"لابيش والشوكولاتة".. مظاهر استقبال عام جديد في الجزائر
رغم أن 2020 كانت صعبة بكل المعايير على العالم، فإن أهل الجزائر أردوا مواصلة تحدي هذه السنة، بتوديعها بطرق خاصة.
"العين الإخبارية" تجولت في بعض محال بيع مختلف أنواع الحلويات بالعاصمة الجزائرية، فوجدت ديكوارات خاصة وألوانا وأشكالا مختلفة وجديدة من الحلويات والشوكولاتة كـ"فأل خير" قد تبعث "على الأمل في عام جديد مختلف على الأقل عن سنة 2020، أو أن يكون 2021 عاماً لنسيان وتعويض ما فات في السنة المنتهية.
- بالصور.. احتفالات المولد النبوي تتحدى كورونا في الجزائر
- احتفالات الكريسماس خارج المنزل.. 10 نصائح لتجنب كورونا
وعلى مدار سنة كاملة، أفسدت جائحة كورونا احتفالات الجزائريين بالأعياد الدينية خصوصاً عيدي الفطر والأضحى، وألغت معها طقوسهم الاحتفائية التي تعودوا عليها، إلا أن من الجزائريين من أراد تعويض ذلك الفراغ الذي تركته سنة 2020 بما يشبه "الانتقام من مفاجآتها غير السارة بالاحتفال بنهايتها" و"تمزيق صفحتها" واستقبال 2021 بنفسية جديدة لعلها تخبئ لهم مفاجآت سارة، أو تخلو على الأقل من المفاجآت الحزينة.
ومن كعكة "لابيش" إلى الحلويات المزينة بأشكال ورموز "لرجل الثلج وحبات الثلج وأوراق الأشجار"، ومختلف أنواع الشوكولاتة الفاخرة، تزينت محلات بيع الحلويات في عدد من محافظات الجزائر بينها العاصمة.
واللافت أن حدة الجدل حول الاحتفالات بأعياد رأس العام بالجزائر خفت هذه السنة، قد يعود ذلك إلى سحب البعض للآثار السلبية التي تركتها 2020 في نفسية الجزائريين الباحثين عن كسر روتين الخوف باحتفالات خاصة، أو لتركيز اهتمامهم على خروج سنة لم تكن ككل السنوات بأي شكل كان.
وبقيت الجزائر من بين الدول العربية والإسلامية التي تغيب فيها مظاهر الاحتفالات برأس السنة الميلادية إلى حد كبير، إلا من بعض الاستثناءات، فيما تقتصر الاحتفالات على العائلات وفي نطاق ضيق بعيدا عن ذلك الصخب أو الطقوس المعمول بها في الدول الغربية.
والواضح أن محال الحلويات كان لها الفضل مع نهاية 2020 في كسر عُرف تجاهل الاحتفال بالعام الجديد وتحفيز كثير من الجزائريين على ذلك، حتى إن البعض منهم قال لـ"العين الإخبارية" إن "الأمر لا يتعلق باحتفال بقدر جمالية تلك الحلويات التي تحمل الأمل بعام جديد يحمل أيضا ألواناً زاهية ورغبة في إنهاء 2020 بفرحة عائلية تنسيهم أحزان أو خيبات السنة المنتهية".
الجوهرة.. تحدي الشوكولاتة
"الجوهرة" علامة تجارية لشركة صناعة أنواع الشوكولاتة الفاخرة بالعاصمة الجزائرية، ربما تختلف قصة إنشائها عن بقية محلات الحلويات بالجزائر، فقد ولدت من رحم التحدي الذي بقي سمتها الأبرز حتى مع نهاية السنة الحالية.
قصة تحدٍ ونجاح صنعته "الجوهرة" وسط كم الصعوبات التي أخرجتها سنة 2020، بطاقم "ليس ككل مصممي الحلويات المحترفين" بالجزائر.
صاحب الفكرة والمشروع شاب تخصص في الطب مع فريق من الطلبة الجامعيين الذين اختاروا التكوين أيضا في صناعة الشوكولاتة بالطرق الحديثة، بدأوا بوصفات عالمية ومحلية، وانتقلوا بعدها إلى مرحلة الإبداع من نوع آخر بوصفات جديدة من وحي عشقهم لهذه الموهبة، ووصل تحدي الفريق لصناعة 34 نوعاً من الشوكولاتة.
هذا ما كشفه مهدي بالة صاحب "الجوهرة" لـ"العين الإخبارية"، والذي اعتبر أن السبب الأول والرئيسي الذي زاد من شهرة وانتشار الشركة هو اسمها، وكذا اعتمادها في التواصل مع زبائنها عبر منصاتها على مواقع التواصل على اللغتين العربية والإنجليزية.
واعتمدت أيضا "الجوهرة" لإيصال الطلبيات المتزايد على أنواع الشوكولاتة التي تصنعها بالتعاقد مع تطبيقات سيارات الأجرة، ليتوسع نشاطها بعد أن بات لها 3 محلات بالعاصمة الجزائرية.
وأشار "مهدي" إلى أن المنتج النهائي الذي تقدمه "الجوهرة" لزبائنها اعتمد على محطات احترافية، بينها ورش خاصة، والاعتماد على مصورين محترفين للترويج.
