تتطور الأحداث يوما بعد الآخر في السودان بعد الصراع الذي اندلع منذ أسابيع بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع.
أحداث أدخلت البلاد في حرب قد يكون من الصعب إيقافها، قد تؤدي إلى تدخلات عدة من دول الجوار أو أي من الجهات الخارجية دعما لجهة ضد الأخرى، في ظل ترقب إقليمي ودولي للأوضاع التي تتأزم من وقت لآخر.
ما يحدث من أي تصعيد في السودان أو إثيوبيا، تنظر إليه إحدى الدوليتين بعين المراقب، لأهمية الترابط والحراك السياسي بينهما، وتشابك العديد من الملفات، في ظل تغير الأوضاع السياسية في البلدين .
تأثر البلدين سياسيًا واقتصاديًا ببعضهما ليس بجديد؛ حتى إن وسائل إعلام دولية، حاولت من وقت لآخر إقحام اسم إثيوبيا في دعم أحد طرفي الصراع السوداني، الشيء الذي نفاه رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في بيانات صدرت باللغة العربية موجهة إلى الشعب السوداني.
تظل إثيوبيا أكثر دول الجوار السوداني حساسية بالنسبة للوضع الداخلي السوداني؛ فأديس أبابا لديها العديد من الحركات المسلحة التي تتحرك في الشريط الحدودي بين الدولتين، كانت عبئا ثقيلا بسبب تصعيد الخلافات بين البلدين من وقت لآخر.
يأتي ذلك إضافة إلى أعداد كبيرة من النازحين واللاجئين الذين يعتبرون السودان الملجأ في أوقات الشدة، مثل حرب تيغراي الأخيرة ونزوح أعداد كبيرة من المواطنين، وملفات عدة متشابكة مع السودان، مثل سد النهضة الإثيوبي الكبير، الذي يظل -رغم موقف الخرطوم- مسار جدل وتخوفات لدى بعض الخبراء السودانيين من وقت لآخر.
ملفات أضيفت إلى ملف الحدود الإثيوبية "الفشقة الصغرى والكبرى" والتي ظلت موضوع خلاف لفترة طويلة، وخاصة بعد محاولة اغتيال الرئيس المصري حسني مبارك في أديس أبابا، إبان فترة رئيس الوزراء الراحل ملس زيناوي، وحتى وقتنا الحالي.
كل هذه الملفات جعلت اسم إثيوبيا يرتبط من وقت لآخر بأي أحداث في السودان لتكون أديس أبابا المتهم الأول، حتى إن علاقاتها جيدة مع الخرطوم، وهذا ما حدث خلال تسارع وتيرة نشر التهم علي أديس أبابا من قبل بعض المراقبين الذين توقعوا أن يكون لأديس أبابا يد في الأحداث، بسبب بعض التطورات الأخيرة إبان حرب تيغراي وتحركات مليشيا إقليم أمهرا والمجموعات المسلحة التي تهدد أمن الشريط الحدودي .
ما لا يعلمه البعض أن أي تحرك في السودان سيضر بإثيوبيا بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، من خلال تحركات أجنبية ومعارضة للنظام عبر شريط طويل تتنقل فيه قرابة عشر جماعات مسلحة وجبهات مسلحة تستهدف الداخل الإثيوبي لإسقاط النظام، ما قد يهدد الأمن القومي الإثيوبي.
ليس من مصلحة إثيوبيا أن يكون لها دور في دعم أحد الأطراف المتنازعة في السودان، فلن تكون أديس أبابا في مأمن من أي تحركات علي الحدود بين الدولتين، والتي ستكون مسار تحركات الجهات المتناحرة، في حال تطور الصراع أكثر مما هو عليه الآن.
لعبت إثيوبيا من قبل دور الوساطة لحل الخلاف بين المكون العسكري وقوي الحرية التغيير، في دور كان "الأكثر نجاحا"، وقد يكون لها الآن دور في خلق تقارب بين القوى المتصارعة في الداخل، لقربها من الملف السوداني وقبول الداخل السوداني للتحركات الإثيوبية "التجربة السابقة لإثيوبيا في إدارة الملفات السودانية منذ اتفاقية 1972".
تلك التحركات قد تثير غضب وتخوف البعض، خاصة في ظل الحراك الداخلي الذي تشهده الأوضاع السياسية في إثيوبيا من وقت لآخر .
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة