حسناوات الجزائر.. "طُعم" انتخابي لـ"اصطياد" الأصوات
إذا كان وراء كل رجل عظيم امرأة، فإن "وراء كل قائمة انتخابية حسناء" بالجزائر، وهو المشهد الجديد الذي أثار جدلا واسعاً في البلاد.
ولم تقتصر المنافسة في السباق الانتخابي على مقاعد برلمان الجزائر على البرامج الانتخابية أو نوعية المرشحين أو خطابات الإقناع، بل رافق الدعاية الانتخابية "صور حقيقية" لما بات يعرف بـ"ظاهرة ترشح الحسناوات".
- "فراولة بشرية".. حين تغضب نساء الجزائر من رئيس حزب
- طرائف انتخابات الجزائر.. "بودي جارد" و"رقص" و"بركة الرقم 7"
وتشهد الانتخابات النيابية التي ستجرى السبت المقبل "منافسة شرسة لكنها ناعمة" بين عشرات الحسناوات "الأنيقات" اللواتي "تزينت بهن كثير من القوائم الانتخابية" للأحزاب والمستقلين، حتى إنها تحولت إلى "بدعة إخوانية جديدة" في قوائمهم.
وصنعت صور مرشحات جميلات وأنيقات الحدث بمواقع التواصل الاجتماعي، حتى إن كثيرا من التعليقات شبّهت الانتخابات المقبلة بـ"مسابقة ملكة الجمال" وبأن 24 مليون ناخب جزائري سيصوتون على "برلمان الجميلات والحسناوات".
وكانت تلك الصور جزءا من "حملة السخرية" الموازية للدعاية الانتخابية، وبين الغزل بها و"إبداء التفاؤل بمستقبل جميل للبلاد" وحتى الاستياء، تفاعل الجزائريون مع هذه الظاهرة المتزايدة في تشريعيات 12 يونيو/حزيران الجاري.
وأشار متابعون لسير الحملة الانتخابية بالجزائر إلى بروز حالة جديدة في الاستحقاقات الانتخابية الجزائرية، من خلال "تخلصها" من "صور الأشباح" التي كانت سائدة في الملصقات الانتخابية نتيجة رفض مرشحات كثيرات إظهار صورهن لأسباب اجتماعية.
وكان لافتاً "تطعيم" القوائم الانتخابية بـ"مختلف أنواع جمال المرأة الجزائرية، بين البيضاء والسمراء، وصاحبة الشعر الأصفر والعيون الزرق، أو سوداء الشعر والعينين"، كلها كانت "طعماً انتخابياً جديدا لاصطياد الناخبين".
هكذا فسر مراقبون "ظاهرة الحسناوات" في انتخابات الجزائر، معتبرين بأن "جزء من تكتيك سياسي انتخابي لجأت له الأحزاب والمستقلون لاستمالة الناخبين ووسيلة إقناع جديدة بالتصويت"، بعد أن وجدوا صعوبات كبيرة في إقناع الشباب بأهمية الانتخابات بخطاباتهم وبرامجهم.
جدل "خشن"
وصاحب صور "الجنس الناعم" "جدل خشن" عبر مواقع التواصل، وأعرب جزائريون عن استهجانهم لما قالوا "إنه عرض النساء كبضاعة في سوق سياسية"، وتعليقات أخرى انتقدت نظرة الأحزاب للانتخابات.
واتهمت الأحزاب بـ"تمييع العملية الانتخابية" وشبهت بعض المرشحات بـ"عارضات الأزياء"، معتبرين بأن الانتخابات "فرصة لعارضي البرامج السياسية الحقيقة التي تهم المواطن وليس لعرض المفاتن" كما ورد في بعض التعليقات.
كما تداول جزائريون صورا أخرى قالوا إنها "فضيحة من نوع آخر"، بعدما نشروا صورا قديمة وحديثة لبعض المرشحات قالوا إنهن "استعنَّ بالفوتوشوب لمحو عيوبهن وإبراز جمالهن".
وبحسب أحد التعليقات المنتقدة، فإن "البرلمان ليس بحاجة إلى جمال المظهر بل لجمال الضمير والبرامج"، بينما تساءل آخرون إن كان "كم الحسناوات الهائل بالقوائم صدفة أو تجارة سياسية جديدة".
ودافعت تعليقات أخرى عن المرشحات الجميلات، واعتبرت بأن "الجمال هبة ربانية ومن حق المرأة الجميلة أن يكون لها دور في المجتمع"، واستهجنوا في المقابل ما اعتبروه "نظرة المجتمع القاسية والخاطئة عن المرأة الجميلة والتي يعتبر بأن مكانها الوحيد في الملاهي الليلية أو في بيتها أو منقبة".
وطالب نشطاء بمنح الفرصة للكفاءات بغض النظر عن مظهرهم، وعدم الحكم على المظهر رغم جماليته، وأعطوا أمثلة بحسناوات تولين مناصب كبيرة في عدة دول أوروبية بين رئيسة ورئيسة حكومة ووزيرة ونائبة برلمانية.
كما استهجنت مرشحات في عدة قوائم "حملة السخرية" التي طالت جمالهن، وأعربن عن رفضهم لـ"الصور النمطية التي يحملها المجتمع عن المرأة الجميلة"، وطالبن بـ"بالحكم على برامجهن وأفكارهن".
وألزم قانون الانتخابات الجديد في الجزائر الأحزاب والمستقلين بـ"المناصفة" بين الرجال النساء في القوائم الانتخابية.
وتشكل المرأة جزءا كبيرا ومهماً في المجتمع الجزائري، ولم تعد أدوارها تقتصر على الأعمال المنزلية، إذ باتت عنصرا فعالا في عدة قطاعات وإدارات، وتمكنت من اقتحام عدة قطاعات بينها الطب والميكانيك والاقتصاد والتراث والصناعات التقليدية وغيرها.
ومن تستحوذ النساء على نصف قوائم المرشحين الذين يفوق عددهم 15 ألف مرشح، بينها يعادل عدد النساء من إجمالي الكتلة الناخبة في الجزائر 11 مليون ناخبة من أصل قرابة 24 مليون ناخب، ما يمثل نسبة 46 % من الناخبين الجزائريين.