الوجه الآخر لعمليات الإجلاء من السودان.. مستقبل مأزوم ومخاطر كبيرة
مع مضي قرابة أسبوع على "الحرب" في السودان ووسط تعثر خطوات الوصول إلى حلول للأزمة التي وصلت إلى "مرحلة اللاعودة"، بدأت عمليات إجلاء الرعايا الأجانب من ثالث أكبر بلد أفريقي.
إجلاء الرعايا الأجانب سلط الضوء على سيناريوهات استمرار الأزمة بين رفقاء الأمس اللذين باتا "عدوين" اليوم، وأطلق صرخات تحذيرية من إمكانية تمدده إلى بلدان أخرى.
فما الدول التي أجلت رعاياها من السودان؟
آخر تلك البلدان التي أعلنت إجلاء دبلوماسييها من السودان، كانت الولايات المتحدة الأمريكية، التي نجحت يوم الأحد، في المهمة التي شارك فيها 6 طائرات.
وقالت قوات الدعم السريع السودانية، اليوم الأحد، في بيان اطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منها، إنها "قامت بالتنسيق مع بعثة القوات الأمريكية المكونة من 6 طائرات، بغرض إجلاء الدبلوماسيين وأسرهم، بالإشراف على الترتيبات اللازمة التي سبقت عملية الإجلاء".
وأكدت قوات الدعم السريع "تعاونها الكامل" مع البعثات الدبلوماسية كافة، و"وقوفها إلى جانبهم"، و"تقديم سبل الحماية اللازمة"، لضمان عودتهم إلى بلدانهم آمنين.
وجددت قوات الدعم السريع التزامها الكامل بعملية وقف إطلاق النار خلال مدة سريان الهدنة المعلنة لأجل فتح الممرات الإنسانية وتمكين المواطنين من الوصول إلى احتياجاتهم.
وكان الجيش السوداني قد أعلن اليوم السبت أنه وافق على المساعدة في إجلاء رعايا أجانب، فيما سُمع دوي إطلاق نار وضربات جوية في أنحاء من الخرطوم على الرغم من تعهد طرفي الصراع في السودان بوقف إطلاق النار لمدة ثلاثة أيام.
إجلاء الأمريكيين
وكانت شبكة "سي بي إس نيوز" الأمريكية، قالت نقلا عن مصادر مطلعة، قولها إنه سيتم إجلاء موظفي الحكومة الأمريكية في السودان، مشيرة إلى أن إجلاء ما يقرب من 70 مواطنا أمريكيا يعملون لحساب الحكومة الأمريكية في السودان في مراحل التخطيط طوال الأسبوع.
وقال الجيش السوداني إن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين ستجلي دبلوماسيين ورعايا آخرين من الخرطوم، مضيفا أنه "يتوقع الشروع في ذلك فورا".
وقالت مصادر مطلعة على التخطيط الأمريكي لشبكة "سي بي إس نيوز"، إن إجلاء الولايات المتحدة من الخرطوم سيشمل ما يقرب من 70 فردًا أمريكيًا، لكن لن يتم تضمين مئات المواطنين الأمريكيين في السودان والذين تقدر أعدادهم بـ500، رغم أن بعض السجلات "المشكوك في مدى صحتها" تظهر أن 16 ألف مواطن أمريكي قد يكونون في السودان.
وقال النائب الجمهوري مايكل ماكول من تكساس، رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، في بيان قدمه إلى شبكة "سي بي إس نيوز" ليلة السبت: "ستكون هناك عواقب على أولئك الذين يتدخلون في الممر الآمن للمواطنين الأمريكيين، بمن فيهم دبلوماسيونا، الذين يفرون بشكل عشوائي. العنف في الخرطوم وفي جميع أنحاء السودان".
ودعا مكول "الشركاء الإقليميين إلى دعم الإجلاء الآمن للمدنيين الذين يغادرون السودان".
واعتبارًا من بعد ظهر يوم السبت، لم يتم الإعلان عن أي قرارات بشأن ما إذا كانت وزارة الخارجية ستغلق سفارة الولايات المتحدة أو ما سيحدث مع العشرات من الموظفين المحليين غير الأمريكيين العاملين هناك.
وعلى مدار الأسبوع، عملت إدارة بايدن على جمع الأفراد الأمريكيين في الخرطوم بالمجمع الدبلوماسي بالعاصمة، فيما أقر البنتاغون بأنه تم نقل مشغلين خاصين إلى جيبوتي للمساعدة في عملية الإجلاء.
إجلاء الكويتيين
من أمريكا إلى الكويت، التي قال وزير خارجيتها الشيخ سالم عبدالله الجابر الصباح، في بيان صادر عنه يوم السبت، إن وزارة الخارجية قامت بتنفيذ عملية طارئة لإجلاء المواطنين الكويتيين العالقين في السودان.
وأكد رئيس الدبلوماسية الكويتية في البيان الذي اطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منه، "وصول كافة المواطنين الراغبين بالعودة للبلاد، إلى مدينة جدة السعودية سالمين، وأنه جار العمل حاليا على تأمين نقلهم إلى الكويت".
وأشاد الوزير الكويتي بـ"جهود سفير الكويت لدى السودان الدكتور فهد الظفيري وكافة أعضاء سفارة الكويت في الخرطوم، مثمنا عملهم المتميز وأداءهم لواجبهم الوطني بكل مهنية واقتدار".
