معهد أمريكي: منح واشنطن الأولوية للجزائر يكبح النفوذ الروسي
معهد واشنطن يطالب إدارة ترامب بأهمية ضمان المصالح الأمريكية في الجزائر لمواجهة النفوذ الروسي
على الرغم من ارتباط الجزائر وواشنطن بعلاقات أمنية واستخباراتية استراتيجية، واعتبار البيت الأبيض الجزائرَ شريكا مهما في مكافحة الإرهاب، إلا أن ذلك يبقى غير كاف بالنسبة لمعهد واشنطن لضمان المصالح الأمريكية في بلد يقول المعهد إن الولايات المتحدة تتعامل "بحذر معه"، خاصة عندما يتعلق الأمر بمنافس قوي مثل روسيا.
وأوصى المعهد في دراسة أجراها تحت عنوان "روسيا تشق طريقها في شمال إفريقيا"، إدارة دونالد ترامب بضرورة "منح الجزائر أولوية من ناحية تحقيق انفتاح اقتصادي وسياسي"، إضافة إلى "العمل على انخراط الشركات الأمريكية في قطاعات الطاقة والأعمال والقطاع العسكري لمواجهة النفوذ الروسي في الجزائر".
كما دعا إلى تخلي البيت الأبيض عن "الحذر التقليدي" في علاقات واشنطن مع الجزائر، والاستفادة من شريك أساسي في مجال الأمن لتوسيع العلاقات مع أكبر بلد إفريقي".
وحذر المعهد المعروف بقربه من دوائر صنع القرار في واشنطن، إدارة ترامب مما أسماه "غياب موقف حازم من جانب الولايات المتحدة تجاه التوسع الروسي، المستمر والمتنامي على الأرجح في جميع دول المغرب العربي"، واصفا في السياق ذاته النفوذ الروسي "بالتحدي الكبير للمصالح الاستراتيجية الأمريكية".
التعاون العسكري
وكان حجم التعاون العسكري بين الجزائر وموسكو هو ما حرك أصحاب المعهد الذين ركزوا في دراستهم على الصفقات المبرمة بين الجانبين، حيث كشفت الدراسة أنهما أبرما في 2006 أكبر عملية بيع للأسلحة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي بقيمة 7.5 مليار دولار، لتحديث عتاد الجيش الجزائري.
وعرجت الدراسة كذلك على "النفوذ الاقتصادي الروسي"، من خلال تعزيز حضورها الكبير في قطاعي النفط والغاز، وإن كان المعهد أشار إلى أن الجزائر تنظر إلى روسيا كمنافس لها في مجال الغاز، كون الجزائر تعتبر ثالث أكبر مزود للغاز الطبيعي إلى أوروبا بعد النرويج وروسيا، وهي النقطة التي ترى الدراسة أن على البيت الأبيض الانتباه لها والاستفادة منها.
الاستثمارات الأمريكية في الجزائر
تشير الأرقام أن حجم الاستثمارات الأمريكية في الجزائر بلغ منذ 14 مليار دولار منذ 2014، وأن الجزائر تبقى مستحوذة على 71% من المبادلات التجارية الأمريكية مع دول المغرب العربي، رغم اعتراف المسؤولين الأمريكيين بأن الرغبة الأمريكية في تطوير علاقاتها الاقتصادية مع الجزائر تصطدم بمنافسة "شرسة" مع الصين وروسيا وحتى تركيا.
أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، الدكتور محمد قنطاري، صاحب دراسة "البعد الاستراتيجي لصراع النفوذ الأجنبي على شمال إفريقيا ودول الساحل الإفريقي"، يرى في حديث مع بوابة "العين" الإخبارية "أن الجزائر تحقق حاليا التوازن في التنافس على النفوذ الموجود بين روسيا والولايات المتحدة، من منطلق رغبتها في تنويع شراكاتها وعدم الانخراط مع أي قطب".
وأضاف أن "إدارة ترامب جاءت بوجهات استراتيجية مغايرة لكل الإدارات السابقة، وأصبح هناك توجه أمريكي في تغيير علاقاتها مع الجزائر في شتى المجالات، مع التركيز على الجانب الأمني الذي أكد للأمريكان جدية الطرف الجزائري، وشجعهم على تغيير نظرتهم تجاه بلد كان حكرا على فرنسا والاتحاد السوفياتي".
وعن روسيا قال: "إن نفوذها كان سباقا في المنطقة منذ الاتحاد السوفياتي، وفي عهد بوتين تمكنت من استعادة جزء كبير من ذلك النفوذ خاصة في الجزائر، ونجحت في ذلك من خلال توغلها باستثمارات اقتصادية وعسكرية وتكنولوجية وفضائية وعلمية وصلت إلى العمق الإفريقي الذي يتماشى مع النفوذ الصيني أيضا".
جميعها معطيات "جعلت الولايات المتحدة تهتم أكثر بالجانب الاقتصادي في الجزائر خاصة في قطاع المحروقات".
ومن بين النقاط التي اعتبرها الدكتور قنطاري مهمة ومحددة لأسباب تزايد حدة التنافس بين مختلف القوى هو "أن الجزائر مقبلة على رئاسيات ما يعني عهدا جديدا وسياسة ومصالح جديدة، إضافة إلى دور الجزائر في ظل هذه الظروف والأوضاع الأمنية المحيطة بها في دول الجوار، واستقرار الجزائر بالنسبة لهذه القوى أصبح ضرورة ملحة للحفاظ على مصالحها".