ما بين 2011 عندما بدأت شرارة الإرهاب في بلدة العوامية شرق السعودية، وبين 2018، الكثير مما يقال ويشرح ويوصف ويستفاد منه
ما بين 2011 عندما بدأت شرارة الإرهاب في بلدة العوامية شرق السعودية، وبين 2018، الكثير مما يقال ويشرح ويوصف ويستفاد منه، تداخل فيه الإجرام وبيع السلاح والاتجار بالمخدرات والقتل والترويع، وصولاً إلى العمليات الإرهابية، وبتدخل خارجي إيراني، دخل على الخط لاحقاً من يزعمون أنهم «ناشطون» و«حقوقيون»، ولا ضير من العديد من منظمات حقوق الإنسان، وما بينهم كانت الحكومة السعودية الوحيدة القادرة على فرض الأمن والاستقرار لمواطنيها، ومواجهة كل حملات التشويه والتزوير، وتسمية الأشياء بأسمائها، شيئاً فشيئاً فرض المنطق نفسه، وصدقت فرضية الدولة التي أعلنتها منذ البداية، وثبت أن ما حدث لا علاقة له لا بالحقوق ولا بالواجبات، لم يكن ما جرى منذ يومه الأول مرتبطاً بمطالب أو غيرها، كان إرهاباً ونقطة آخر السطر، بطبيعة الحال تغيرت مع مرور الوقت وعودة الهدوء للقرية مواقف عديدة؛ حكومات ومنظمات وجهات دولية خُدعت في بداية الأمر، وجرفتها موجة اختلط فيها الحابل بالنابل، اعتبر كل من يرفع السلاح على الدولة محقاً حتى لو كان إرهابياً، وأصبح من ينشر الفوضى ويزوِّر الحقائق «حقوقياً» وليس محرضاً.
ما شهده العالم العربي إبان «الربيع العربي» خلق حالة من الحماس والمساندة الغربية، البريئة وغير البريئة، من أجل تعميم ذلك «الربيع» على كل من حمل السلاح في وجه الدولة، لا يهم إن كان نظاماً يقتل شعبه، كما فعل القذافي، أو يفعل بشار الأسد، أو دولة مستقرة وآمنة تحمي مواطنيها من المجرمين والمخربين كما في السعودية
الخميس الماضي أتت شهادة جديدة من الحكومة البريطانية من باب من رأى ليس كمن سمع، بفيديو نشره السفير البريطاني سايمون كوليس على حسابه في «تويتر»، قال فيه «هنا هزمت السلطات السعودية الإرهابيين، والآن بدأت إعمار المجتمع»، مضيفاً: «ها أنا أزور المشروع، وفِي الماضي شهد العديد من المشاكل، ولكن حالياً هناك هدوء وحفظ للأمن الذي عاد للعوامية، وتهدف إلى إعادة تجديد المجتمع». هذا الحديث الرسمي البريطاني جاء خلال زيارة للسفير سايمون للاطلاع على مشروع وسط العوامية التنموي الذي سيغير البلدة من الناحية التنموية، ويجعلها منطقة جذب سياحي، ولعل الأهم في شهادة السفير هو أنها أثبتت ما قالته وعملت عليه الحكومة السعودية منذ اليوم الأول قبل نحو سبع سنوات؛ لم تكن احتجاجات أو مظاهرات، لم تكن «ربيعاً عربياً» كما رُوّج لها حينذاك أو أريد لها ذلك، كل الأمر أنها فعلاً أعمال شغب سقط فيها قتلى وجرحى من رجال الأمن والمدنيين من مواطنين ومقيمين، وشملت اعتداءات على قضاة ودبلوماسيين وبنوك ومحلات تجارية ومقرات أمنية لتتحول إلى أعمال إرهابية سعت لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة ككل، القصة لم تكن في وقوف الدولة، ومعها الغالبية العظمى من مواطني البلدة، أمام العبث والشغب والإرهاب، فهذا دور الدول وتقوم بواجباتها في توفير الأمن لمواطنيها، القصة الحقيقية في كم الفوضى التي صاحبت أعمال الشغب، وساندتها من قبل دول ومنظمات وجهات دولية، وتسببت بإطالة أمد الأعمال الإرهابية بالترويج بأنها «مظاهرات» لمواطنين و«مطالبات مشروعة»، ثم تمضي السنين وتنجح الدولة في إثبات مصداقيتها، وبشهادة الجميع، أنه فعلاً إرهاب، ويكتشف العالم أيضاً أن ذلك كان صحيحاً، ويسقط في أيدي من تعاطف أو دعم أو ساند أو حرض وتسبب في تلك الفوضى وقتل الأبرياء.
لا شك أن ما شهده العالم العربي إبان «الربيع العربي» خلق حالة من الحماس والمساندة الغربية، البريئة وغير البريئة، من أجل تعميم ذلك «الربيع» على كل من حمل السلاح في وجه الدولة، لا يهم إن كان نظاماً يقتل شعبه، كما فعل القذافي، أو يفعل بشار الأسد، أو دولة مستقرة وآمنة تحمي مواطنيها من المجرمين والمخربين كما في السعودية. واليوم وبعد انقشاع تلك الغمة، وثبوت صدقية الدولة أمام سيل المزاعم والاتهامات، هل تعتذر تلك الدول والجهات التي ثبت خطأها، ودعمت الإرهاب بعد أن ظنته «ربيعاً»؟!
نقلا عن "الشرق الأوسط"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة