اقتصاد الجزائر.. تركة ما بعد بوتفليقة
"العين الإخبارية" تستعرض بالأرقام والإحصائيات التركة الثقيلة التي تركها نظام بوتفليقة والتي كانت "السبب الحقيقي" في انتفاضة الجزائريين
"من أوسع الأبواب" في 27 أبريل/نيسان 1999 تسلم عبدالعزيز بوتفليقة السلطة في مشهد نادر بين رئيس "سابق منتخب" ورئيسٍ "جديد منتخب"، آنذاك ظن المتابعون أن الممارسة الديمقراطية باتت "ثابتاً لا يتغير" تتجه بالبلاد نحو "دولة القانون والعدالة والرفاهية".
- بوتفليقة.. 20 عاما في رئاسة الجزائر تنتهي باستقالة مثيرة
- سجن الحَرَّاش الجزائري.. جامع رموز بوتفليقة الأغنياء
لكن بوتفليقة غادر الحكم "من أضيق أبوابه" على كرسي متحرك بشكل لم يحدث لأسلافه الستة في قيادة البلاد، بعد أن أجبرته أضخم احتجاجات شعبية في البلاد على التنحي "معتذراً عن تقصير غير مقصود وترشح غير مرغوب" كما قال لدى توديع شعبه الناقم عليه في 2 أبريل/نيسان 2019.
بوتفليقة أسمى برنامجه الاقتصادي بـ"الإنعاش"، لكنه ترك اقتصاداً في "غرفة الإنعاش" كما يقول الخبراء الاقتصاديون، نتيجة فضائح وقضايا فساد استشرت في كل مفاصل الدولة، فتحها القضاء الجزائري ولم ينته منها، سميت غالبيتها بـ"فضائح القرن".
يحسب لعهده أن عاد فيه الأمن والاستقرار بعد عشرية من تكالب الضربات الإرهابية على الدولة وشعبها، اصطلح على تسميتها بـ"العشرية السوداء" أو "الحمراء" أو "المأساة الوطنية".
وبمقارنة فترتي "الإرهاب" التي امتدت لـ10 سنوات و"حكم بوتفليقة" للجزائر الذي دام 20 سنة وفق الأرقام التي حصلت عليها "العين الإخبارية" من مصادر مختلفة، يتضح أن الرئيس الجديد للجزائر عبدالمجيد تبون ورث "تركة مدمرة" كما وصفها كثير من المراقبين.
فخلال فترة الإرهاب، قُتل زهاء ربع مليون جزائري، مع خسائر اقتصادية قدرت بنحو 40 مليار دولار وفق إحصائيات رسمية، لكن السنوات الـ20 من حكم بوتفليقة سجلت أرقاماً مضاعفة في الخسائر الاقتصادية نتيجة الفساد الذي يقول الخبراء إنه "كان سياسة في حد ذاتها"، خاصة في العقد الأخير الذي بات فيه شقيقه السعيد بوتفليقة "الحاكم الفعلي للجزائر من وراء الستار"، ليشكل شبكة فساد واسعة من رجال الأعمال والسياسيين، دخلت في صراع مع شبكة فساد أخرى أفرزتها "عشرية التسعينيات".
وإن عاد الاستقرار الأمني للجزائر، لكن أرقام "الجريمة والهجرة الشرعية وغير الشرعية والأمراض" طوال عقدين من حكم بوتفليقة للجزائر، تظهر أن "الجزائر خسرت أضعاف عدد القتلى في العشرية السوداء من أبنائها، سواء بالرحيل عن البلاد أو عن الحياة".
في هذا التقرير، تستعرض "العين الإخبارية" بـ"الأرقام والإحصائيات" التركة "الثقيلة والمرعبة" كما يسميها كثيرون، التي تركها نظام عبدالعزيز بوتفليقة والتي كانت "السبب الحقيقي" وراء خروج ملايين الجزائريين في أضخم وأطول حراك شعبي في تاريخهم.
"دمار اقتصادي"
تزامن حكم بوتفليقة للبلاد - نهاية الألفية الثانية وبداية الثالثة - مع ارتفاع كبير في أسعار النفط الذي "كان وما زال" مصدر الدخل الرئيسي لخزينة الدولة الجزائرية بنسبة 97%، حيث بلغ حينها 137 دولارا للبرميل في الأسواق العالمية.
