تضمنت رفع الوقود.. موازنة تكميلية بالجزائر أكثر تقشفا
من أكثر البنود في الموزانة التي أثارت الانتقادات فرض رسوم جديدة على استهلاك الوقود للمرة الرابعة منذ 2014
أجبرت تداعيات جائحة كورونا وتبعات تراجع أسعار النفط الحكومة الجزائرية على إعداد موازنة تكميلية لطرحها على البرلمان، والتي وصفت بأنها "الأكثر تقشفاً منذ عقدين".
ويعقد المجلس الشعبي الوطني الجزائري (الغرفة السفلى للبرلمان)، غدا الأحد، جلسة علنية للتصويت على مشروع الموازنة ، وسط انقسام بين النواب حول عدد من الإجراءات التي تضمنتها الموازنة، خاصة رفع أسعار الوقود.
وقالت الحكومة الجزائرية في بيان سابق إن إقرار موازنة تكميلية لعام 2020 لتصحيح الآثار الصحية والاقتصادية الحالية.
من جانبه، انتقد رئيس الوزراء الجزائري عبد العزيز جراد ما تضمنته موازنة 2020 التي أقرها سلفه نور الدين بدوي، واتهمه بـ"إعداد موازنة لإثارة الفوضى والبلبلة" على خلفية إقرارها ضرائب كبيرة خاصة على سكان جنوب البلاد.
إجراءات تقشفية
وفي عرضه لأبرز معالم ومؤشرات مشروع الموازنة التكميلية، كشف وزير المالية الجزائري عبد الرحمن رواية أمام النواب عن أبرز ما تضمنته الموازنة من تغييرات وقرارات جعلت منها "الموازنة الأكثر تقشفاً منذ عقدين".
فقد قررت الحكومة خفض السعر المرجعي لبرميل النفط المعتمد في الموازنة التكميلية إلى 30 دولاراً للبرميل بعد أن كانت 50 في موازنة 2020، نتيجة التذبذب في سعر برميل الخام الجزائري منذ بداية العام الحالي الذي انتقل متوسط سعره من 60 دولاراً للبرميل إلى 34.2 دولاراً للبرميل خلال شهر مارس/أذار الماضي.
كما تضمنت رفع تخفيض ميزانية التسيير من 30% إلى 50% على أن يشمل التخفيض نفقات الدولة والمؤسسات التابعة لها.
بالإضافة إلى تخفيض فاتورة الواردات بقيمة 10 مليارات دولار من 41 مليار دولار إلى 31 مليار دولار، وتخفيض موازنة شركة سوناطراك النفطية بنسبة 50 % من 14 مليار دولار إلى 7 مليارات دولار.
كما تضم إلغاء إبرام عقود الدراسات والخدمات مع المكاتب الأجنبية في مختلف المشاريع والتي تكلف الجزائر سنوياً 7 مليارات دولار، وتجميد المشاريع الكبرى باستثناء المشاريع التنموية في المناطق الفقيرة.
ومن أكثر بنود الموازنة التكميلية التي أثارت انتقاد نواب البرلمان الجزائري، فرض رسوم جديدة على استهلاك الوقود للمرة الرابعة منذ 2014، في محاولة لـ"تقليص الاستهلاك الواسع وتبذير الطاقة وتماشياً مع إجراءات تقليص الإنفاق" وفق منظور الحكومة الجزائرية.
واقترحت الحكومة الجزائرية في نص موازنتها التكميلية رفع قيمة الرسم المنتجات البترولية بواقع 3 دنانير للتر بالنسبة لفئات البنزين الثلاث و 5 دنانير للتر بالنسبة للغاز.
وحددت أسباباً لزيادة الرسوم على الوقود، بينها الآثار الوخيمة التي التوازنات العمومية الناجمة عن العجز الكبير في الموازنة وميزان المدفوعات، الأمر الذي يستلزم – بحسب الحكومة - إعادة النظر في أسعار الطاقة.
كما تضمن مشروع القانون رفع قيمة الرسم على معاملات السيارات السياحية الجديدة ذات محرك بنزين والدييزال.
إجراءات تحفيزية
في مقابل ذلك، تضمن نص الموازنة التكميلية بعض الإجراءات التحفيزية التي تهدف إلى تخفيف الأعباء الاجتماعية والاقتصادية التي فرضتها جائحة كورونا وتأثير تراجع أسعار النفط على القدرة الشرائية للمواطن وعلى الاقتصاد الجزائري.
حيث تضمنت إلغاء الضريبة على المداخيل التي تقل أو تساوي 30 ألف دينار ابتداء من يونيو القادم، ورفع الأجر الوطني الأدنى المضمون بزيادة ما يقرب من (15.64 دولار أمريكي) ليصبح 20 ألف دينار (220 دولار أمريكي) اعتباراً من يونيو القادم، وكذا إلغاء نظام التصريح المراقب على المهن الحرة.
تشجيع الاستثمار
واقترحت الموازنة التكميلية الجزائرية للمرة الأولى "ثورة في قوانين الاستثمار" وفق الخبراء الاقتصاديين، بعد سنوات من التمسك بما كان يعده المستثمرون الأجانب "عراقيل وقوانين مثبطة للاستثمارات".
وألغى المشروع للمرة الأولى منذ عقد القاعدة الاستثمارية 49/51 في جميع القطاعات باستثناء القطاعات الاستراتيجية المتعلقة بالنفط والمناجم، ما يفتح مجال الاستثمارات أمام الشركاء الأجانب دون الالتزام بالشراكة مع الطرف الجزائري الذي كان يحوز على 51 % من أسهم الشراكة.
كما اقترحت الموازنة التكميلية كذلك إلغاء "حق الشفعة" الذي كان يمنع على الشركات الأجنبية بيع أصولها لطرف ثالث إلا بموافقة الحكومة الجزائرية منذ 2009، فيما بقي القانون فقط في قطاع المحروقات.
وأعفى مشروع القانون مادة قانونية أقرت في موازنة 2016 التي ألزمت تمويل الاستثمارات الأجنبية باللجوء إلى التمويلات المحلية، بهدف الانفتاح أكثر على الاستثمارات الأجنبية الجادة.
وأرجعت الحكومة الجزائرية مقترحات التحفيزات الاستثمارية التي اقترحتها إلى "ضمان الشفافية في ملكية رأس المال، ويلزم أيضا المستثمر الأجنبي باتخاذ القرار الاستراتيجي لنقل التكنولوجيا".
بالإضافة إلى إعطاء "إشارة قوية للمستثمرين الأجانب من خلال تغييرات جاذبة لرأس المال الأجنبي وضمان حرية ريادة الأعمال.
وتوقعت حكومة عبد العزيز جراد أن يصل عجز الموازنة العامة إلى 20 مليار دولار، مقابل عجز بقيمة 30 مليار دولار في الخزينة العمومية.
بالإضافة إلى توقعات بعجز في الميزان التجاري يصل إلى 16 مليار دولار مع نهاية ديسمبر/كانون الأول المقبل، واستمرار في تآكل احتياطات الصرف إلى 44.2 مليار دولار بعد أن كانت التوقعات في موازنة 2020 نحو 51.6 مليار دولار.