الجزائري سليم الشاوي: غنيت لأم كلثوم وأزفانور.. والمحلي يرمز للأصالة
كشف الفنان الجزائري سليم الشاوي أسرارا للمرة الأولى في مقابلة خاصة مع "العين الإخبارية" بينها غناؤه لأم كلثوم وشارل أزنافور.
وسليم الشاوي هو فنان يعشق وطنه وفنه، ويعتبرهما "رأس ماله" كما قال، وهو يلم إلى حد كبير بالواقع الفني في بلاده وعربياً وعالمياً، ابتسامته لا تفارقه، عُرف عنه في الوسطين الفني والشعبي "تواضعه الكبير" مع جمهوره.
- بقار حَدّة.. سيدة الأغنية البدوية الجزائرية التي ماتت فقرا
- الجزائري عثمان عريوات.. من عرش الكوميديا إلى غياهب التهميش
ولا يعترف "الشاوي" بـ"بريستيج الفنانين" ويتنقل من قرية جزائرية إلى أخرى ليمتع جمهوره بأكثر الطبوع الغنائية شعبية في الجزائر، وأكسبه ذلك جمهورا واسعاً نافس به العمالقة.
يعتبره الكثير من النقاد "حالة استثنائية" بين فناني الجزائر، لقدرته على أداء مختلف، ينتقل من صوت جهوري جبلي مثل الغناء الشاوي إلى الصوت الهادئ في أغانٍ عاطفية.
وإذا اشتهر الطابع الشاوي والسطايفي بأنهما مخصصان للأعراس والأفراح، فإن سليم الشاوي لا يعتبر نفسه "فنان مناسبات" بل "فنان كل الأوقات" كما قال لـ"العين الإخبارية".
لم يكن الفن منذ بداياته جزءا من حياته، بل كان وسيظل كل حياته، يعرف جيداً كيف يختار كلمات أغانيه وألحانها، وتوقيت إصدارها، أو هكذا أجاب على سؤال لـ"العين الإخبارية".
"العين الإخبارية" أجرت مقابلة خاصة مع الفنان الجزائري سليم الشاوي، صاحب رائعة "زوالي وفحل" (فقير وفحل) أو ما يقابلها في اللهجة المصرية "غلبان وجدع"، والتي تعدت شهرتها حدود الجزائر، بالإضافة إلى أدائه أغنية "عين الكرمة" لعميد الأغنية الشاوية البدوية الراحل "عيسى الجرموني" والتي تعتبر من أصحاب المواويل الغنائية الجزائرية.
وأهدى "الشاوي" لـ"العين الإخبارية" أغنية خاصة بمناسبة انطلاقتها الجديدة في 24 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والثانية أغنية للفنان الفرنسي شارل أزنافور، يكشف عنها للمرة الأولى.
الفنان سليم الشاوي
من السهل أن تبحث عن سيرة فنان، لكن كثيراً من الفنانين لا يجيدون التعريف بمسيرتهم رغم إبداعهم في ترجمة مشاعر جمهورهم.
لكن الفنان الجزائري سليم الشاوي استرسل في الكشف عن سيرته ومشواره وبداياته التي لم تكن على بساط أحمر، بل عبر مراحل صقلت موهبته وأكسبته خبرته حياتية وفنية.
يقول الفنان الجزائري: سليم الشاوي إنه من مواليد 23 يناير/كانون الثاني 1972 مدينة سكيكدة شرقي الجزائر، واسمه الحقيقي سليم سدحان.
ويضيف: بدايتي كانت بالعروض المسرحية بين المتوسطات والثانويات أواخر السبعينيات، تطورت الموهبة مع الأعوام والممارسة إلى المسرح المحترف، 10 أعوام بعد ذلك تم اكتشاف صوتي مع الأحبة و الأصدقاء.
اشتغلت في عدة فرق موسيقية في سكيكدة وعنابة وأكملت المشوار بـ9 أشرطة مسجلة مع كبار الموسيقيين وكتاب الكلمة، أشهرهم الأستاذ الراحل عمر جوماطي والموسيقار والأستاذ مسعود مسعودي.
أشهر أغاني الأشرطة كان من بينها "صغيرة البيت"، "شاوي ولا بطل" ، "راسي شاب"، "خود الراي" (خذ بالنصيحة)، "نوض تصلى" (انهض لتصلي)، إلى أغنية "زوالي وفحل" (فقير وفحل)، "معنديش منك عشرة" (لا أملك منك عشرة)، "أنتي لعوينة وعقلي وروحي فيك.
معظم الأغاني خفيفة الإيقاع كلماتها من أفراح ونمط المعيشة في البلد الحبيب، ورغم إتقاني لكل الألوان الموسيقية حتى الشرقية منها للسيدة أم كلثوم أو حتى الأغنية الفرنسية للفنان شارل أزنافور، إلا أنني عشقت الأغنية "الشاوية والسراوية"، محاولة مني لإخراج الإيقاع الشاوي من محيطه إلى أبعد الحدود.
بعد دراستي وشهاداتي وذوقي في التلحين والتوزيع الموسيقي، أقول بأنني لست فناناً موسمياً، على العكس، سليم الشاوي حاضرا في كل المحافل الوطنية والأعياد الدينية بالصوت والصورة، شعاري "تحيا العائلة الجزائرية".
ذكرت بأنك غنيت لأم كلثوم وشارل أزنافور لكن لم تكمل مشوار ولوج العالمية، أم أنك تعتبر انتشار الفنان عربياً وعالمياً لن يمر إلا عبر المحلية؟
حلم الطربي العربي تلاشى في العشرية السوداء، ولا أزال في عشق السيدة أم كلثوم وروائعها، حتى الغريبة الكلاسيكية أغنيها في بعض حفلاتي الخاصة.