وعبر عن تقدير الكويت وامتنانها على التسهيلات التي قدمتها السعودية لتسهيل إجلاء المواطنين الكويتيين الذين كانوا عالقين في السودان، وتأمين وصولهم إلى مدينة جدة سالمين.
إجلاء مواطني 11 دولة
في السياق نفسه، أجرى وزير الخارجية الكويتي، السبت، اتصالاً هاتفياً مع نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان، "قدم خلاله أصدق التبريكات لنجاح عمليات الإجلاء التي نفذتها السفن السعودية لمواطني 11 دولة من دول العالم من السودان إلى مدينة جدة.
وثمن رئيس الدبلوماسية الكويتية الجهود الكبيرة التي قامت بها السلطات السعودية لإنجاح تلك العمليات بكل مهنية واقتدار".
في السياق نفسه، قالت وكالة الأنباء السعودية "واس" إنه "إنفاذاً لتوجيهات القيادة الرشيدة، تمّ وصول مواطني المملكة الذين تم إجلاؤهم من جمهورية السودان وعددٍ من رعايا الدول الشقيقة والصديقة بينهم دبلوماسيون ومسؤولون دوليون، في عملية إجلاء نفذتها القوات البحرية الملكية السعودية بإسناد من مختلف أفرع القوات المسلحة".
وأوضحت أنه "بلغ عدد المواطنين الذين تم إجلاؤهم 91 مواطناً، فيما بلغ عدد الأشخاص الذين تم إجلاؤهم من الدول الشقيقة والصديقة نحو 66 شخصاً، يمثلون الجنسيات التالية الكويت، وقطر، والإمارات العربية المتحدة، ومصر، وتونس، وباكستان، والهند، وبلغاريا، وبنغلاديش، والفلبين، وكندا، وبوركينا فاسو. حيث عملت المملكة على توفير كامل الاحتياجات الأساسية للرعايا الأجانب تمهيداً لتسهيل مغادرتهم إلى بلدانهم.
مستقبل مأزوم
عمليات الإجلاء سلطت الضوء على المستقبل الذي بات ينتظر البلد الأفريقي، بحسب مشرعين أمريكيين مطلعون على الأمر، قالوا إن المخاطر كبيرة على المنطقة برمتها.
وقال كاميرون هدسون، كبير الموظفين السابق للمبعوث الأمريكي الخاص إلى السودان وزميل مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، لـ "صوت أمريكا": هناك تاريخ في هذه المنطقة من تورط هذه البلدان في النزاعات الداخلية للآخرين".
هدسون أضاف: "كل هذه الدول لديها متمردين على جداول رواتب مختلفة، أكثر من راغبة في الانضمام إلى هذه المعركة. وبالتأكيد كل هذه الدول لديها مصلحة في النتيجة النهائية لمن سيفوز في هذه المعركة".
وأوضح كبير الموظفين السابق للمبعوث الأمريكي الخاص إلى السودان: "أعتقد أنه كلما طال هذا الأمر، باتت هناك أسباب للاعتقاد بأن الجيران سيرون بشكل متزايد فرصة للمشاركة"، مشيرًا إلى أن "الجهات الخارجية مثل مجموعة فاغنر الروسية، التي لديها أنشطة أخرى في منطقة الساحل، قد ترى فرصة أيضًا في المشاركة".
وقال السيناتور كريس كونز، عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ عن ولاية ديلاوير، في تصريحات لـ"صوت أمريكا": "لم أتخل عن الأمل في أنه لا يزال هناك طريق نحو إنهاء العنف، لكننا بحاجة إلى الاستعداد لحقيقة أن السودان قد يوشك على الانزلاق إلى حرب أهلية شاملة".
كونز قال: "ما يقلقني هو أن هذا قد يتحول بسرعة إلى حرب بالوكالة. وأن الدول الأخرى الأكثر قوة والأكثر تطورًا عسكريًا في المنطقة قد تبدأ في إرسال طائرات بدون طيار أو سلاح جوي - وربما حتى ذخائر أو قوات".
وبحسب "صوت أمريكا"، فإن ستة من جيران السودان: جمهورية أفريقيا الوسطى، تشاد، إريتريا، إثيوبيا، ليبيا، جنوب السودان - عانوا من الصراع في السنوات القليلة الماضية.
تفشي عدوى الصراع
السيناتور كريس كونز عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ عن ولاية ديلاوير: "يعتبر القرن الأفريقي بالفعل أحد أكثر مناطق العالم تقلبًا. الآن، هناك قلق متزايد من أن الاضطرابات في السودان يمكن أن تمتد إلى البلدان المجاورة، مثل تشاد وإريتريا، مما يخلق أزمة إقليمية كاملة".
فيما قال المستشار السابق للاتحاد الأفريقي بشأن السودان أليكس دي وال، في تصريحات لـ"فايننشال تايمز"، إن مخاطر التصعيد كبيرة.
"الفريقان متكافئان، للجيش قوة أكبر، فيما تتمتع قوات الدعم السريع بقيادة حميدتي بخبرة قتالية أكبر وربما أموال أكثر"، يقول دي وال، مضيفًا: "يبدو الأمر وكأنه بداية حرب أهلية"، مشيرًا إلى أن كلا الجانبين لديهما قواعد انتخابية مسلحة تسليحا جيدا".
aXA6IDE4LjE5MS44MS40NiA= جزيرة ام اند امز