قروض رجل أعمال بوتفليقة "المدلل".. رقم عجز القاضي عن قراءته
رجل الأعمال الجزائري علي حداد يعترف للقاضي بحصوله على 452 قرضاً بنكياً بقيمة 18 مليار دولار خلال السنوات الـ15 الأولى من حكم بوتفليقة.
ما زالت محاكمات أركان نظام الرئيس الجزائري المستقيل عبدالعزيز بوتفليقة في قضايا فساد، تبوح بالمزيد من الأسرار والفضائح التي صدمت الرأي العام.
وبعد قضية ما عرف إعلامياً بـ"مدام مايا" الابنة السرية المزعومة لبوتفليقة، جاء الدور على علي حداد رجل أعمال السعيد بوتفليقة "المدلل وغير المزعوم".
- أحكام ثقيلة في أغرب قضية فساد تتصدرها الابنة "السرية" لبوتفليقة
- حكم نهائي جديد بسجن رئيسي وزراء الجزائر الأسبقين
وخلال جلسة محاكمته في ثالث قضية فساد منذ القبض عليه في مارس/آذار 2019، كشف رجل الأعمال علي حداد عن قيمة القروض التي تحصل عليها من بنوك حكومية بطرق مشبوهة، وذهبت أدراج الرياح، ولم يرجع فلساً واحداً منها.
وفي إفادته التي تابعتها "العين الإخبارية" التي قدمها لقاضي محكمة "سيدي أمحمد" عبر تقنية الفيديو من سجنه بمنطقة "تازولت" في ولاية باتنة (شرق)، كشف حداد عن الرقم الحقيقي للقروض التي أخذها من البنوك الحكومية والتي قدرت قيمتها بـ230 مليار دينار، وهو ما يعادل 18 مليار دولار.
أما المفاجأة الثانية التي فجرها رجل الأعمال المثير للجدل فهي الفترة التي حصل فيها على تلك القروض، وذلك على مدار 15 عاماً من 2000 إلى 2015، أي عام فقط بعد تولي عبد العزيز بوتفليقة سدة الحكم بالجزائر (أبريل 2019)، عكس ما تم تداوله في 2013.
ووصل عدد القروض التي تلقاها علي حداد طوال تلك الفترة 452 قرضاً بنكياً، قال إنه استثمرها في مشاريع مختلفة، وحصوله على 124 صفقة حكومية.
وأصيب يوسف قادري قاضي الجلسة بصدمة من هول المعلومات التي اعترف بها رجل الأعمال المدلل لحاكم الجزائر الفعلي منذ 2013 وهو السعيد بوتفليقة، حتى إنه وجد صعوبة في قراءة الأرقام.
واعترف القاضي أمام الحاضرين بـ"عجزه عن قراءة أرقام حجم القروض للمرة الأولى في مساره المهني".
وزادت دهشته عندما دافع رجل الأعمال علي حداد عما سماه "الإنجازات التي حققها في كل القطاعات وتمكين الجزائر من توفير ملايين الدولارات في مشاريع".
أغنى رجل أعمال
وبرز اسم علي حداد كواحد من أكثر الوجوه المثيرة للجدل في الجزائر منذ 2013 بعد بداية غياب الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة عن الظهور بسبب وضعه الصحي، وكان من أكثر المقربين من السعيد بوتفليقة.
وتحدثت أوساط إعلامية وسياسية جزائرية عن النفوذ الكبير الذي كان يتمتع به حداد خلال السنوات الـ7 الأخيرة من حكم بوتفليقة، حيث كان يتدخل في تعيين الوزراء والسفراء، ويمثل الجزائر في مناسبات دولية، ويستقبل السفراء، رغم أنه لم يتول أي منصب في مؤسسات الدولة الجزائرية.
وترأس أيضا "منتدى رؤساء المؤسسات" وهو أكبر تجمع لرجال الأعمال بالجزائر طوال 20 عاما من حكم بوتفليقة التي تضم نحو 4 آلاف رجل أعمال، تبلغ ثروتهم الإجمالية نحو 40 مليار دولار بحسب الأرقام التي قدمتها الهيئة في 2018.
وعلي حداد "أغنى" رجل أعمال في الجزائر بثروة بدأت من 400 مليون دولار من مشاريع أشغال عمومية عام 1988 إلى نحو 10 مليارات دولار في 2019 بحسب وسائل الإعلام الجزائرية.
ويمتلك حداد عدة شركات، بينها شركة ضخمة للإنشاءات والأشغال العمومية مع أشقائه الخمسة، والتي فازت سنة 2003 بصفقة إنجاز مشروع "الطريق السيار شرق – غرب" بطول 1720 كيلومتراً، الذي بات فيما بعد من أكبر فضائح الفساد في الجزائر بعد أن انتقلت تكلفة المشروع من 6 مليار دولار إلى 19 مليار دولار.
كما يملك مجمعاً إعلامياً (وقت الجزائر) ومهبط طائرات خاص بمطار "هواري بومدين" الدولي بالجزائر العاصمة، إضافة إلى أنه صاحب الامتياز الحصري في تسويق سيارات "تويوتا" اليابانية بالجزائر.
وبعد فتح قضايا الفساد عقب استقالة بوتفليقة العام الماضي، جر رجل الأعمال علي حداد وأشقاؤه الثلاثة إلى أروقة المحاكم والسجون أكثر من 100 مسؤول نافذ، بينهم رئيسا الوزراء الأسبقان أحمد أويحيى وعبد المالك سلال، وعشرات الوزراء السابقين والموظفين.
وفي الأول يوليو/تموز الماضي، أدان القضاء الجزائري علي حداد بـ18 عاماً سجناً نافذاً وغرامة نافذة مالية قدرها 8 ملايين دينار (62 ألف دولار) غرامة نافذة مع مصادرة جميع أملاكه.
وصدر الحكم النهائي بناء على تهم تتعلق بـ"الاستفادة من امتيازات جمركية وعقارية، والاستحواذ على 125 صفقة حكومية بطرق غير قانونية".