حكومة الجزائر.. ملامح تشكيلة جديدة وقودها المستقلون
حكومة جديدة ترتسم في أفق المشهد الجزائري بناء على الخارطة السياسية الجديدة التي أفرزها البرلمان الجديد.
ويُلزم الدستور الجزائري رئيس البلاد بتشكيل حكومة جديدة عقب الانتخابات التشريعية المقامة قبل أقل من أسبوعين، ربَطها بما تفرزه صناديق الاقتراع من أغلبية سياسية، وحدد على ضوئها "نوعين من الحكومات".
- نتائج انتخابات الجزائر.. ارتياح وخيبة ومؤشرات تجاوزات
- بعد نكسة الانتخابات.. مناورة إخوان الجزائر لتشكيل الحكومة
وبموجب دستور نوفمبر/تشرين الثاني 2020 الجديد، يعين رئيس الجمهورية "وزيرا أول" في حال أفرزت الانتخابات النيابية "أغلبية رئاسية" لا تكون فيها الأغلبية لأي حزب أو تكتل سياسي، ويتم احتسابها من عدد النواب أو الكتل النيابية التي تعلن "دعمها لبرنامج رئيس البلاد".
وفي حال تشكل "أغلبية برلمانية" من حزب أو أكثر، يكون رئيس البلاد بموجب ذلك ملزماً بتعيين "رئيس للحكومة" من تلك الأغلبية النيابية.
و"الوزير الأول" له صلاحيات محدودة تتمثل في عملية التنسيق بين الوزراء ورئيس البلاد، وترؤس اجتماعات للحكومة التي تطبق برنامج رئيس الجمهورية، ولا يحق لها طرح برنامج خاص بها، ولا يمكن للوزير الأول تعيين أو إقالة الوزراء "إلا بالتشاور مع رئيس الجمهورية" الذي يقترح أيضا أسماء تقود وزارات الحكومة.
أما "رئيس الحكومة" فهو منصب يتقاسم فيه مع رئيس البلاد تسيير شؤون البلاد، ويعطي الدستور الصلاحية الكاملة لرئيس الحكومة بتعيين جميع الوزراء باستثناء الوزارات السيادية التي تبقى من صلاحيات رئيس الجمهورية، وهي: الدفاع والخارجية والداخلية والمالية، كما تقدم الحكومة برنامج عمل خاص بها.
فرضيتان
خبيران جزائريان طرحا -في أحاديث متفرقة لـ"العين الإخبارية"- فرضيتين تحددان شكل وطبيعة الحكومة المقبلة، الأولى أن تكون الحكومة المقبلة "مزيجاً من الكتل السياسية" التي حصلت على البرلمان الجديد
أما الفرضية الثانية فتشمل تشكيل حكومة تهيمن عليها كتلة المستقلين والتكنوقراط، وإن استبعدا، في الفرضيتين، أن يكون منصب "الوزير الأول" لأحد الأحزاب أو الكتل البرلمانية، ما يعني أن الحكومة المقبلة ستكون وفقاً للقاعدة الدستورية التي تحدثت عن "أغلبية رئاسية".
وأفرزت الانتخابات التشريعية الأخيرة 15 كتلة برلمانية حملت الكثير من المفاجآت، أبرزها بقاء تصدر حزب "جبهة التحرير" (حزب الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة) بـ105 مقاعد، يليهم المستقلون الذين حققوا "إنجازا تاريخياً" بالغرفة التشريعية بحصولهم على 78 مقعدا.
المستقلون والحسابات
وفيما يبدو مؤشرا أوليا عن ملامح الحكومة الجزائرية المقبلة، أعلنت القوائم المستقلة التي حصلت على مقاعد بالبرلمان الجديد، بعد لقاء تشاوري بينها، "التفافها حول برنامج" الرئيس عبدالمجيد تبون وإعلانها "دعمها ومساندتها له".
ووقع النواب المستقلون الجدد "ميثاق شرف" موحد أعلنوا فيه أن "تحالفهم سيكون من أجل الجزائر والثوابت الوطنية والمواطن البسيط".
وطرح متابعون في وقت سابق "إشكالية" تتعلق بقوائم المستقلين، مشيرين إلى "عدم وضوح ألوانها السياسية وتوجهاتها العامة"، فيما يبدو أن هناك توجهاً رسمياً من قبل السلطة الجزائرية للاعتماد على المستقلين في مستقبل العملية السياسية بالبلاد، بعد أن أصبحت ثاني أكبر كتلة بالبرلمان الجديد.
في المقابل، يطرح متابعون سيناريوهات "غامضة ومعقدة" لتشكيلة الحكومة الجزائرية الجديدة بناء على ما أفرزته الانتخابات الأخيرة، إذ يطرحون "إشكالية" تصدر ما كان يعرف بـ"أحزاب التحالف الرئاسي الداعم" للرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة البرلمان الجديد بنحو 155 مقعدا يمثلها حزبا "جبهة التحرير" والتجمع الوطني الديمقراطي".
وهما الحزبان اللذان أعلنا أيضا دعمهما للمرشح الرئاسي عز الدين ميهوبي في رئاسيات نهاية 2019، ما يعني "استبعادهما من حسابات الرئيس الحالي عبدالمجيد تبون لتشكيل الحكومة الجديدة".
