جنازات مهيبة.. هلاك 11 مهاجرا سريا جزائريا غرقا في البحر
في "جنازات بالجملة" مهيبة، خيم عليها الحزن والبكاء، شيُعت، مساء أمس الأربعاء، جثامين 11 شاباً جزائرياً هلكوا بالبحر.
وودع أهالي محافظة تيبازة الواقعة في شمال الجزائر، 11 شاباً كانوا ينوون الهجرة بطريقة سرية عبر قوارب مطاطية إلى أوروبا، لكن مصيرهم كان الهلاك غرقاً وبشواطئ تيبازة.
- نزيف أطباء الجزائر.. 4000 طبيب يطلبون الهجرة
- الجزائر ترفض ضغوط أوروبا في ملف الهجرة السرية: لن نكون شرطيا لكم
وتداول جزائريون عبر مواقع التواصل الاجتماعي صورا لمراسم دفن الشباب الـ11 الذي قضوا في البحر، بحضور عدد غفير من عائلاتهم وسكان المحافظة.
يأتي ذلك، فيما تحدثت صفحات عبر مواقع التواصل الاجتماعي من محافظة تيبازة بأن 4 آخرين لا يزالوا في عداد المفقودين، وطالبوا من السلطات الجزائرية التدخل لمعرفة مصيرهم أو إنقاذهم من الموت المحتم.
أسباب كثيرة وعميقة
وفي وقت سابق، أكد أخصائيون جزائريون لـ"العين الإخبارية" بأن المعطيات الرسمية تؤكد عودة تنامي ظاهرة الهجرة السرية بالجزائر، بالإضافة إلى كونها منطقة عبور مهاجرين غير شرعيين من الساحل والصحراء باتجاه أوروبا، وسط تحرك رسمي لردع هذه الظاهرة التي بدأت تقلق السلطات الجزائرية.
وتزايد عدد المهاجرين السريين دفع السلطات الأمنية الجزائرية لتكثيف عملياتها الأمنية على طول سواحل البلاد لإحباط محاولات الهجرة السرية نحو الضفة الشمالية.
وأوضح الخبراء في تصريحاتهم لـ"العين الإخبارية" بأن الهجرة السرية في الجزائر مرتبطة بـ"أسباب عميقة وموضوعية حاضرة بشكل دائم مرتبطة بواقع المجتمع الجزائري، على عدة مستويات سياسية واقتصادية، وعلى مستوى الشباب والديمغرافي".
واعتبروا أن هناك من الأسباب تعمل على زيادة حدة الظاهرة أو تقلل منها، ومن أبرز الأسباب التي دفعت لزيادة الهجرة السرية بالجزائر مؤخراً ما وصفها الأكاديمي بـ"يأس الشباب الجزائري". مرجعين ذلك إلى "عدم تحسن ظروفهم المعيشية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، وغياب حلول سياسية"، بالإضافة إلى "حالة الطقس" التي ساهمت أيضا في تحفيز المهاجرين على التنقل إلى أوروبا بطرق غير شرعية.
ونوه الخبراء لما أسموه "بقاء الظروف الموضوعية الثقيلة والتي ازدادت حدتها مع جائحة كورونا" التي لم تمنع أو تردع اليائسين من التفكير بالمغامرة بحياتهم عبر قوارب الموت، بحثاً "عن الجنة الموعودة" كما يصفها الخبراء.
"تجارة" غير شرعية
في مقابل ذلك، تشير تقارير وزارة الدفاع الجزائرية ودراسات إخصائيين إلى واحد من "أخطر أسباب" تزايد وتيرة الهجرة غير الشرعية بالجزائر، والمتعلقة بـ"زيادة شبكات المتاجرة بالمهاجرين السريين" مع ارتفاع تكاليفها.
وتعتبر التقارير الواردة أن ارتفاع منسوب الهجرة السرية بالجزائر مرتبط بـ"عامل غير بريء" تقف وراءه شبكات منظمة تتعدى حدود الجزائر وترتبط بجهات كانت نافذة في السلطة، تهدف من ورائها لزيادة الضغط على النظام الجزائري، بحسب تحليلاتها.
وكشفت الأجهزة الأمنية الجزائرية في الأشهر الأخيرة عن تفكيك عدة شبكات تعمل على تنظيم رحلات الهجرة السرية البحرية باتجاه أوروبا، تركز في نشاطها على مواقع التواصل الاجتماعي للترويج لتجارتها غير الشرعية، وهي التجارة التي عدها الخبراء "تجارة رابحة لتلك الشبكات المشبوهة".
ويرى الإخصائيون أن تلك الشبكات ترتكز في عملها على نفس منهج الجماعات الإرهابية في "استغلال ظروف الشباب من البطالة والفقر ومختلف مشاكلهم اليومية لاستقطابهم والترويج للرفاهية في أوروبا".
فيما تكشف المعلومات التي تقدمها الجهات الأمنية الجزائرية عن ارتفاع كلفة الهجرة السرية من الجزائر، والتي تفرضها تلك الشبكات على الجزائريين، بشكل مضاعف عن تكاليف الهجرة القانونية سواء عبر الرحلات الجوية أو البحرية.
ووصلت قيمة الهجرة غير الشرعية للشخص الواحد بين 80 مليون دينار (622 ألف دولار) إلى 120 مليون دينار (933 ألف دولار) عبر قوارب مطاطية أو تقليدية تنتهي في الغالب بغرق بعضها أو توقيفها، مع وصول عدد كبير منهم إلى الدول الجنوبية من الاتحاد الأوروبي، إلا أن الأكاديمي الجزائري الدكتور ناصر جابي اعتبر أن الشباب الجزائري الذي يدفع ذلك المبلغ الكبير مقابل هجرة محفوفة بالمخاطر وغير مضمونة نحو أوروبا "يفكر أنها استثمار يمكن تعويضه خلال فترة عمل قصيرة في أوروبا".
ولم يستبعد في المقابل أن تتحول تلك الشبكات إلى عصابات منظمة مع توسع إمكانياتها المادية من عائدات الهجرة السرية.