الجزائر 2020.. دسترة المهام الخارجية وعمليات تستبق التهديدات
2020.. عام استثنائي بكل المقاييس شهدته الجزائر، في مرحلة استثنائية استبطنت تشريعات تاريخية للجيش، وعمليات استباقية ضد الإرهاب.
عام قال عنه خبراء ومتابعون إن تحدياته ومخاطره الأمنية تعاظمت على الجزائر، بدءا من حدودها التي باتت ملتهبة من كل زواياها بتوترات أمنية إقليمية، وصولا إلى محاولة فلول الجماعات الإرهابية إعادة نشاطاتها الإجرامية، مرورا بدسترة المهام الخارجية للجيش.
- الجزائر تتعهد بالقضاء على الإرهاب.. وخبراء: إعلان حرب
- مجلة أمريكية تشيد بقدرات جيش الجزائر وصفقاته التسليحية
تحديات ومخاطر واجهتها الجزائر بعمليات عسكرية وأمنية استباقية ونوعية عديدة، استهدفت معاقل الفلول الإرهابية، ليكون 2020 محطة جديدة بمسار دحر الإرهاب، وتحقيق المزيد من الانتصارات، ومواصلة حرب "لا هوادة فيها" كما أكد ونفذ المسؤولون العسكريون.
لكن البارز في 2020، هو كشف الجزائر عن حجم قوتها العسكرية للمرة الأولى وبشكل غير مسبوق، عبر أحدث وأكبر الأسلحة المتطورة التي بات تمتلكها قواتها البرية والبحرية والجوية.
قوة جعلت الجزائر تتقدم في مراكز أقوى جيوش العالم والقارة الأفريقية القادرة على مواجهة كافة أنواع التهديدات الأمنية، وفق تقارير دولية.
فلول الإرهاب
على مدار عام كامل، تواترت بيانات لوزارة الدفاع الجزائرية اطلعت عليها "العين الإخبارية"، كشفت فيها عن حصيلة عملياتها الأمنية والعسكرية ضد الإرهاب وجماعات الجريمة المنظمة.
عمليات أمنية وعسكرية شملت كافة حدود البلاد بما فيها البحرية، بالإضافة إلى الدور الهام الذي لعبته الأجهزة الأمنية في المحافظات لاحتواء كل أنواع الجرائم.
ووفق بيانات الجيش، تمكنت وحداته عبر عمليات عسكرية استباقية من تدمير عشرات الأوكار الإرهابية في مختلف مناطق البلاد، خصوصاً الشرقية والوسطى منها.
كما تمكنت من تفكيك عدة خلايا إرهابية، وقتلت أكثر من 30 إرهابياً، وألقت القبض على عدد كبير منهم، فيما استمر نزيف استسلام إرهابيين التحقوا بالجماعات الإرهابية منذ تسعينيات القرن الماضي.
وضبطت الوحدات العسكرية في مختلف مناطق البلاد، كميات كبيرة من الأسلحة والذخيرة كانت بحوزة الإرهابيين المقتولين أو الذين ألقي عليهم القبض أو داخل أوكارهم في المرتفعات الجبلية، علاوة على ضبط كميات هائلة من الأسلحة بمختلف أنواعها على طول الشريط الحدودي مع مالي وليبيا.
وكان لافتاً أيضا نشر وزارة الدفاع الجزائرية، للمرة الأولى خلال عام 2020، صوراً لجثث إرهابيين قضت عليهم في عدد من المناطق الجبلية، واصطلح على تسميتهم بـ"الشراذم الإرهابية".
ولعل أكبر العمليات العسكرية الاستباقية التي قادها الجيش الجزائري ضد معاقل فلول الجماعات الإرهابية، كانت في شهري يوليو/ تموز ونهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضيين.
عمليات كشفت عن تمكن الجيش من إفشال مخطط "القاعدة" الإرهابي بالعودة للنشاط في الجزائر، وأسفرت العمليتان عن تصفية 6 إرهابيين خطرين من قادة التنظيم الإرهابي.
وازدادت التحديات الأمنية للجزائر مع الإفراج عن أكثر من 200 إرهابي في صفقة بين الحكومة المالية وتنظيم "نصرة الإسلام والمسلمين" الإرهابي، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كان بينهم جزائريون، في خطوة سارعت الجزائر بانتقادها بـ"أشد العبارات".
