عتيقة طوبال لـ"العين الإخبارية" بمرارة: التهميش متعمد والمرض ليس عائقا
الفنانة الكوميدية الجزائرية تشتكي تهميشها فنياً في مقابلة مع "العين الإخبارية" وتلقي باللوم على تفضيل شركات الإنتاج الوجوه الجديدة.
في معظم المقابلات الصحفية مع الفنانين، يكشفون فيها عن جديد أعمالهم، لكن مع الفنانة الجزائرية "عتيقة طوبال" كان حديثها عن "التهميش" الذي باتت تعيشه منذ سنوات مع من هم من جيلها.
لم نجد في إجاباتها جديدا سينمائياً أو درامياً، بل كان التهميش هو السيناريو الوحيد الذي فُرض عليها أداء دوره لنحو 4 أعوام، رغم ما كل ما قدمته للفن الجزائري مع عمالقة آخرين، كما قالت في مقابلة خاصة مع "العين الإخبارية".
- سهيلة معلم: تمنيت تجسيد شخصية شهيدة الثورة الجزائرية
- الجزائري سليم الشاوي: غنيت لأم كلثوم وأزفانور.. والمحلي يرمز للأصالة
هي واحدة من أشهر الممثلات والكوميديات في الجزائر، اللواتي ساهمن في صناعة مجد السينما الجزائرية على مدار أكثر من 30 عاماً، حتى إن انطلاقتها كانت الأكثر نجاحاً بدور في الدقائق الأخيرة في الفيلم الكوميدي "التاكسي المخفي" الذي بث عام 1989 على التلفزيون الجزائري الحكومي.
دخلت عالم السينما من أوسع أبوابه من خلال ذلك الدور، ولم يتعد عمرها 17 عاماً، بعد أن تكونت في المسرح على يد عملاقي المسرح مصطفى كاتب وعلال الموحيب.
يعود الفضل في ظهورها السينمائي واكتشاف مواهبها للمخرج بن عمر بختي، في فيلم "التاكسي المخفي"، لتتوالي أعمالها السينمائية، حيث برزت في فيلم "كرنفال في دشرة" (مهرجان في قرية صغيرة) الذي زاد من نجاحها.
وشاركت أيضا في عدة أعمال كوميدية وتراجيدية أخرى بينها مسلسل "فلة والبريء"، وأعمال سينمائية مثل فيمل "التوشية".
اشتهرت أيضا بقصر قامتها، لكنها لم تشكل لها يوماً أي عائق في مسيرتها الفنية، لكن ما كان العائق هو وضعها الصحي الذي تدهور منذ 3 سنوات تقريباً، أجبرها على الخضوع لعملية جراحة دقيقة، تلتها شائعات متكررة عن وفاتها.
تماثلت للشفاء بعد ذلك، ولم تمت كما أشيع عنها، لكنها تتحدث وكأن "هناك من أراد لها أن تموت فنياً" نتيجة ما وصفته بـ"التهميش الممنهج ضدها وكل الفنانين من جيلها أو من سبقوها".
وفي مقابلة خاصة مع "العين الإخبارية"، كشفت الفنانة الجزائرية عتيقة طوبال عن أسباب ابتعادها عن المشهدين السينمائي والدرامي في الجزائر، ونظرتها لواقعهما.
- لماذا هذا الغياب الطويل عن المشهد؟
غيابي عن الساحة الفنية لا يتعلق بي فقط، بل على كل الفنانين القدماء، الحمد لله لجيلنا مستوى كبير جدا، لكن غيابنا يعود بالأساس إلى ظهور هذا الجيل الجديد من الفنانين، لهذا تم تهميشنا.
- من المسؤول عن هذا التهميش؟
المشكلة في شركات الإنتاج، رغم أن الإنتاج السينمائي والدرامي متوفر، لم أعمل منذ 3 سنوات إلى 4 سنوات تقريباً في السينما، نتمنى انطلاقة جديدة، لكن هذه الانطلاقة بحاجة إلى الأسماء القديمة والعريقة.
وعند دخولي إلى عالم السينما شاركت مع كوكبة من عمالقة السينما الجزائرية ممن سبقوني، وهذا هو المطلوب اليوم أيضا، لكننا وجدنا أنفسنا مهمشين كثيرا.. أنا أيضا تعرضت للتهميش، خصوصاً بعد سماعهم بمرضي منذ سنوات، وضعوني في الزاوية، لدي كل الإمكانيات للعمل، نأمل العودة إلى الميدان.
- هل من عروض تلقتها عتيقة طوبال للمرحلة المقبلة؟
نحن لا نعمل إلا الأعمال الرمضانية، نحن مثل حلوى "القطايف.. قلب اللوز"، نعمل شهر رمضان فقط فيما يتعلق بالأعمال الدرامية، والأكثر من هذا يوجهون الدعوة في الدقائق الأخيرة هذا إن اتصلوا بنا أصلاً، خصوصاً مع هذا الجيل الجديد.
وليس لدي مشكل مع الجيل الجديد، لكن على شركات الإنتاج أن تمزج في أعمالها بين الأسماء القديمة والجديدة، أو نجد في بعض الأعمال فنان كوميدي من الجيل القديم وبقية الفنانين من الجيل الجديد، وهو ما يسمح لهم بالتعلم وكسب مهارات جديدة لن يجدوها إلا مع من صنعوا مجد السينما الجزائرية.