آنذاك تعهد بوتفليقة بـ"إعادة بناء اقتصاد" بلاده المنهار، والذي خرج من النظام الاشتراكي بداية تسعينيات القرن الماضي و"عجز" عن الدخول في اقتصاد السوق نتيجة الظروف السياسية والأمنية التي مرت بها البلاد خلال تلك الفترة.
سمحت الوفرة المالية للرئيس الجزائري السابق بتسديد "غالبية الديون" التي فاقت 120 مليار دولار نتيجة لعوائد النفط والغاز فضلا عن ضخ الفوائض المالية لرفع احتياطي البلاد من النقد الأجنبي.
هي الفترة ذاتها التي شهدت فيها البلاد بداية تحسن الوضع الأمني بعد الاستفتاء الشعبي على "قانون المصالحة الوطنية" الذي وضع حداً لما كان يمسيه بوتفليقة بـ"الحرب الأهلية".
لم يتوقع الجزائريون أن تدخل بلادهم "في حرب من نوع آخر"، إذ لم تحول تلك "الطفرة المالية" الجزائر إلى "مصاف القوى الاقتصادية الكبرى"، في وقت فاقت مداخيل البلاد "قيمة مشروع مارشال" لإعادة إعمار "القارة الأوروبية" بعد الحرب العالمية الثانية.
لم يتبن بوتفليقة وفق الخبراء الاقتصاديين "استراتيجية اقتصادية واضحة"، رغم أنه أعطى الأولوية "للبنى التحتية" من طرقات وسكن ومطارات وسدود ونفط، وهي المشاريع ذاتها "التي ولدت من رحمها قضايا الفساد التي تفجرت بعد استقالته"، وما زال القضاء الجزائري يبحث في "أسرارها وخفاياها".
وعرف عن الرئيس الجزائري السابق "عشقه للحكم الفردي"، وأن "يكون الزعيم الأوحد" في فترة كان ينظر خلالها لكل مسؤول ناجح أو مخالف لرأيه على أنه "خطر على حكمه" وفق شهادات مسؤولين عاصروه.
ونتيجة لذلك، احتكر بوتفليقة لنفسه "صلاحيات شبيهة بصلاحيات الإمبراطور" التي فاقت 95 صلاحية، يقيل ويعين "متى يشاء أو يخاف" في مختلف المناصب، حتى مراسلو وكالة الأنباء الرسمية في العواصم العالمية.
أويحيى وسلال.. حكومات الفساد "الأعظم"
وطوال 20 سنة من حكمه، عين الرئيس الجزائري المخلوع عبدالعزيز بوتفليقة "22 حكومة" بمعدل "حكومة كل أقل من عام"، كان فيها أحمد أويحيى "أكثر رؤسائها" بـ"10 مرات" بين رئيس للحكومة ووزير أول، أنفقت خلالها حكومته "600 مليار دولار".
تلاه عبدالمالك سلال الذي كان "أكثر رؤساء الوزراء بقاء على رأس الحكومة دون انقطاع" بـ5 سنوات كاملة، أنفقت خلالها حكومته في تلك الفترة 103 مليارات دولار.
وفي سنة 2009، أصدر رئيس الوزراء الأسبق أحمد أويحيى "قانون مالية تكميلي" (موازنة عامة تكميلية)، سن فيه قاعدة الاستثمار "51/49 " التي تسببت في عزوف كثير من الشركات الأجنبية عن الاستثمار في الجزائر، و"أعطت الحق في المقابل لكبار المسؤولين في الدولة للسيطرة على القطاعات الحيوية الاقتصادية".
كما أصدرت حكومة عبدالمالك سلال سنة 2013 قراراً بـ"جعل القرض الائتماني طريقة وحيدة لتسوية عمليات التجارة الخارجية"، ما أدى إلى خسائر سنوية للخزينة العمومية قدرت بـ"30 مليار دولار".
قرار السلال كان "جزءا من كل" كما يقول المراقبون عند شرح الأسباب الحقيقية التي دفعت قائد الجيش الجزائري الراحل أحمد قايد صالح بوصفيصف رموز نظام بوتفليقة بـ"العصابة التي دمرت البلاد والعباد".
