمنه
من خلال تجول "بوابة العين الإخبارية" في بعض محلات بيع أو خياطة "الكاراكو" العاصمي في العاصمة الجزائرية، اتضح أن هذا اللباس التقليدي يعد من الألبسة الباهظة الثمن، نظرا لخياطته بالخيط الذهبي واحتوائه على بعض القلادات الذهبية، حيث يتراوح سعره ما بين 700 دولار إلى 1320 دولار.