ولاحقا، تمكنت الأجهزة الأمنية من توقيف اثنين منهم، بعد أن حاولا التسلل إلى الأراضي الجزائرية، الأول من جهة حدودها الغربية، والثاني عبر حدودها مع مالي، وسط قلق جزائري من احتمال تسللهم للقيام بعمليات إرهابية.
قدرات وصفقات تسليحية
2020، هو العام الذي تقدم فيه الجيش الجزائري في مراكز ترتيب أقوى الجيوش العالمية والأفريقية، وفق ما كشفته تقارير عسكرية دولية، تابعتها "العين الإخبارية".
مكانة ومركز يتحققان بفضل البيئة الأمنية التي تشهدها الجزائر، بعد سنوات من مكافحة الإرهاب، وصولا إلى التهديدات على طول حدود ملتهبة، تضاعفت منذ 2011، وزادت من خطر النشاط الإرهابي بالمنطقة، في توليفة عوامل أجبرت الجزائر على زيادة إنفاقها العسكري.
إنفاق رصدت له الحكومة الجزائرية في موازنة 2021 نحو 12 مليار دولار، حافظت فيه موازنة الدفاع على صدارة الأرصدة المالية المخصصة سنويا لمشاريع الميزانيات السنوية.
وتواترت المناورات والتمارين العسكرية التي يجريها الجيش الجزائري على حدود البلاد، لمواجهة المخاطر والتهديدات الأمنية والإرهابية التي يقول إنها باتت "تتربص بالبلاد منذ 2020 أكثر من أي وقت مضى".
ومع تسارع وتيرة التوترات الإقليمية، كشفت الجزائر، في نوفمبر/تشرين الثاني عن جزء من قدراتها العسكرية، بعد أن أظهر وثائقي بثه التلفزيون المحلي الحكومي بعنوان "إلا أرض الجزائر"، صاروخا من نوع "اسكندر أي" في مناورات عسكرية للجيش للمرة الأولى، وأسلحة أخرى من الحجم الثقيل.
وكانت تلك المرة الأولى التي تكشف فيها الجزائر عن امتلاكها أحد أقوى الصواريخ في العالم، إذ يبلغ مداه 500 كيلومتر، ويتميز بسرعته الفائقة وقدرته العالية على المناورة وإصابة الأهداف، فيما تقول تقارير أمنية دولية إن "اعتراضه مستحيل"، وتمتلكه 3 دول وهي روسيا (البلد المصنع) والجزائر وأرمينيا.
قدرات عسكرية دفعت أعرق المجلات العسكرية العالمية للإشادة بما وصل إليه الجيش الجزائري الذي أصبح ضمن الأقوى عالمياً وعربياً وأفريقياً، بينها مجلة "واتش ميليتري" الأمريكية المختصة في الأسلحة والمنظومات العسكرية.
ومن الصناعات العسكرية المحلية إلى تدعيم مختلف وحدات الجيش بأحدث الأسلحة، شكّل عام 2020 محطة جديدة نحو تعزيز قدرات القوات المسلحة، آخرها توقيع الجزائر عقداً مع روسيا لاقتناء 14 مقاتلة ثقيلة من الجيل الخامس من نوع سوخوي "Su-57".وفق ما كشفته المجلة الأمريكية.
ومنذ استقلال الجزائر عام 1962، حافظت موسكو على صدارة الدول المصدرة للأسلحة للجزائر، إذ تقتني الجزائر أكثر من 60 % من أسلحتها من روسيا، وكذلك من ألمانيا.
كما تسلمت الجزائر في 2020، دفعة أولى من طائرات "مغ 29 أم/أم 2" روسية الصنع، وفق ما كشفته مواقع إعلامية جزائرية، ظهرت للمرة الأولى في مناورات عسكرية بمحافظة وهران (غرب).
وباعتراف عالمي، باتت القوات الجوية الجزائرية في 2020، قادرة على "ردع العدوان"، وأصبحت ضمن الأقوى في أفريقيا بفضل التشكيل المتوازن للقوات الجوية ومقاتلاتها الحديثة وترسانتها الكبيرة من الأسلحة.
وأشارت مجلة "ميليتري ووتش" العسكرية الأمريكية، بتقرير لها في يوليو/تموز الماضي، إلى أن سلاح الجو يعد "واحداً من أكبر الأساطيل الجوية في أفريقيا وأكثرها قوة"، بالإضافة إلى اعتبارها القوات المدرعة الجزائرية ضمن "الأكثر حداثة وجاهزية للقتال في القارة الأفريقية".