وبات أويحيى وسلال بعد استقالة بوتفليقة أول رئيس حكومة في تاريخ الجزائر يصدر القضاء في حقهما "أوامر بالسجن" بتهم فساد كثيرة، حيث حكم بالسجن 15 سنة لأويحيى و12 لسلال في "قضية واحدة" وهي "قضية مصانع تركيب السيارات الأجنبية"، وما زال التحقيق معها في قضايا كبرى تتعلق بـ"الطريق السيار شرق – غرب" وشركة سوناطراك النفطية، وقضايا فساد مرتبطة بمنح والحصول على امتيازات لرجال أعمال آخرين بينهم علي حداد ورضا كونيناف ومحيي الدين طحكوت.
وكشفت التحقيقات الأمنية والقضائية في ملف "مصانع تركيب السيارات الأجنبية" عن حقائق صادمة، بينها أن "المصانع لم تعمل على تركيب السيارات، بل على استيرادها جاهزة بدون عجلات، على أن يتم تركيبها في مصانع "شبه وهمية".
وبلغ عدد السيارات التي تم استيرادها في عهد حكومة سلال (2012 – 2017) نحو "700 ألف سيارة"، تم خلالها "تهريب 7 مليارات دولار إلى وجهة مجهولة".
نزعة بوتفليقة "في الإقالات والتعيينات" شملت أيضا عملاق النفط الجزائري شركة "سوناطراك"، إذ شهدت فترة حكمه تعاقب 6 مديرين عليها، بالإضافة إلى 12 مدير عام للبنوك الحكومية الـ7، وهي البنوك ذاتها والشركة نفسها التي يقبع كثير من مسؤوليها في السجن بتهم فساد ونهب المال العام.
كما وقع بوتفليقة عام 2002 اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، الذي أجمع الخبراء الاقتصاديون على وصفه بـ"اتفاق الاستسلام" والذي بات يكلف خسائر سنوية للجزائر تفوق 8 مليارات دولار، وهو الاتفاق الذي قرر الرئيس الجزائري الجديد عبدالمجيد تبون إعادة "نظر شاملة فيه".
لم يتحول الاقتصاد الجزائري خلال فترة حكم بوتفليقة للبلاد إلى "اقتصاد منتج" كما "تعهد"، وبقي رهينة إنتاج وأسعار النفط، ولجأت معها الحكومات المتعاقبة لـ"تكريس سياسة الاستيراد"، إذ وصل معدل فاتورة الاستيراد خلال عقدين "50 مليار دولار"، ولم تتجاوز معها صادرات البلاد خارج النفط "1 مليار دولار".
كما لم تستفد البلاد من عودة الجزائر إلى الساحة الدولية بعد سنوات العزلة خلال فترة التسعينيات، ولم ينتج عن ذلك "تدفق الاستثمارات الأجنبية" في سوق يقول الخبراء إنها "ما زالت عذراء"، ولم تتعد معها قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة سنوياً 500 مليون دولار.
وعلى مدار 20 سنة كاملة، فقدت العملة الوطنية الجزائرية "الدينار" نحو 80% من قيمتها أمام اليورو والدولار، منها 50% "فقط" منذ 2014.
فرنسا.. المستفيد الأكبر
ويعزو الخبراء الاقتصاديون ذلك إلى "سطوة الجناح الموالي لفرنسا على مفاصل الدولة" في ذلك الوقت، باعتراف وزير الطاقة الأسبق شكيب خليل، الذي صرح العام الماضي بأنه "نتيجة لتحكم اللوبي الموالي لفرنسا في الجزائر، فإن الموافقة على المشاريع الاستثمارية الأجنبية يمر عبر باريس"، تم خلالها وضع عراقيل كثيرة أمام مستثمرين عرب وأوروبيين، حتى "تبقى السوق الجزائرية حكراً للشركات الفرنسية" كما ذكر وزير الطاقة الجزائري الأسبق.
لم تتوقف خسائر الجزائر الاقتصادية عند هذا الحد، إذ شهدت البلاد طوال 20 سنة من حكم بوتفليقة غلق "1200 شركة حكومية" في عدة مجالات، بعد أن بيعت غالبيتها بـ"الدينار الرمزي" لرجال أعمال محسوبين على جناحي بوتفليقة والفريق محمد مدين رئيس جهاز المخابرات الأسبق، سرعان ما أعلنت إفلاسها.
وذكر عدد من الخبراء، أن الهدف وراء "خصخصة شركات كانت تعد مجد الصناعة الجزائرية منذ السبعينيات، بعد أن يتم إفلاسها من الخواص" حتى "يتم تعويض إنتاجها بالاستيراد من الخارج".
