الجزائرية نادية.. سيدة صناعة المربى بـ"حديقة مايا"
كثيرات هن الجزائريات اللواتي يتحدين ظروف الحياة باللجوء إلى حرف ومهن يبدعن فيها ويكشفن عن مواهب دفينة، أو ينسين بها هموم الحياة.
السيدة نادية، أستاذة متقاعدة تقطن بمنطقة "الرغاية" بالعاصمة، ولها ظروفها العائلية الخاصة، إلا أن ذلك لم يمنعها من كسب رهان "الحفاظ على الأمانة"، كانت تلك أمانة الجدة والأم، في أن تحافظ على موروث صناعة المربى التقليدي في منزلها وبوسائلها الخاصة.
إرث ثقيل
تواصلت "العين الإخبارية" مع نادية، الملقبة بـ"سيدة صناعة المربى" في الجزائر، لتروي قصتها مع هذه المهنة التقليدية، فوجدت في كلامها ومطبخها عشقاً لحرفة أبدعت فيها شكلاً ومذاقاً، ووفت بعهد قطعته لجدتها ووالدتها بأن تتسلم مشعل صناعة المربى.
وأكدت نادية أن صناعة المربى لم تكن فقط مصدر رزق أو لملء وقت فراغ التقاعد، بل كانت جزءاً من حياتها مثل عائلتها، وحققت نجاحاً منقطع النظير، وذاع صيتها في مختلف محافظات الجزائر، رغم أنها لا تشارك في المعارض الخاصة بالمنتجات الوطنية والحرف.
نجاح لم يكن بالطرق التقليدية، بل دخلت عالم التسويق عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بعد أن أنشأت صفحة خاصة بإنتاج المربى التقليدي سمتها "Le Jardin De Maya" أو "حديقة مايا" نسبة إلى ابنتها الوحيدة التي تساعدها رغم ظروفها الصحية.
ولم يكن اختيار الجزائريين لمنتج السيدة نادية من وحي الصدفة، بل لتوفر عدة معايير في ذلك المربى التقليدي، الذي أشادوا بنوعيته، معتبرين أنه أعادهم إلى ذكريات لم تعد موجودة.
فقد كانت العائلات الجزائرية منذ عشرات السنين تعمل على تحضير مختلف أنواع المربى في بيوتها، كل على حسب بيئتها ومنطقتها وما تجود به أرضها، فأعادت السيدة نادية إحياء تلك العادة القديمة في موروث الجزائريين.
لا يوجد في قاموسها كلمة "مستحيل"، وصنعت من مختلف الفواكه أنواعاً مميزة من المربى، بدءاً من مربى "اليقطين" المسمى في الجزائر بـ"الكابويا"، والذي قالت إنه كان المربى المفضل لوالدتها وجدتها.
وكذا مختلف أنواع البرتقال بأصنافه المختلفة من بينها "معجون الطباصة" أو "معجون الطرف" والذي تكون حباته كبيرة الحجم، والليمون، والإجاص، والتفاح، والعنب، والليمون الهندي، والفراولة والمشمش المفضلان عند الجزائريين وغيرها، حتى إنها أبدعت في إعادة صناعة أنواع مختلفة وقديمة من المربى الجزائري بمختلف أشكالها وأنواعها، من المكعبات إلى المفرومة.
لم يتوقف إبداعها عند التقليدي، بل صنعت مربى جديدا بطريقتها ووصفتها الخاصة، تشبه شكل الحلويات التقليدية الجزائرية، وزينته بالمكسرات ووضعته في أوراق خاصة بالحلويات، كما تتجه لصناعة أنواع جديدة من المربى من مختلف أنواع الخضراوات.
قصة تحدٍ
وروت نادية لـ"العين الإخبارية" قصتها مع صناعة المربى بالطريقة التقليدية في منزلها وقالت: "الأمر موروث عن الأم والجدة رحمهما الله، أتذكر في صغرنا كان يتم تحضير كميات كبيرة من المربى لعام كامل حتى تستفيد منه كل العائلة".
وتحدثت أيضاً عن علاقتها بالمطبخ عندما كانت تعمل في التدريس، التي وصفتها بـ"العشق في كل الأوقات"، رغم أن فترة الراحة بعد التقاعد منحتها فرصة جديدة للاهتمام بصناعة المربى التقليدي.
وأكدت أن المربى الذي تصنعه خال من الإضافات الكيميائية المصنوع بطريقة تقليدية بسيطة، ولا يتوقف اهتمامها بالحرص على مذاق المربى، بل حتى على طريقة تسويقه وتقديمه، واختارت لمسة خاصة بها مستمدة من تراث الجزائر أيضاً إذ تغطي علب المربى بـ"قماش قبائلي أمازيغي" يسمى "المحرمة القبائلية" أو "الفوطة القبائلية" ذات الألوان الأحمر والبرتقالي والأصفر، حاولت من خلاله إبراز هويتها القبائلية الأمازيغية بطريقتها الخاصة.
أما عن سر تسمية العلامة التجارية لمنتجها بـ"حديقة" فذكرت لـ"العين الإخبارية" أن هدفها يتعدى صناعة مربى الفواكه، بل أيضاً مربى الخضراوات ومنتجات أخرى من الخضر والفواكه لا تتوقف على المربى.