وعادت شوكولاتة "الجوهرة" للبروز مع احتفالات نهاية العام، من خلال الطلبيات الكثيرة من قبل الجزائريين لاقتنائها وتذوق أنواع وأشكال جديدة ومختلفة عن الشوكولاتة التي تعودوا على شرائها.
أشكال وأذواق مختلفة دفعت عددا من الجزائريين لاقتناء تلك الشوكولاتة وبرمجتها مع احتفالات رأس العام "دون سابق إنذار" رغم أسعارها الباهظة مقارنة مع بقية أنواع الشوكولاتة المتوفرة في بقية محلات بيع وصناعة الحلويات، أما سر نجاح شوكولاتة الجوهرة فيعود إلى نوعيتها غير المضرة بالصحة.
لابيش.. جذع الأمل
وبقيت كعكة "لابيش" الأكثر انتشارا في معظم محلات بيع الحلويات بالجزائر والمفضلة لدى كثير من الجزائريين للاحتفال العائلي بنهاية العام وقدوم عام جديد.
و"لابيش" كلمة فرنسية "La Bûche"، والحلوى أصلها فرنسي، وتعني "الجذع أو الحطبة المخصصة للتدفئة"، ولها أيضا حكاية أسطورية، تقول "إن بابا نويل بحث طويلا عن قطعة خشب كبيرة الحجم من أجل ليلة الميلاد حتى يقطعها ويشعلها بسبب برودة الطقس، وحتى يجتمع حولها الناس لتلقي هداياهم من بابا نويل".
لم يهتم الجزائريون لأصلها أو رغبة منهم في تقليد عادات الغرب، بل فرصة للم شمل العائلية، لكن مع نهاية 2020 السنة المتعبة، باتت "لابيش" ذلك "الجذع الذي يتمسك به جزائريون للعبور إلى عام جديد كله أمل بتحسن ظروفهم وظروف بلدهم".
هذا ما حاول "ربيع" صاحب محل "Opera" لصناعة الحلويات بالعاصمة الجزائرية التعبير عنه، الذي بات أكبر وأشهر محل يرافق كل أعياد الجزائريين الدينية والوطنية، شعارها في ذلك "أوبيرا ليس فقط محل حلويات بل هو نمط حياة".
فقد صنع هذا المحل الاستثناء في صناعة أجواء الاحتفال بالعام الجديد في الجزائر، كسر من خلاله روتين 2020 وحفز الجزائريين على صناعة أجواء مماثلة في بيوتهم بكعكة "لابيش" وحلويات أخرى أبدع فريقه في شكلها ومذاقها.
محل لم يكسر فقط الروتين، بل شكل "لابيش" وحتى طريقة تقديمها للزبائن، بأنواع ومذاقات مختلفة وحتى علب جميلة جذبت بعض الزبائن أكثر من الكعكة في حد ذاتها.
ديكور خاص لاحتفالات نهاية العام حضر له "ربيع" وفريقه المحترف منذ شهرين ليخرج بذلك الديكور المميز الذي أدخل الجزائريين في أجواء تعود البعض على مشاهدتها في القنوات التلفزيونية، وحفزهم على اقتناء بعض ما فيها، رغم صعوبة الاختيار بينها، كما يذكر عدد من زبائن المحل.
"ربيع" ذكر لـ"العين الإخبارية" بأن الرمز الأبرز في المحل كان "البابا نويل مع الغزلان"، واعتبر أن "هذا الرمز لا يرمز لأي ديانة، بل للأطفال وللفرحة".
وبدأ المحل في صناعة حلوى "لابيش" منذ عدة أيام، وهنا كشف "ربيع" أن كثيراً من الجزائريين يحبون هذا النوع من الحلوى في معظم أيام العام وليس للاحتفال به فقط بالعام الجديد.
وتمكن محل "أوبيرا" من صناعة 12 نوعاً من كعكة "لابيش" بـ12 طعماً مختلفاً، وهو إنجاز لم يسبقها فيه أي محل آخر بالجزائر، بينها ذوق الليمون والشوكولاتة والموز والفراولة والكراميل وغيرها.
أما عن العلب الخشبية المميزة والمختلفة عن علب الحلويات الورقية، فقد ذكر صاحب محل الحلويات لـ"العين الإخبارية" بأنها "فكرة استبقت حدث نهاية العام وضمن أفكار برنامج الاحتفالات الذي يتم الإعداد له قبل أشهر، على أن تكون جاهزة قبل شهرين على أقصى تقدير من الحدث".
وكشف لـ"العين الإخبارية" عن "سر" عندما تحدث عن مفاجأة سيقدمها محله لزبائنه لمناسبة رأس السنة الأمازيغية بالجزائر المصادف لـ12 يناير/كانون الثاني المقبل.
و"ربيع" لبناني الأصل عاش بالجزائر منذ أكثر من 20 عاماً، حتى إنه لا يمكن التعرف على أصوله لإتقانه الكبير للهجة الجزائرية، من والد لبناني ووالدة جزائرية من منطقة القبائل الأمازيغية، وهو ما دفعه للاهتمام بهذا العيد الجزائري وتكريم زبائنه بطريقته الخاصة.