أما العالمية فهي تحتاج الاحتكاك بالمنتجين الكبار من الوسط الفني والصبر على حيلهم والالتزام وقلت الكلام، هي صناعة وأجندة أكثر منها فن ورسالة والعمر يجري، إلا من رحم ربي، لكنني أتسلق بمعرفتي وأسعى للتألق من باب لمحت به في سؤالك "المحلي".
المحلي الأصيل يمثل الهوية والتميز، وحب الناس من حولك والعيش بسلام.
ما جديدك الفني؟
أحضر لألبوم "وردة" من 8 أغانٍ، من كلماتي وألحاني، أما التوزيع الموسيقي للأستاذ المايسترو فتحي زعاشي رفقة فرقة "نادي 21"، وسيتم تصوير العناوين المختارة منها، إلى جانب إصدار كتاب في الشعر الملحون بعنوان "أبواب".
أما أكبر جديد أحضر له فهو بدايتي في كتابة أول مونولوج لسليم الشاوي وأشعر بالحماس كثيرا للفكرة وعودتي إلى ركح المسرح دون غناء.
اشتهرتم بالطابع الغنائي الشاوي الأكثر رواجا في الجزائر، نريد تفاصيل أكثر عنه، وما حقيقة أنه مستمدا من الثورة التحريرية؟
الأغنية الشاوية في حكمة النص والتزامه ومتعة الصوت الجبلي القوي على أنغام القصبة الشاوية والبندر، كان لها سفراء من قبل وفي عز ثورة التحرير المجيدة، في حين كانت السيدة أم كلثوم والأستاذ محمد عبدالوهاب وغيرهما من العمالقة في العالم العربي ينشطون، إلا أن المرحوم الشاوي "عيسى الجرموني" كان أول فنان عربي يخطف الأضواء في أوروبا.
فقد غنّى في أكبر قاعة عرض فرنسية "الأولمبياد " عام 1938 ورفع الستار على وصلة "إحنا شاوية لا تقولو أندلو جينا حواسة نسهرو ونولو" (نحن الشاوية لا تقولوا بإنني جئنا للنزهة والسهر ثم نعود من حيث أتينا)، ثم توالت أنغام القصبة الشاوية بأصوات الشيوخ والشباب وبقيت تصدح في باريس ومرسيليا وليون وغيرها من المدن الفرنسية.
كان للأغنية الشاوية دور كبير في تحفيز المجاهدين على الجهاد في سبيل تحرير الجزائر في أعالي جبال الأوراس بالصوت والكلمة، ومن لا يعرف الراحلة المجاهدة "بقار حدة" وأغنيتها الشهيرة "الجندي خويا ".
يقيت الأغنية الشاوية بعد الاستقلال في الصدارة إلى جانب الأغنية الشعبية، حملها جيل من الشباب يستحي ويغار على الوطن ويقدس بطولات الشهداء الأبرار، حتى إذا ذكر الجهاد ذكر الشاوية وإذا اقتربت الأعياد الوطنية صنعت القصبة والبندير (الدف) أحلى نغم على رائحة بارود البنادق و زغاريد الحرائر.
ما المعايير التي تعتمد عليها في اختيار كلمات أغانيك؟
الأغنية الشاوية معروفة بالتزام الأشعار والقصائد وقوة الرسالة مند زمان، فرحاً كان أو غزلاً أم نثرا، تبقى الكلمات مهذبة وفيها شيء من الحكمة والوقار.
صحيح الكثير لا يفهم اللهجة الشاوية والكل يرقص على أنغام القصبة والبندير بالمتعة والروح المرحة، واخترت الغناء على الإيقاع بألحان جديدة مدروسة مع الأساتذة وبنصوص دارجة عربية يفهمها أهل القرى والمدن، حتى التوزيع بالآلات العصرية الحديثة والمعاير العالمية، مواضيعي من الواقع المعاش والتجارب الشخصية تسمعها أمي أختي زوجتي وابنتي وجارتي وكل العائلة الجزائرية.
أغنية "زوالي وفحل" حققت نجاحاً تعدى حدود الجزائر.. ما سر هذه الأغنية؟
كلمات "زوالي وفحل" كانت بإحساس الراحل الأستاذ عمر جوماطي رحمه الله، صانع أفراح الشاوية، كتبت لي خصيصا بعد 3 أعوام من التعامل معه، كان أباً وصديقاً يعرف قدراتي ويؤمن بنجاحي من غيره.
أما رواجها فيعود لفحولية ورجولية الشعب الجزائري ومعاناة الفقراء منا، وما دمنا على هذا الحال ستبقى "زوالي و فحل" في ذاكرة الأجيال، ورحم الله عمي عمر.
هل هناك أغنيات أديتها مستوحاة من قصة حياتك الشخصية؟
معظم أغاني سليم الشاوي مستوحاة من واقع وقصص شخصية، وتنبع من أحاسيسي اليومية، من بينها " نحير فلي يبات يحسب" (احتار فيمن يقضي ليله يحسب)، "الصباح يلقى ميائة غلطة" (الصباح يلقى مائة غلطة)، "نحير فلي ضل يكذب" (احتار فيمن يصر على الكذب)، "فايز بشيوخ الهدرة" (فائز بشيوخ الكلام)، "نحير فلي عاش يطلب" (احتار فيمن أمضى عمره في التسول)، "صحلو بعد سوال سلطة"، "نحير ملي يخاف يلهب"، "رافد فالطيات جمرة"، "نحير فلي عاش ما كسب"، وغيرها.