لأول مرة منذ 20 عاما.. "زروال" في قصر الرئاسة بالجزائر
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون يستقبل بالقصر الرئاسي الرئيس الأسبق اليامين زروال
لم يدخل الرئيس الجزائري الأسبق اليامين زروال قصر "المرادية" الرئاسي في البلاد ، إلا اليوم الإثنين وذلك بعد مرور 20 عاما، منذ أن غادره مُخيراً في 15 أبريل/نيسان 1999.
حدثٌ ومشهدٌ "نادرٌ" اهتم له الجزائريون، بعد إعلان الرئاسة الجزائرية، مساء اليوم الإثنين، بأن الرئيس الحالي عبد المجيد تبون استقبل الرئيس الأسبق اليامين زروال بالقصر الرئاسي
- زروال يلتحق بركب المتبرعين لمواجهة كورونا في الجزائر
- زروال في أول تعليق على أزمة الجزائر: تعقلوا لتجنب أي انزلاق
وتعد هذه المرة الأولى التي يعود فيها اليامين زروال إلى القصر الرئاسي بالعاصمة الجزائرية منذ انسحابه المفاجئ من الحكم، عقب خطابه الشهير في سبتمبر/أيلول 1998 الذي دعا فيه إلى انتخابات رئاسية مسبقة قرر عدم الترشح لها.
ولم يُكمل حينها زروال ولايته الرئاسية الأولى المحددة بخمسة أعوام، والتي بدأت في نوفمبر/تشرين الثاني 1995عقب فوزه في أول انتخابات رئاسية تعددية في البلاد، قاد قبلها البلاد لفترة انتقالية لمدة عام عقب تعيينه وزيراً للدفاع الوطني وانتهاء الولاية الدستورية لـ"المجلس الأعلى للدولة".
وقاد هذا المجلس الجزائر أيضا لفترة انتقالية بعد استقالة الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد في يناير/كانون الثاني 1992، فقرر الجيش الجزائري تكليف "مجلس انتقالي" من 6 أعضاء لقيادة البلاد مؤقتاً.
ويتذكر الجزائريون ذلك الحدث يوم 27 أبريل/نيسان 1999، حيث آخر يوم في حكم زروال للجزائر، إذ كانوا على موعد مع "مشهد مثير وغير مألوف في البلاد".
موقف الرئيس الجزائري الأسبق أكسبه ذلك تقديراً واحتراماً شعبياً "نادراً" لشخصية سياسية وعسكرية حكمت الجزائر في أصعب مراحلها، ليعود بعدها زروال إلى بيته في محافظة باتنة الكائن بحي "بوزوران"، ولُقب معها بـ "الرئيس المتقاعد برتبة مواطن".
وبعد تسليمه السلطة لبوتفليقة، كشفت وسائل إعلام جزائرية أن زروال رفض العودة إلى مسقط رأسه بمدينة باتنة على متن طائرة رئاسية، وفضل طائرة الخطوط الجوية الجزائرية مع بقية المسافرين.
حدث نادر
واعتبر مراقبون أن مشهد دخول اليامين زروال قصر "المرادية" الرئاسي "حدث غير مسبوق"، لعدة اعتبارات، أبرزها أنه "كان الرئيس الجزائري الأسبق الوحيد الذي رفض دعوات الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة لزيارته في العاصمة".
رغم أن بوتفليقة نجح في جمع 3 رؤساء جزائريين سابقين في "مشهد نادر" أيضا، وذلك عشية احتفال الجزائر بذكرى اندلاع ثورتها التحريرية في الفاتح نوفمبر/تشرين الثاني 2010.
واجتمع بوتفليقة مع أول رئيس للجزائر وهو الراحل أحمد بن بلة (1962 – 1965)، والرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد (1979- 1992) ورئيس المجلس الأعلى للدولة الأسبق علي كافي (1992 – 1994)، رغم خلافاته "التاريخية" مع الرئيسين الأخيرين.
غير أن الرئيس الجزائري الأسبق اليامين زروال كسر القاعدة التي سعى بوتفليقة لتكريسها، وجعل من ذلك المشهد "ناقصاً" لـ"أسباب بقيت مجهولة".
كما أنه منذ انسحابه من الحكم وتسليمه السلطة لخلفه عبد العزيز بوتفليقة، ابتعد زروال عن الأضواء وقرر الاعتزال والاعتكاف في "منزله البسيط" بمحافظة باتنة الواقعة شرق الجزائر، التي تعتبر منطقة تاريخية باعتبارها "مهد الثورة التحريرية ضد الاستعمار الفرنسي".
واستغل بوتفليقة زيارته الأولى للمدينة في 2003 لزيارة زروال في منزله العائلي، وكان ذلك أول ظهور له منذ مغادرته الحكم، والتقى الرئيسان السابقان مرة أخرى "بعيداً عن وسائل الإعلام" في 2008 بمنزل زروال أيضا.
ووفق تقارير إعلامية جزائرية، فقد "رفض" بعدها اليامين زروال طلب بوتفليقة للقائه "مرتين"، لأسباب ظلت مجهولة.
عودة "اضطرارية"
وعاد اسم زروال لواجهة الأحدث في أبريل/نيسان 2019، بعد أن أصدر بياناً وضّح فيه حقيقة "محاولة رئيس جهاز المخابرات الأسبق الجنرال محمد مدين توريطه في قضية الانقلاب على قيادة أركان الجيش".
وأكد الرئيس الجزائري الأسبق أن لقاء الجنرال المعروف إعلامياً بـ"توفيق"، وكشف عن رفضه اقتراح الأخير له لرئاسة هيئة مكلفة بتسيير المرحلة الانتقالية بالاتفاق مع السعيد بوتفليقة (شقيق الرئيس السابق).
عودة زروال حينها إلى المشهد، كانت وفق المراقبين "إيذاناً بخطورة الوضع"، وقد اعترف بذلك في بيانه الذي حصلت "العين الإخبارية" على نسخة منه، وصف فيه الحراك الشعبي بـ""استعادة الشعب السيطرة على مصيره".
كما برر غيابه عن الساحة السياسية ورفضه الدعوات للعودة إلى "المرادية" حتى "يسمح ببزوغ أجيال جديدة لي فيها ثقة كاملة وعملت دائما على تشجيعها" كما يقول.
واليامين زروال هو "الرئيس الجزائري الأسبق الوحيد" الذي طالبه مئات آلاف الجزائريين بالترشح للانتخابات الرئاسية أو قيادة مرحلة انتقالية عقب مظاهرات حاشدة تنقلت واحتشدت أمام منزله العائلي بولاية باتنة في يونيو/حزيران 1999، غير أنه رفض، وشدد على "ضرورة ضخ دماء جديدة في قيادة البلاد" وفق تصريحه.