كما قدم خبراء اقتصاديون "أرقاماً خطرة" عن "بداية الفساد" المرتبط بما يسمى "اللوبي الفرنسي في الجزائر"، حيث أصبحت الجزائر تستورد "12 مليون طن سنوياً من القمح"، وهو "ما يفوق حاجتها بمرتين"، بهدف "تهريب 3 مليارات دولار سنوياً".
وارتفعت أيضا فاتورة استيراد الجزائر من الأدوية رغم النجاح الكبير الذي حققته شركة "صيدال" في إنتاج الأدوية والتي تأسست في النصف الثاني من التسعينيات، حتى إن مسؤولين سابقين في الشركة أكدوا في تصريحات لوسائل إعلام محلية أن "صيدال تعرضت لتدمير ممنهج".
وباتت الجزائر بعد ذلك "تستورد 80% من حاجياتها من الدواء من الشركات الفرنسية، وتعرض المدير العام الأسبق لشركة صيدال الجزائرية لـ"ضغوط متتالية وتحقيقات أمنية" كما صرح لوسائل إعلام محلية، تزامناً مع إعلانه قراراً بصناعة 100 دواء لتعويض الأدوية الفرنسية، ورفضه مشاريع شراكة مع شركات فرنسية.
كما وافقت حكومتا أحمد أويحيى وعبدالمالك سلال على إقامة مصنع شركة "رينو" الفرنسية بقيمة "1 مليار دولار" بطاقة إنتاج سنوية لا تتجاوز "25 ألف وحدة" توجه "للسوق المحلية فقط مع منع استيرادها"، في مقابل استثمار للشركة ذاتها في المملكة المغربية بقيمة 500 مليون دولار وطاقة إنتاجية تقدر بـ400 ألف وحدة موجهة "جميعها للتصدير عبر ميناء طنجة".
وأعطى نظام بوتفليقة خلال 20 سنة من حكمه الأولوية لـ"فرنسا" في المشاريع الاقتصادية، وصلت إلى منحها "الاحتكار" في عدة قطاعات منها "البنوك ومشاريع المياه والسدود والدراسات والخبرة".
رجال "أعمال الفساد"
ومنذ استقالة الرئيس المخلوع عبدالعزيز بوتفليقة في 2 أبريل/نيسان، وبدء ما يعرف بـ"الحرب على الفساد"، "تَعَرّف" الجزائريون على أسماء رجال أعمال لم يكونوا في صدارة المشهد، على عكس أسماء أخرى أثارت الكثير من الجدل بينها علي حداد المقرب من عائلة بوتفليقة.
وبرزت أسماء جديدة لكن "بقضايا فساد ضخمة"، بينها رجال الأعمال رضا كونيناف ومراد عولمي، وبلغ عدد رجال الأعمال المسجونين بتهم فساد 13 شخصاً، وشخصيات سياسية وأمنية أخرى تمثل "15 عائلة كانت تستولي على ثروات الجزائر" وفق وسائل الإعلام المحلية.
ومن بين المستهدفين "عائلات رجال أعمال مثل حداد وكونيناف وعولمي وبن حمادي، بالإضافة إلى عائلة رئيسي الوزراء الأسبقين سلال وأويحيى وعائلة اللواء عبدالغني هامل المدير الأسبق للشرطة الجزائرية، وعائلة وزير العدل الأسبق الطيب لوح، وجميعهم يقبعون في سجن الحراش في العاصمة بتهم فساد.
واستناداً إلى ما كشفه قاضي التحقيق بمحكمة "سيدي أمحمد" في ديسمبر/كانون الأول 2019 خلال محاكمة رؤوس نظام بوتفليقة، ظهرت أرقام جديدة عن الخسائر التي تسبب فيها المتهمون.
وبلغت خسائر الخزينة العمومية في عهد رئيس الوزراء الأسبق عبدالمالك سلال "24 مليار دينار جزائري"، أي ما قيمته "نحو 2 مليار دولار"، دون احتساب الأموال المنهوبة والمزايا التي حصل عليها من رجال أعمال "مصانع تركيب السيارات" فاقت قيمتها "4 ملايين دولار"، وفق أرقام المحكمة.