- هل غياب الأسماء القديمة أثر على السينما والدراما؟
هناك العديد من الأعمال الدرامية التي بثت في رمضان، نتساءل: هل منها من حقق الصدى المطلوب، وإن كنت أحببت كثيرا مسلسل "أولاد الحلال" و"عاشور العاشر"، لكن هناك أعمال أخرى لم تحقق النجاح المطلوب مقارنة بالإمكانيات المتوفرة لإنتاجه.
وعلى العكس من ذلك، الأعمال الدرامية والسينمائية القديمة لازالت تلقى اهتمام المشاهد، وفي اعتقادي أن من أسباب ذلك يعود إلى كثرة القنوات التلفزيونية، والكثير من المشاهدين يشتكون اليوم من رداءة الأعمال الدرامية، عكس الماضي، في رمضان بعد الإفطار تجد الشوارع فارغة وكأنه حظر للتجول.
وحتى الأعمال السينمائية القديمة لم تمت، لازلت أتابع أعمال الراحل ''المفتش الطاهر"، و"حسان الحساني" والكثير من الأفلام القديمة، ويمكننا أن نعيد مجد السينما الجزائرية، خصوصاً مع بعض المخرجين والمنتجين والمواهب الموجودة، مثل جعفر قاسم.
- ألم يدفع ذلك فناني العصر الذهبي للتحرك بمبادرة للعودة؟
التقيت مع الفنانتين الكبيرتين "بيونة"، و"نوال زعتر"، اتفقنا على التحرك للقيام بعمل مشترك، ننتظر فقط قبوله، وإن شاء الله نسجل به عودتنا.
- كيف كانت بداياتك لدخول السينما الجزائرية؟
أول انطلاقة فنية لي كانت في فيلم "التاكسي المخفي" (تم تصويره بين 1987 و1988 وعرض عام 1989)، كان عمري حينها 17 عاماً، كانت بداية موفقة ورائعة، كان لي الشرف الكبير أن شاركت مع العمالقة الذين لم أكن أشاهدهم إلا في أعمال سينمائية بالأبيض والأسود.
وقبل السينما، درست المسرح 4 سنوات عند الراحل مصطفى كاتب رحمه الله، وعلال الموحب، ثم انتقلت بعدها إلى السينما، وهنا توقفت عن المسرح، كانت لي قناعة آنذاك أن السينما أفضل من المسرح، عدت للمسرح في بعض الفترات فقط.
- شاركت في فيلم "التاكسي المخفي".. ما سر نجاحك؟
نجاح ذلك الدور يعود بالأساس إلى العمالقة الذين شاركوا في العمل السينمائي، والكوميدي الحقيقي ليس معناه حصوله على البطولة، قد يكون لك دور صغير لكنه يحدث نجاحاً كبيرا.
وعندنا مثال كبير مع الممثلة الراحلة "وردية" التي لم تحصل في حياتها على دور البطولة، لكن كل الجزائريين كانوا ينتظرون ظهورها، فهي كانت تسجل هدفها بدقة، ومنذ أيام أعدت مشاهدة فيلم "كحلة وبيضا" (سوداء وبيضاء)، انتظر دائما ذلك المشهد الذي تظهر فيه وردية لأنها كوميدية مبدعة، ولم تتمكن السينما الجزائرية لحد الآن من تكرار تلك الفنانة، وأسماء أخرى بينها "المفتش الطاهر". و"حسان الحساني".
هناك أيضا معلومة مهمة عن حالة الفنان المريض الذي بإمكانه تقديم أعماله الفنية وهو في أسوأ حالته، تتعلق بالراحل حسان الحساني، أدى دوره وهو في لحظاته الأخيرة في فيلم "الصمت" للمخرج الراحل عمار العسكري.. أكملوا التصوير مع الفنان في مستشفى "بني مسوس" بالعاصمة، وفي آخر لحظة من حياته تم الانتهاء من تصوير الفيلم، توفي وهو يؤدي دوره في الفيلم.
- كيف تلخصين واقع السينما في الجزائر اليوم؟
أفضل السينما الجزائرية القديمة، لم تكن الإمكانيات متوفرة، كانت هناك الكثير من الصعوبات في أفلام الأبيض والأسود، كما كان من الصعب على المرأة الجزائرية أن تدخل عالم الفن، عكس وقتنا الحالي، لم تكن العائلات تتقبل أن تصبح ابنتهم فنانة.
ومع ذلك برزت عدة أسماء في ذلك الزمان، منها ياسمينة رحمها الله، واليوم نملك الإمكانيات والعمل غير متوفر، ولم يبق إلا مخرجين أو ثلاثة يعملون بإخلاص من بينهم جعفر قاسم الذي أوجه له تحية كبيرة. فمن ميزته أن حافظ على طريقة الإخراج القديمة، وهناك الكثير من المواهب الصاعدة من المخرجين والكوميديين، لكن فرص العمل السينمائي قليلة، وإلى يومنا لا نعلم أسباب ذلك، والبعض اليوم يبحث عن المال وليس عن تقديم عمل راقٍ.
- بمن تأثرت عتيقة طوبال؟
قدوتي في المجال الفني هي الراحلة "وردية" رحمها الله، من المعجبات بفنها، بالإضافة إلى الفنان عثمان عريوات، لا أستطيع أن أقول أكثر، يستحقان كل التقدير.
aXA6IDUyLjE0LjI1Mi4xNiA= جزيرة ام اند امز