الانقلاب يغتال التاريخ.. الحوثي يدفن الصمّاد بضريح "الجندي المجهول"
الموقع يشكل رمزية لكل شهداء الثورات اليمنية ويتم وضع إكليل الزهور كل عام وفاء لتضحيات الجنود المجهولين في الدفاع عن البلاد.
لم تكتف مليشيا الحوثي الانقلابية بطمس حاضر اليمن، بل قامت باغتيال ماضيه بكل المجالات وتسخير المعالم التاريخية البارزة لخدمة أجندتها الطائفية.
وبات ضريح "الجندي" المجهول، الرابض في ميدان السبعين بالعاصمة صنعاء، آخر ضحايا الانقلاب الحوثي، والذي تم الاستيلاء عليه، السبت، ودفن الرجل الثاني في الجماعة الإرهابية، صالح الصماد ومرافقيه الستة الذين قتلوا بغارة جوية للتحالف العربي، الخميس قبل الماضي.
وعلى مدى عقود مضت، ظل ضريح الجندي المجهول، رمزا معنويا لكل شهداء الثورة اليمنية في كل البقاع والذين ناضلوا ضد الظلم والجبروت، لكن المليشيا الحوثية، حوّلته إلى قبر خاص، بهدف إسقاط رمزيته التاريخية، لصالح رجلها الذي كان واجهة الانقلاب السياسية لأكثر من 3 أعوام.
وفي الأعياد الوطنية للثورات اليمنية الخالدة 26 سبتمبر و14 أكتوبر و30 نوفمبر، ضد الإمامة والاستعمار الإنجليزي، جرت العادة أن يتم وضع إكليل من الزهور من قبل أرفع ضباط القوات المسلحة اليمنية، وعلى رأسهم وزراء الدفاع ورؤساء هيئات الأركان في الحكومات المتعاقبة، كوفاء وعرفان لكل شهداء الثورات اليمنية.
وتسعى المليشيا لتحويل ذلك المكان التاريخي إلى ضريح ومزار لشخصية طائفية لا يلتفت لها سوى أنصار الجماعة.
طوارئ في صنعاء
وعاشت العاصمة صنعاء، على مدار الأيام الخمسة الماضية، حالة طوارئ غير معلنة جراء تشييع القيادي الحوثي، الذي حشدت له المليشيا أنصارها من جميع المحافظات.
وعلى مدى 5 أيام كانت السيارات المحملة بمكبرات الصوت تبدد لحظات الصمت وهي تنادي بالاحتشاد لتشييع الصماد، فيما كانت التوجيهات تصل تباعا إلى المدارس الأهلية والحكومية في المناطق التعليمية تدعو إلى المشاركة الإلزامية للمدرسين والطلاب.
وأجبرت المليشيا، شركات الاتصالات النقالة، على إرسال رسائل مجانية لجميع عملائها تدعوهم للمشاركة في تشييع الصماد، لكن الحضور اقتصر كالعادة في جميع مناسباتهم الطائفية، على أنصارهم العقائديين فقط.
ونشرت المليشيا الحوثية مسلحيها في كل شوارع وأحياء العاصمة صنعاء وفرضت عملية تفتيش دقيقة على المارة والسكان واستقدمت مسلحين آخرين من خارج العاصمة للمشاركة في مهمتها التي أرادت من خلالها إظهار شعبية مزيفة لرجل المليشيا في الوسط المملوء رعبا من تصرفاتها.