ليس أمام أمريكا سوى حل نزاعاتها مع أوروبا، وتقبل أن أوروبا مهما كانت فهي الأكثر ثقة لدى الكثير من دول العالم.
خلال الأيام الماضية كان الرئيس الأمريكي ضيفا في 3 محطات أوروبية، بروكسل ثم لندن ثم هلسنكي، هذا الأسبوع استثنائي بالنسبة لأمريكا، فهو كشف عن الكثير من الصعوبات التي تواجهها الإدارة الأمريكية، خاصة في إدارة العلاقة بين السياسة والاقتصاد التي تشكل طوق غرق أو نجاة بالنسبة للولايات المتحدة، التي تتعثر كثيرا في تعريف أزمتها الاقتصادية للعالم، خاصة لدى أصدقائها الأوروبيين.
عبر هذه الزيارة بدت أمريكا من خلال الرئيس ترامب مثيرة للجدل، حيث رفعت الكثير من علامات الاستفهام على تصريحات الرئيس الأمريكي، التي لم تكن كثيرا تلتزم بالسياق السياسي، وكان التصحيح يأتي مباشرة عبر تغريدات على تويتر من الرئيس نفسه.
الخلافات الأمريكية الأوروبية تضعف القوة الاقتصادية الأمريكية لأن أمريكا سوف تظل في حاجة إلى أوروبا موحدة وقوية وإلى روسيا قوية، فهؤلاء هم شركاؤها الوحيدون ضد النزعات الكبرى التي تنطلق من آسيا، حيث الصين الدولة الكثير حضورا اقتصاديااليوم العالم يتغير والصراع الأيديولوجي بين روسيا وأمريكا ينتهي بكل تفاصيله، فالعالم يدخل مرحلة سياسية حديثة تؤثر بشكل مباشر على معايير الاستقرار والأمن والاقتصاد الحيوي المطلوب تحقيقه من أجل الشعوب، تهديدات الإرهاب يعاني منها العالم كله وليس هناك حلول يمكن لدولة بعينها أن تمتلكها تجاه هذه الظاهرة العالمية، وهذا ما يجعل التعاون والتشاركية في مواجهة الإرهاب واجب دولي على الجميع القيام بدور ما فيه.
السؤال المهم اليوم.. هل تواجه أمريكا فعليا صعوبات وتحديات في علاقاتها مع أوروبا وروسيا؟ هذا سؤال كشفت عنه حقيقة اللقاءات التي عقدها الرئيس الأمريكي عبر جولته، ففي أوروبا هناك اعتقاد سائد أن الأوروبيين لم يعودوا قادرين على التكفل بتلك التغيرات التي يحدثها الرئيس ترامب، فهل تبحث أوروبا عن استقلالية جديدة؟ أمريكا تدرك حاجتها إلى أوروبا، والكرة كما وضعها الرئيس بوتين هي في ملعب أمريكا، ولكنه الملعب السياسي وليس الملعب الاقتصادي، وهذه رسالة قوية ومهارة دبلوماسية من الرئيس بوتين.
التعقيدات التي تواجهها أمريكا مرتبطة بالنظام الرأسمالي الليبرالي الأمريكي، الذي يعاني حقيقة من ديون كبرى جعلت الرئيس ترامب يفكر في الكيفية التي يأخذ بها وليس مبدأ التكامل "الأخذ والعطاء"، ولأن الرئيس ترامب رجل أعمال ناجح فهذا لا يعني بالضرورة أن يكون سياسيا ناجحا، والأخطاء التي ظهرت في السياسة الأمريكية كفيلة بأن تقول حقيقة الوضع السياسي في أمريكا.
الخلافات الأمريكية الأوروبية تضعف القوة الاقتصادية الأمريكية لأن أمريكا سوف تظل في حاجة إلى أوروبا موحدة وقوية وإلى روسيا قوية، فهؤلاء هم شركاؤها الوحيدون ضد النزعات الكبرى التي تنطلق من آسيا، حيث الصين الدولة الكثير حضورا اقتصاديا.
ليس أمام أمريكا سوى حل نزاعاتها مع أوروبا وتقبل أن أوروبا مهما كانت فهي الأكثر ثقة لدى الكثير من دول العالم، فالتاريخ يحسم ولصالح أوروبا الكثير من التحالفات الاستراتيجية خاصة في منطقة الشرق الأوسط، التي شهدت تراجعا كبيرا للوجود الأمريكي، ولعل الأزمة السورية خير شاهد على ذلك.
ولذلك يبقى السؤال المهم.. كيف ستتغلب أمريكا على علاقاتها الصعبة مع أوروبا بعد أسبوع أمريكي حافل بالحديث عن الرئيس ترامب وتصريحاته المثيرة للجدل؟
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة