وفاة الجزائري محمد العزوني.. "الشرطي المخفي" يودع "طريق السلامة"
الحكومة الجزائرية والمديرية العامة للأمن الوطني (الشرطة) نعتا محمد العزوني بعد قرابة 40 عاماً من العمل في الأجهزة الأمنية
توفي، الجمعة، محمد العزوني، أشهر شرطي في الجزائر بمنطقة باب الوادي في العاصمة، عن عمر ناهز 83 عاماً بعد صراع طويل مع مرض عضال.
- رحيل الفنان الجزائري بشير بن محمد.. ابتسامة هزمت الإرهاب
- نورية قصدرلي.. رحيل "أيقونة مسرح الجزائر" عن 99 عاما
ونعت الحكومة الجزائرية والمديرية العامة للأمن الوطني (الشرطة) الرجل المعروف باسم "الشرطي المخفي" و"عميد الشرطة"، بعد قرابة 40 عاماً من العمل في الأجهزة الأمنية تحدى خلالها الجماعات الإرهابية في سنوات التسعينيات.
الشرطي المخفي
لم تشهد الجزائر إجماعاً شعبياً على حب وتقدير واحترام شرطي كما حدث مع الراحل محمد عزوني خصوصاً خلال فترة التسعينيات من القرن الماضي.
عرفه الجزائريون بـ"صوته" وكان وجهه مجهولاً عند غالبيتهم باستثناء المقربين منه من العائلة وزملائه في الشرطة.
كان ذلك من خلال برنامج "طريق السلامة" الذي اشتهر به وكان من أكثر البرامج التلفزيونية رواجاً ونجاحاً في التلفزيون الجزائري الحكومي، ونال عدة جوائز بينها جائزة في مهرجان القاهرة للإعلام العربي.
فكرة البرنامج التلفزيوني تلخصت في توعية الجزائريين بخطورة حوادث المرور، إذ كان يوقفهم أمام الكاميرا، ويعطيهم نصائح عن السلامة المرورية.
وبدأ البرنامج في الإذاعة الجزائرية الحكومية عام 1985 قبل أن يتحول إلى التلفزيون في التسعينيات، غير أن المفارقة هو أن الشرطي قدم للتلفزيون الحكومي فكرة البرنامج قبل ذلك التاريخ، وانتظر 10 أعوام كاملة للموافقة عليها، كما ذكر في أحد تصريحاته الصحفية.
سنوات الجمر في الجزائر
لم تكن حياة الشرطي الراحل محمد العزوني سهلة في عمله، لا سيما في مرحلة التسعينيات التي يطلق عليها الجزائريون عدة تسميات أبرزها "سنوات الجمر" أو "العشرية السوداء".
لم يكن محمد العزوني يفضل الحديث عن فترة العشرية السوداء التي عرفت تكالب الجماعات الإرهابية على المواطنين والأجهزة الأمنية والجيش، وذلك بسبب رفضه تذكر مأساة شخصية له عاشها فترة الإرهاب، عاش خلالها أياماً صعبة، حيث لم يكن يعلم إن كان سيعود إلى أهله بعد خروجه، أو أن خروجه من منزله سيكون "خروجاً من الحياة".
وكشف العزوني في تصريح صحفي لإحدى الصحف المحلية عن قصته مع الإرهاب، وكيف تلقى تهديدات بالقتل، وصلت إلى حد اتصال جماعات إرهابية بعائلته على هاتف المنزل "طالبتهم فيها بتحضير كفنه".
"كانت الجماعات الإرهابية تحضر لاغتياله سنة 1993" كما قال، حيث كان موضوعاً على لائحة "أعداء الإسلام" وفق الفكر الإرهابي الذي استهدف طوال مرحلة التسعينيات المثقفين والصحفيين والمسرحيين والفنانين وكذا الشرطة.
ومن بين الشهادات التي كشف عنها، ذلك التحقيق الأمني الذي قامت به شرطة العاصمة مع 9 إرهابيين عقب عملية اغتيال الصحفي طاهر جاووت في 2 يونيو/حزيران 1993.
غير أن الشرطي محمد عزوني تحدى الإرهاب، وأصر على البقاء في مهنته وفي العاصمة، لخدمة بلده والدفاع عنه، وإكمال رسالة الشرطي التي كان يرى أنها تتمثل في "حماية المواطن من الإرهاب وحوادث المرور".
لم يكن تهديد الإرهابيين لـ"الشرطي المخفي" مفاجئا لمن عرفوا وعاشوا تلك المرحلة، فقد عمل الإرهابيون على استهداف كل شخصية "قريبة من الجزائريين أو تحظى بحبهم واحترامهم"، ولم يسلم من ذلك حتى المغنين والمسرحيين.