أمريكا والجزائر.. زيارات تخفف من حدة التباينات
تحرص الولايات المتحدة على إبقاء علاقتها بالجزائر في مستوى جيد، رغم دعم الأخيرة لروسيا سياسيا في الأزمة الأوكرانية.
ويقوم مسؤولون أمريكيون بزيارات متعددة للجزائر، كان آخرها الزيارة الحالية لقائد القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا "أفريكوم" الجنرال مايكل لانغلي.
الجنرال لانغلي التقى الليلة الماضية الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، في قصر المرادية الرئاسي، لبحث التعاون المشترك بين البلدين في المجال العسكري.
وينص الدستور الجزائري على أن يتولى الرئيس منصب وزير الدفاع، بينما يعد رئيس الأركان هو القائد الفعلي للجيش.
وفي تصريحات للصحفيين عقب اللقاء أكد الجنرال لانغلي أنه تبادل مع الرئيس تبون وجهات النظر التي ستشكل "أرضية صلبة للعمل معا".
وقال إن "النقاش خلال اللقاء دار حول التعاون وعلاقاتنا بشركائنا من أجل تعزيزها وتوطيدها أكثر، خاصة بالنظر لخبرة الجزائر في مكافحة الإرهاب".
مباحثات عسكرية
كما التقى القائد العسكري الأمريكي الفريق أول السعيد شنڨريحة، رئيس الأركان الجزائري بمقر قيادة الجيش، حيث جرت مراسم استقبال رسمية للمسؤول الأمريكي.
وذكر بيان لوزارة الدفاع الجزائرية أن الجانبين تطرقا إلى التحديات الأمنية التي تواجهها القارة الأفريقية وتبادلا وجهات النظر حول القضايا ذات الاهتمام المشترك، والوسائل الكفيلة بتعزيز علاقات التعاون العسكري بين البلدين.
من جانبه، أكد الفريق شنقريحة أن هذه الزيارة تعد فرصة للطرفين من أجل تجديد التزامهما بالعمل سويا على توسيع مجالات التعاون العسكري الثنائي.
وقال "كما تعد هذه الزيارة فرصة بإمكاننا استغلالها سويا لتجديد التزامنا بهدف توسيع مجالات تعاوننا العسكري والتطرق، بكل براغماتية وموضوعية، للمسائل ذات الاهتمام المشترك في المنطقة".
وأشار إلى أن الوضع الأمني السائد على الساحة الدولية يتسم بظهور النزاعات المسلحة وتفاقم الأزمات والتوترات، مما أدى إلى اضطراب النظام العالمي القائم.
وأكد أن هذا الوضع يتطلب تعبئة كافة الفاعلين للانخراط في رؤية جديدة لقانون دولي أكثر إنصافا، تسمح بضمان الاستقرار والتنمية والرفاهية لكافة الشعوب دون تمييز".
رئيس الأركان الجزائري أشاد كذلك بالتعاون العسكري الثنائي بين البلدين، الذي ينعكس من خلال النشاطات المختلفة، المنفذة في إطار تبادل الخبرات المتعلقة بمكافحة الإرهاب، من تدريب عناصر الجيش الجزائري والمساعدة التقنية.
وأعرب الفريق شنقريحة عن استعداد بلاده لدفع مجالات التعاون العسكري الثنائي قدما إلى الأمام، خاصة أن الحوار العسكري المشترك، الذي شرع في سنة 2005، يحدد أهدافا طموحة في هذا المجال.
مواقف متباينة
وتطرق رئيس الأركان الجزائري إلى موقف بلاده من الأزمات الدولية من بينها حرب أوكرانيا، قائلا إن "الجزائر تتشبث بمبدأ عدم الانحياز، وتتعامل في إطار خدمة مصالحها، مع دول صديقة كثيرة تربطها معها علاقات عسكرية واقتصادية.
وتربط الجزائر بروسيا علاقات قوية، حيث تعتمد الأولى في تسليح جيشها بنسبة كبيرة على السلاح الروسي، بالإضافة إلى وجود علاقات اقتصادية وسياسية متميزة ظهرت جليا مع الأزمة الأوكرانية، حيث دعمت الجزائر موقف موسكو سياسيا.
وفي شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أجرت القوات البحرية الجزائرية والروسية مناورات مشتركة في البحر المتوسط، في كسر للطوق الغربي المفروض على موسكو منذ بداية الأزمة الأوكرانية.
واقتصاديا، رفضت الجزائر الاستجابة للضغوط الغربية لزيادة إمدادات الطاقة لتعويض الغاز الروسي، رغم وفرة الإنتاج الجزائري وقربها الجغرافي من أوروبا، فيما بلغت قيمة التبادل التجاري بين البلدين في 2021، 3 مليارات دولار رغم أزمة كورونا، بالإضافة إلى التنسيق المستمر بين البلدين في إطار منتدى الدول المصدرة للغاز، في اجتماعات الدول المصدرة للنفط "أوبك+".
ومن جانبها، تحرص روسيا على تطوير علاقتها بالجزائر، في ظل ما يشهده جوارها من أزمات في ليبيا ومالي ودول الساحل، للمحافظة على الدور الروسي في المنطقة.
ودعا شنقريحة إلى مزيد من التعاون بين الجزائر وأمريكا كون بلدينا منخرطين في مسار تحسين الوضع الأمني في القارة الأفريقية، وبإمكانهما تقديم العون والمساعدة لبعض البلدان التي هي في حاجة إليها، من أجل الاضطلاع بمهامها السيادية، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالسلم والأمن، حسب قوله.
من جهته، عبر قائد القيادة الأمريكية لأفريقيا عن سعادته بزيارة الجزائر، التي أتاحت له فرصة التباحث مع القيادة العليا للجيش الجزائري حول مختلف القضايا الأمنية المطروحة على الساحتين الدولية والإقليمية، مؤكدا التفاهم المتبادل حول بعض الملفات الإقليمية، وإمكانيات الطرفين لتطوير تعاونهما.
الكونغرس غاضب
وفي شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تعرضت الجزائر لانتقادات داخل الكونغرس الأمريكي بسبب مشترياتها من السلاح الروسي، وأصدر 27 عضوا لائحة ضد الجزائر بسبب هذا الأمر.
إلا أن الإدارة الأمريكية أعربت عن دعمها للجزائر من خلال لقاء السفيرة الأمريكية بالجزائر إليزابيث مور أوبين، مع وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، وهو اللقاء الذي غردت بعده أوبين على تويتر قائلة "يسعدني دائمًا مقابلة وزير الخارجية رمطان لعمامرة ومناقشة العلاقة الثنائية القوية والمتنامية بين الولايات المتحدة والجزائر".
وسبق لقاء لعمامرة مع السفيرة أوبين لقاؤه بويندي شيرمان نائبة وزير الخارجية الأمريكي ومساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى السفيرة باربرا ليف، في سبتمبر/أيلول الماضي.
ومنذ بدء الحرب الأوكرانية، تحولت الجزائر إلى محطة مهمة لزيارات المسؤولين الأوروبيين والغربيين في محاولة لإقناع الجزائر بمد أوروبا بالغاز لتعويض الغاز الروسي.
وكان آخر تلك الزيارات التي قامت بها رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني الشهر الماضي، والتي تم خلالها التوقيع على عدة اتفاقيات للتعاون المشترك.
aXA6IDMuMTMzLjEyOC4yMjcg جزيرة ام اند امز