"حزب بوتفليقة" والمستقلون يتصدرون انتخابات الجزائر.. أسباب المفاجأة
مفاجأة مدوية وغير متوقعة أفرزتها صناديق اقتراع الانتخابات التشريعية بالجزائر عقب تصدر حزب بوتفليقة وتيار المستقلين نتائج الانتخابات.
نتائج أعلنتها، الثلاثاء، الهيئة المشرفة للانتخابات، أبقت على "هيمنة جزئية" لأحزاب ما كان يعرف بـ"التحالف الرئاسي الداعم لبوتفليقة" وهي "جبهة التحرير" و"التجمع الوطني الديمقراطي" دون حصولها على الأغلبية المريحة في البرلمان السابع التعددي، والأول منذ سقوط نظام بوتفليقة،
- نتائج أولية.. مفاجأة مدوية لحزب بوتفليقة بانتخابات الجزائر
- سابقة تاريخية.. الكشف عن موعد نتائج انتخابات الجزائر
بينما أحدث المستقلون مفاجأة أخرى بصعودهم إلى المركز الثاني في البرلمان الجديد والمرتقب، حيث أصبح تيارهم بمثابة "القوة السياسية الثانية" في البلاد للمرة الأولى.
النتائج الرسمية
ووفقاً للنتائج الرسمية، فقد تصدر حزب "جبهة التحرير الوطني" الانتخابات ومقاعد البرلمان بحصوله على 105 مقاعد برلمانية.
وحققت القوائم المستقلة ثاني مفاجأة تاريخية بحلولها في المركز الثاني بـ78 مقعد للمرة الأولى في تاريخ البرلمان الجزائري.
وعكس ما زعمته، جاءت ما تسمى بـ"حركة مجتمع السلم" الإخوانية ثالثة بـ64 مقعدا فقط، ثم "التجمع الوطني الديمقراطي" 57 مقعدا، و"جبهة المستقبل" 48 مقعدا، وما يسمى بـ"حركة البناء الوطني" الإخوانية بـ40 مقعدا.
وتقاسم حزبان 3 مقاعد برلمانية وهي "جبهة الحكم الراشد" و"صوت الشعب"، وتراجعت ما يعرف بـ"جبهة العدالة والتنمية" الإخوانية إلى مقعدين اثنين، ومقعدان أيضا لكل من حزبي "الحرية والعدالة" و"الفجر الجديد".
وكان من نصيب 3 أحزاب سياسية مقعد نيابي واحد، وهي "جبهة الجزائر الجديدة" و"الكرامة" و"جيل جديد".
وقدم خبيران جزائريان في تصريحات متفرقة لـ"العين الإخبارية" قراءة في تلك النتائج المعلن عنها الخاصة بالانتخابات النيابية التي جرت، السبت الماضي.
ضبابية الشفافية
وأوضح الخبير القانوني الدكتور عامر رخيلة لـ"العين الإخبارية" أن "أول قراءة هي شل اليد الممتدة لتزوير الصندوق، وهذا شيء إيجابي".
وحدد دلالات ما أفرزته نتائج الانتخابات الجزائرية قائلا إن "عودة أحزاب الموالاة رغم قواعدها التي كانت مشلولة يرجع إلى استشعارها الخطر، فضلا عن الهجوم المكثف السياسي والإعلامي التي تعرضت له، ما دفعها للدفاع عن حق البقاء، فكانت النتيجة للتنافس مع قوى غير منظمة ممثلة في القوائم المستقلة".
واعتبر العضو السابق بالمحكمة العليا أن النتائج التي تحققت "هي صدارة أحزاب الموالاة حتى وإن فقدت النسب المئوية غير الواقعية التي كانت تحصل عليها، وعوامل أخرى ساعدتها في ذلك مثل وجودها في المجالس المحلية".
أما الأكاديمي الدكتور حسين قادري أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر، فأشار إلى ما أسماه "التزوير المحلي غير التقليدي" الذي شاب الانتخابات الجزائرية، لكنه شدد في المقابل على "أنه لم يحدث بأوامر من الدولة أو لإرادة سياسية كما كان في السابق".
