"نون النسوة" في برلمان الجزائر.. سقوط حر
أظهرت النتائج الرسمية الأولية للانتخابات التشريعية بالجزائر عدة مفاجآت كان من بينها "التراجع الكبير" لتمثيل النساء في البرلمان.
الأرقام الرسمية التي قدمها محمد شرفي رئيس "السلطة المستقلة للانتخابات" بالجزائر (الهيئة المشرفة على تنظيم الانتخابات)، مساء الثلاثاء، كشفت عن "صدمة ناعمة" تلقتها المرشحات في الاستحقاق النيابي.
وبلغ عدد مقاعد البرلمان التي حصدتها المرشحات في سابع برلمان تعددي في تاريخ الجزائر "34 مقعداً فقط"، وهو ما يمثل 8 % من إجمالي مقاعد "المجلس الشعبي الوطني" (الغرفة الثانية للبرلمان) البالغ عددها 407 مقاعد نيابية.
وبمقارنة المقاعد النيابية التي حصلت عليها المرأة في الغرفة التشريعية ببرلماني 2012 و2017، فإنها تظهر "سقوطاً حرا ومدوياً" لتمثيل النساء بأول برلمان في عهد الرئيس الحالي عبد المجيد تبون، مقارنة ببرلمانات سلفه عبد العزيز بوتفليقة، رغم فارق المقاعد البرلمانية التي قلصها تبون، وألغى منها 55 مقعدا بعد أن كانت 462.
وحصدت النساء في برلمان 2012 على 145 مقعدا نيابياً وسجلت حينها "أكبر نسبة تاريخية" لتمثيل المرأة بنحو 31 % من إجمالي عدد مقاعد البرلمان.
قبل أن يتراجع تمثيلها في انتخابات 2017 إلى 120 معقدا برلمانياً وذلك من أصل 462 مقعدا بالبرلمان، ما مثل حينها نسبة 26 % من إجمالي المقاعد، ما يعني تراجعها في البرلمان الحالي عن السابق بفارق 18%.
وهو الفارق الذي رآه مراقبون بأنه غير عادل بالنظر إلى عدد المقاعد النيابية الملغاة من برلمان 2017 والتي وصلت إلى 55 مقعدا.
"المناصفة الخاسرة"
وتباينت قراءات المتابعين للنتائج التي حققتها المرأة في الانتخابات التشريعية الأخيرة بالجزائر، وكشفت بحسب كثيرين عن "واحدة من أوجه التناقض والتعقيدات التي تطبع المشهد السياسي والعملية الانتخابية".
ولا يتوقف "السقوط الحر" للمرأة في المجلس النيابي الجزائري على سابقيه، إذ تبدو النتيجة التي منحتها صناديق الاقتراع للنساء "كمن خرج بخفي حنين".
إذ إن عدد المرشحات المحظوظات في دخول قبة البرلمان الجديد يبقى "هامشياً" ويكاد يكون معدوماً بالمقارنة مع إجمالي النساء المرشحات في القوائم الانتخابية.
وبحسب الأرقام المقدمة من هيئة الانتخابات، فقد فازت 34 امرأة بمقاعد برلمانية من "أصل 5744" مرشحة.
كما أن عدد المقاعد التي حصلت عليها المرأة في البرلمان الجزائري "متناقضة" مع قانون الانتخابات الجديد الذي اشترط على الأحزاب والمستقلين "المناصفة" بين الرجال والنساء في قوائم الترشيحات، ولم تتمكن جل القوائم الانتخابية من استقطاب العنصر النسوي إلى قوائمها.
4 أسباب للانهيار
وقدم متابعون لنتائج الانتخابات تفسيرات لـ"الهزيمة النسوية" المدوية في البرلمان الجديد، واعتبر بعض منهم بأنها "منطقية" مقارنة بعدد المرشحات النساء مع المرشحين الرجال والتي لم تعكس "المناصفة".
يضاف لها تدني نسبة المشاركة النهائية بالانتخابات البرلمانية والتي بلغت 23.03 %، وهي الأدنى في تاريخ جميع الانتخابات التشريعية التي نظمت في البلاد.
أما أبرز الأسباب التي أجمع عليها كثير من المراقبين، هو تراجع القانون الجديد للانتخابات عن التعديلات الواردة بالقانون ذاته عام 2012 في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، والتي خصصت للمرأة "ثلثي" المقاعد في البرلمان والمجالس المحلية، ما رفع تمثيلها في هذه المجالس من 7 % إلى 31 %.
وهي القاعدة الانتخابية التي قفزت بمرتبة الجزائر إلى الأولى عربياً والـ26 عالمياً عام 2017 في مجال التمثيل السياسي في البرلمان والمجالس المحلية.
"تكتيك فاشل"
وأشار خبراء إلى "فشل التكتيك الانتخابي" الذي اعتمدت عليه كثير من الأحزاب والقوائم المستقلة من خلال استقطاب الناخبين بـ"الحسناوات"، وهي ظاهرة تزايدت في الانتخابات الأخيرة بالجزائر، وأثارت جدلا واسعا.
ولم تتمكن تلك التشكيلات السياسية من "اصطياد الناخبين" بـ"طعم النساء الجميلات والأنيقات"، ولم يسهم هذا التكتيك، بحسب الخبراء، في زيادة مقاعد الفرق السياسية أو يضمن زيادة تمثيل المرأة في البرلمان الجديد.
"مرآة المرأة"
وعكس ما زعمته، جاءت ما تسمى بـ"حركة مجتمع السلم" الإخوانية ثالثة بـ64 مقعدا فقط، ثم "التجمع الوطني الديمقراطي" 57 مقعدا، و"جبهة المستقبل" 48 مقعدا، وما يسمى "حركة البناء الوطني" الإخوانية بـ40 مقعدا.
وتقاسم حزبان 3 مقاعد برلمانية وهي "جبهة الحكم الراشد" و"صوت الشعب"، وتراجعت ما يعرف بـ"جبهة العدالة والتنمية" الإخوانية إلى مقعدين اثنين.
وكان من نصيب 3 أحزاب سياسية مقعد نيابي واحد، وهي "جبهة الجزائر الجديدة" و"الكرامة" و"جيل جديد".