تلفزيون الجزائر يبث صورا مروعة لأول مرة عن "دواعش التسعينيات"
في الذكرى الـ12 لإقرار ميثاق السلم والمصالحة يعيد الإعلام الجزائري إلى الأذهان بشاعة الإرهاب في تحفيز للجزائريين لردع أي محاولة لعودته
أفرج التلفزيون الجزائري لأول مرة عن أرشيف صور "صادمة ومروعة" تعود لضحايا الجرائم التي اقترفتها الجماعات الإرهابية في فترة "العشرية السوداء" خلال تسعينيات القرن الماضي.
وجحيم الإرهاب هذا الذي عاشه الجزائريون في تلك الفترة عرضه التلفزيون الجزائري بالصوت والصورة من خلال تقرير تلفزيوني بعنوان "حتى لا ننسى".
وعاد من خلاله بذاكرة الجزائريين عبر مشاهد تعرض لأول مرة إلى أخطر وأحلك فترة أمنية وسياسية واقتصادية مرت بها الجزائر منذ استقلالها، وكان صادما كما أجمع عليه الكثير من الجزائريين.
الفيلم الوثائقي الذي عرض بمناسبة مرور 12 عاما على إقرار ميثاق السلم والمصالحة والوطنية في 29 سبتمبر/أيلول عام 2005، حاول من خلاله التلفزيون تذكير الجزائريين بعشرية سوداء "قد تعود" إذا توفرت نفس أسباب عشرية التسعينيات، بمشاهد أبكت الجزائريين وحرقت قلوب ضحايا جماعات إرهابية لم يكن لها أي هدف سوى استباحة الدم الجزائري.
ومن خلال اللقطات المعروضة، يتضح أن الإرهاب لم يكن يفرق بين طفل وامرأة وطاعن في السن ورجل، حتى أن من ضمن ضحاياه كان أطفال رضع بحسب شهادات سابقة لآباء وأمهات قالوا إن الإرهابيين أحرقوا فلذات أكبادهم أمام أعينهم "فوق مقلاة كما يشوى لحم الحيوان".
والملاحظ أيضا في تلك الصور وشهادات سابقة أن الطريقة الهمجية والوحشية التي استعملتها الجماعات الإرهابية في الجزائر في تلك الفترة تشبه إلى حد كبير الطريقة التي تنتهجها الجماعات الإرهابية حاليا في العالم خاصة تنظيم داعش.
وكثير ممن شاهدوا التقرير التلفزيوني "لا ننسى" أطلقوا تسمية جديدة لوحشية الجماعات الإرهابية في فترة التسعينيات، وهي "دواعش التسعينيات".
وعلى الرغم من المشاهد الصادمة التي فاجأت الجزائريين- خاصة أولئك الشباب الذين لم يعيشوا تلك الفترة- وعرضها التلفزيون الجزائري عبر قنواته الثلاث، إلا أنه لم يسبق عرض التقرير بتنبيه عن بشاعة الصور، وتحذير المشاهدين خاصة منهم الأطفال وأصحاب القلوب الضعيفة من مشاهدة محتوى التقرير، كما لم يغطِ مشاهد الدم كما جرت عليه العادة.
وتعرض "بوابة العين الإخبارية" بعضا من هذه الصور، فيما تعتذر عن نشر صور أخرى لبشاعتها.
و"العشرية السوداء" امتدت في الجزائر منذ بداية التسعينيات حتى نهايتها، وخلفت 200 ألف قتيل ومئات المفقودين وخسائر اقتصادية تقدر بـ 50 مليار دولار.
وبعد نجاح القوات الجزائرية في إفشال مخطط تلك الجماعات الإرهابية في الوصول إلى الحكم أو تمزيق البلاد، ونجاحها في إضعافها حتى أوقفت إرهابها، طرحت البلاد استفتاء للتصويت على ميثاق السلم والمصالحة الوطنية في 29 سبتمبر/أيلول 2005، وحصل على تأييد بنسبة 97% من الأصوات، وتضمن العفو عن التائبين، خاصة أولئك "المغرر بهم".
واستثنى القانون من العفو كل المتهمين بارتكاب مجازر جماعية، ووضع المتفجرات في الأماكن العمومية، والاغتصاب، وكذلك تضمن منع كل من تم العفو عنهم من ممارسة أي نشاط سياسي مهما كان.
وفي عام 2006 أصبح الميثاق قانونا، وساهم في تخلي عدد كبير من الإرهابيين عن السلاح، حيث تذكر أرقام رسمية أن عدد المستفيدين من العفو بلغ أكثر من 15 ألف شخص، مع إعادة أكثر من 4300 شخص إلى وظائفهم.
أما الإرهابيون الذين لمن ينخرطوا في المصالحة ولقوا مصرعهم خلال القتال فقد زاد عددهم على 17 ألف إرهابي.