بالإضافة إلى وجود حزب "جبهة المستقبل" الذي يقوده منافس تبون في الانتخابات الرئاسية السابقة وهو عبدالعزيز بلعيد، والتمثيل القليل لأحزاب أخرى يقول متابعون إن "السلطة لا يمكن الاعتماد عليها لتشكيل الحكومة".
كما استبعد مراقبون أن "تجازف" السلطات الجزائرية بـ"منح الحكومة للتيارات الإخوانية"، متوقعين أن يهيمن على الحكومة "التيار الوطني".
"التسول" الإخواني
وكانت التيارات الإخوانية "أول" من عَرضت خدماتها على الرئيس الجزائري لـ"تشكيل الحكومة" فيما اعتبره متابعون "توسلا مشبوهاً لتشكيل الحكومة الجديدة يمهد لها الطريق لاختراق الحكم والتغلغل فيه".
وبعد الإعلان عن النتائج الرسمية المؤقتة للانتخابات البرلمانية، عادت جماعة الإخوان رغم نكستها للظهور وتوجيه "رسائل غزل وتودد" صريحة وجديدة للرئيس الجزائري لـ"منحها" قيادة وتشكيل الحكومة المقبلة.
وتستعرض "العين الإخبارية" في هذا التقرير توقعات خبير قانوني ومحلل سياسي لملامح الحكومة الجزائرية الجديدة المتوقع الإعلان عنها بعد تنصيب البرلمان الجديد واستقالة حكومة عبد العزيز جراد.
الخبير في الشؤون القانونية الدكتور عامر رخيلة، اعتبر أن الإجابة عن التوقعات الخاصة بطبيعة الحكومة الجديدة بالجزائر "بدأت تتضح من خلال إعلان كتل سياسية حصلت على مقاعد في البرلمان الجديد تأييدها لبرنامج رئيس الجمهورية وتبنيها لبرنامجه".
وأشار الخبير القانوني، في حديث مع "العين الإخبارية"، إلى أن هذا يعني بأن الجزائر "لا تتجه لحكومة برلمانية، وإنما تعيين وزير أول من طرف رئيس الجمهورية الذي يمنحه الدستور وقانون الانتخابات صلاحية حصرية كاملة لا تشاركه فيه أي مؤسسة في قيادة الحكومة"، وإن يظل هذا الطرح نظريا، وفق رخيلة.
وفي تقدير الخبير القانوني، فقد يعلن تبون تعيين "وزير أول" ويكلفه بإجراء مشاورات لتشكيل حكومة جديدة، و"يعود للبرلمان الجديد عند انعقاده لطرح برنامج حكومته، لمناقشته والمصادقة عليه بعد أن تقوم لجنة وزارية بإعداد مخطط عمل الحكومة".
كما أكد أن الإعلان عن الحكومة الجديدة بالجزائر "يكون بعد تنصيب البرلمان الجديد"، الذي يتبعه أيضا في نفس اليوم تقديم الحكومة الحالية استقالتها لرئيس البلاد، رغم توضيحه بـ"عدم وجود نص قانوني يلزم استقالة الحكومة يوم تنصيب البرلمان الجديد".
فسيفساء سياسية
أما الدكتور حسين قادري، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر، فيتوقع "حكومة جديدة "يقودها التكنوقراط" مع منح حقائب وزارية لبعض الكتل النيابية الجديدة.
واستبعد المحلل السياسي، لـ"العين الإخبارية"، أن "تأتي النتائج النهائية للمجلس الدستوري بتغييرات كبيرة على مستوى التركيبة البرلمانية للأحزاب، وبالتالي ستبقى تقريباً كما أعلن عنها في النتائج الأولية".
ووفقاً للنتائج المعلن عنها، أكد الأكاديمي الجزائري أن "الأمور تتجه لتعيين وزير أول وليس رئيس للحكومة، وأعتقد أن رئيس الجمهورية بدأ في مشاوراته خاصة بالنسبة للشخصية التي ستقود الطاقم الحكومي القادم".
ولم يستبعد أن يعتمد تبون على "شخصية مستقلة ثقيلة لا تقبل العودة للمشهد إلا بشروط" من خارج الكتل النيابية لتكليفه بتشكيل الحكومة التي قال إن طاقمها "قد يكون من البرلمان أو من خارجه".
لكنه رجح في المقابل أن تكون تشكيلة الحكومة الجديدة "من خارج البرلمان"، وبرر ذلك بأن رئيس الجمهورية "ليس مجبرا على اختيار جميع وزرائه من البرلمان لعدم وجود من يملك الأغلبية، ومن ثمة يزاوج بين من هم داخل البرلمان وخارجه لكي يكسب البرلمان في عملية التصويت فيما بعد".
كما استبعد قادري أن يمنح تبون حقائب الوزارات السيادية للحزبين الداعمين للرئيس السابق وللتيارات الإخوانية، مرجعاً ذلك إلى "سمعتهما التي قد تمس سمعة تبون وبرنامجه المستقبلي".
كما توقع أن يلجأ الرئيس الجزائري في حكومته الجديدة إلى "وجوه شبابية جديدة فازت بالانتخابات"، كما سيحاول ضمان الأغلبية من التيار الوطني، والوزارات السيادية ستكون تابعة لتبون شخصياً ويختارها من دائرته".
aXA6IDUyLjE1LjIxNy44NiA= جزيرة ام اند امز