وأوضح في حديث مع "العين الإخبارية" أن "عملية التزوير تمت من خلال نفس الأشخاص الذين يبقون دائما كرؤساء لمكاتب الاقتراع والصناديق، وهم ما يمارسون عملية التزوير، وهيئة الانتخابات تلقت طعوناً كبيرة جدا في مكاتب معينة، لكنه ليس تزويرا تقليديا بأمر من الإدارة، فقد كان تزويرا محلياً في المكاتب وحدث ما حدث في بعضها، وكثير ممن فازوا بالانتخابات نتيجة التزوير المحلي".
وأرجع ذلك إلى "استفادة المزورين من فراغ عدم وجود رقابة انتخابية، واستغلوه سواء في جلب الأصوات الشرعية أو عن طريق التزوير، وهذا راجع إلى ثقافة المواطن وليس ثقافة الدولة، والتحدي الآن هو كيف يتم إقناع المواطن والمرشح بعدم التزوير".
إشكالية دستورية
الخبير القانوني الدكتور عامر رخيلة عاد وأشار إلى إشكالية دستورية طرحتها نتائج الانتخابات التشريعية، إذ أكد عدم حصول أي حزب على الأغلبية، وكشف أن الأغلبية في القانون الجزائري هي "205 مقاعد برلمانية".
أما عن إمكانية التحالف بين حزبي "جبهة التحرير" و"التجمع الديمقراطي" لتشكيل الحكومة فقد نوه "رخيلة" إلى وجود "عائق قانوني لعدم إشارة الدستور وقانون الانتخابات لإمكانية التحالف لتشكيل أغلبية برلمانية، وهي تتكلم عن أغلبية برلمانية وأغلبية رئاسية".
وتابع موضحاً: "إذا تغاضى الدستور على إمكانية التحالف، فإن الإشكال الثاني هو تشكيل الأغلبية الرئاسية التي لم يتم توضيحها قانوناً، والمنطق يقول إن هذا النوع من الأغلبية عند ترشح قوائم انتخابية داعمة لرئيس الجمهورية أو حزب تابع للسلطة".
واعتبر أن التأويلات والتفسيرات المطروحة على الساحة تقول إن "المستقلين وكل من يبدي دعمه لبرنامج رئيس البلاد يمكن أن يُشكل منها أغلبية رئاسية ويكون وزيرا أول"، وأكد أنها "قراءة غير مؤسسة لا في قانون الانتخابات ولا في الدستور".
العزوف
وخرج الأكاديمي الدكتور حسين قادري بقراءة من 3 أبعاد للنتائج المعلن، والتي قال إن "المتمعن والمتبصر والقارئ للخارطة لا يتفاجأ بما أفرزته لجملة من الأسباب".
وأشار إلى السبب الأول هو :"استمرار عزوف الجزائريين عن المشاركة في العملية الانتخابية، بمعنى أن الوعاء الانتخابي من 70% لا يزال خارج اللعبة السياسية لعدم اقتناعهم أو مقاطعين أو صامتين مراقبين".
وحلل نسبة مشاركة الناخبين في نحو 30% على أنها "الوعاء التقليدي للأحزاب المعروفة، تمثل مناضليهم الأوفياء للحزب أو للوجوه المعروفة داخل هذه الأحزاب.
وشدد الأكاديمي على أن أكبر رهان "هو استرجاع ثقة المواطن الجزائري واقناعه بأهمية الذهاب نحو صناديق الاقتراع إلا فإن الوضع السياسي بالجزائر سيبقى في حلقة مفرغة".
العتبة
وتابع قائلا: وإذا ما استثنينا القوائم المستقلة التي تكهن للأسف الكثيرون ووضعوا أملا كبيرا فيها لأن تغير الخارطة السياسية، لكن عتبة الـ5 % هي التي صنعت هذه النتائج لهذه الأحزاب"، وهو السبب الثاني في قراءة أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر.
وأوضح أن "حصول الأحزاب على 5% يعني ضمانها للحد الأدنى من الفوز بالمقاعد، بينما القواعد المستقلة لم تتمكن من ضمان نسبة الـ5% ولذلك سقطت".
ورأى أن تصدر حزب "جبهة التحرير" للنتائج يرجع إلى "هيكلته وتنظيمه المحكم وفروعه بكل الولايات وكثرة مناضليه، ولم يؤثر بعض من مناضليها نحو القوائم المستقلة على الإطار العام، وأكبر ما يحتكم إليه هو العروشية والقبائل الكبيرة".
aXA6IDMuMTQyLjU0LjEzNiA= جزيرة ام اند امز