كما بلغت خسائر الخزينة العمومية الجزائرية في عهد "حكومات" أحمد أويحيى "77 مليار دينار جزائري"، والتي تعادل "6.4 مليار دولار" في "قضية فساد واحدة" تتعلق بـ"مصانع تركيب السيارات".
وفي القضية ذاتها، تسبب وزير الصناعة والمناجم الجزائري الأسبق بدة محجوب في خسارة مادية قدرت بـ"8 مليار دينار جزائري"، والتي تعادل نحو "660 مليون دولار"، إضافة لتسجيل خسائر للخزينة العمومية في عهد وزير الصناعة والمناجم الأسبق يوسف يوسفي بقيمة "29 مليار دينار جزائري" والتي تعادل "2.4 مليار دولار".
أما وزير القطاع ذاته عبدالسلام بوشوارب الهارب إلى وجهة مجهولة، فقد كشف القضاء الجزائري عن تسببه في خسائر فاقت "15 مليار دينار جزائري" والتي تعادل نحو "1.2 مليار دولار".
ويصل إجمالي الخسائر التي تكبدها الاقتصاد الجزائري من "قضية فساد واحدة" مرتبطة بمصانع تركيب السيارات الأجنبية إلى "12.668 مليار دولار أمريكي"، فيما تتواصل التحقيقات مع المتهمين ذاتهم في قضايا أخرى مرتبطة بقضايا فساد أخرى، مثل الطريق السيار شرق – غرب، وقضية سوناطراك، وغيرها من القضايا.
مليارات الدولارات المهربة
وفي الوقت الذي استبعد فيه الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون وجود أرقام "مضبوطة" عن قيمة الأموال التي تم تهريبها في عهد الرئيس المخلوع عبدالعزيز بوتفليقة، فإن وسائل إعلام محلية وأجنبية، بالإضافة إلى تقارير منظمات دولية كشفت عن "جانب من الأموال المهربة".
وذكرت وسائل إعلام محلية في الجزائر عن أن قيمة الأموال المهربة "التي اكتشفتها السلطات الجزائرية" فاقت "200 مليار دولار"، تتوزع بين عدة بنوك أوروبية وآسيوية وحتى في أمريكا اللاتينية.
"دمار اجتماعي"
في مقابل ذلك، تكشف أرقام أخرى على الجبهة الاجتماعية "حجم اليأس" الذي خلفه نظام الرئيس الجزائري السابق داخل المجتمع الجزائري.
وكشف تقرير للرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان عام 2017 عن "هجرة 2 مليون جزائري منذ 1999 إلى 2015" إلى الخارج بـ"طريقة شرعية" في ظرف 15 عاماً فقط.
وارتفعت الهجرة غير الشرعية في العقد الأخير من حكم بوتفليقة للجزائر، لتصل معدل "الحراقة" (المهاجرون السريون) كما يسمون في الجزائر إلى "17 ألفاً و500 مهاجر سري سنوياً" منذ 2017.
بينما وصل عدد الجزائريين الذين ماتوا غرقاً من 1994 إلى نهاية 2018 نحو "723 جزائرياً" وفق تقرير صادر عن الجمعية الأوروبية ضد وفيات اللاجئين في 2018.
وبلغت "أرباح" شبكات تهريب الجزائريين نحو أوروبا وفق تقرير المنظمة ذاتها "6 مليارات و800 مليون دولار سنويا".
وتكشف الأرقام الرسمية أيضا الصادرة عن مختلف الوزارات والمنظمات الحكومية وغير الحكومية، عن وفاة "مليون جزائري سنوياً" لأسباب مختلفة في العقد الأخير، أبرزها الأمراض على رأسها "أمراض السرطان والقلب وارتفاع ضغط الدم"، بالإضافة إلى حوادث المرور.
ويعزو المختصون أسباب ذلك إلى الفساد المستشري في قطاعات الصحة والأشغال العمومية بالجزائر، نتيجة نهب جزء كبير من موازنات المستشفيات والطرقات، والغش في المشاريع، وعدم تطوير القطاع الصحي بما يتماشى مع طبيعة الأمراض التي يعاني منها الجزائريون، بالإضافة إلى استيراد مواد مسمومة، وقِدم قنوات المياه، واستعمال مواد مسرطنة في "تحلية المياه"، وكلها نتيجة "صفقات مشبوهة" لعدد كبير من النافذين من نظام بوتفليقة مع شركات محلية وأجنبية لا تستجيب للمعايير الدولية.