الانتخابات الرئاسية الأمريكية هي الحدث السياسي الأكبر في الولايات المتحدة، والذي يأتي مرّة كل أربع سنوات، ويراقبها العالم بحذر وتطال تداعياتها جميع عواصمه. ومن الممكن وصفها بأنها أطول ماراثون انتخابي. السباق الرئاسي لعام 2024 انطلق وكل الوقائع تشير إلى أن
ترامب ليس رئيساً سابقاً للولايات المتحدة فقط، بل مرشحاً لأن يكون رئيسها القادم أيضاً، وقد بدأ حملتَه الانتخابية مبكراً لنيل ترشيح الحزب الجمهوري له.
المشهد الانتخابي اليوم يزداد سخونة في التحضير للانتخابات الرئاسية القادمة، خاصة بعد الملاحقات القانونية الأخيرة لترامب.
سوابق تاريخية في الرئاسة الأمريكية لازمت ترامب، بدءاً من محاولة عزله مرتين في مجلس النواب، وتوجيه اتهامات جنائية بحقه في ولاية نيويورك للمرة الأولى في التاريخ الأمريكي كرئيس سابق، وآخرها توجيه اتهامات فيدرالية بحقه في قضية احتفاظه بوثائق سرية عندما غادر البيت الأبيض، بدل أن يعهد بها إلى الأرشيف الوطني، كما رفض بعد ذلك تسليم معظمها، على الرغم من رسائل التذكير من مكتب التحقيقات الفيدرالي.
صحيح أن الوقت ما زال مبكراً لتوقّع تداعيات المحاكمة على ترامب سواء داخل الحزب الجمهوري أو اتجاهات الناخب الأمريكي بوجه عام، غير أن المؤشرات الأولية تفيد بأنها إيجابية حتى الآن، ولم يتأثر مؤيدوه أو حملته الانتخابية بالتحول النوعي الأخير ومثوله أمام المحكمة.
فوفقاً لاستطلاع رأي أجراه معهد "إبيسوس" وشبكة "ABC NEWS" أظهر تأييد الناخبين الجمهوريين لترامب بنسبٍ أقلّها 61%، بينما يعتقد 33% منهم أنه لم يكن ينبغي أن يحمل ترامب هذه الوثائق ويحتفظ بها، كما استطاع الرئيس السابق المتهم أن يقنع 76% بأن ثمة "دوافع سياسية" وراء "مطاردته"، ولم يتردّد في تصريحاته أمام مناصريه باتهام الرئيس جو بايدن بـ"تدبير القضايا الاتحادية" المتعلّقة بالوثائق لـ"تقويض" حملته الانتخابية.
وسواء اتفقنا أو اختلفنا مع ترامب في صحة دوافع التهم الموجهة له، إلا أن هذه المحاكمة المنتظرة وما أثارته من ضجيج إعلامي وسياسي ستؤدي بالضرورة إلى الإبطاء قليلاً من سرعة قطار حملة ترامب الانتخابية، وقد تستنزف الكثير من جهوده. يبقى ترامب قادراً على خوض الانتخابات إلى نهايتها حتى حال إدانته في أي من القضايا العديدة التي تواجهه، ولا يوجد في الدستور الأمريكي ما يحول دون ذلك. المتابع للشأن الأمريكي يلحظ حجم السخط المتنامي من مؤسسات أمريكية كبرى على ترامب، ومع ذلك فإن محاكمته بظروفها وملابساتها والجدل الذي أثارته حول قانونيتها أو تسييسها، قد تزيد من فرص عودته إلى الساحة السياسية من سباق معركة انتخابات الرئاسة المقبلة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة