نزاع السودان.. "حرب شوارع" رغم الهدنة والدول تبدأ إجلاء رعاياها
لم تتوقف أصوات الرصاص ودوي الانفجارات في السودان رغم دخول الهدنة الإنسانية المُعلنة بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع"، لمدة 3 أيام بمناسبة عيد الفطر.
وأكد شهود عيان لـ"العين الإخبارية" أن المعركة بين الجانبين اشتعلت باستخدام الأسلحة الخفيفة والثقيلة في محيط القصر الرئاسي وسط العاصمة الخرطوم.
- ضوء أخضر سوداني واستعدادات دولية.. مهمة الإجلاء في اختبار الـ72 ساعة
- "العين الإخبارية" ترصد خريطة انتشار الجيش السوداني و"الدعم السريع"
وطبقا للشهود، فإن مدينة أم درمان غربي العاصمة الخرطوم شهدت أيضا اشتباكات عنيفة بين الجيش وقوات "الدعم السريع" في الشوارع، ما أدى إلى تعقيد الأوضاع الإنسانية على أرض الواقع.
وأفاد الشهود لـ"العين الإخبارية" بأن "اشتباكات عنيفة تدور في شوارع أحياء جنوبي الخرطوم (الصحافة وأركويت والمعمورة والامتداد، وجبرة)".
متى ينتهي النزاع؟.. البرهان يجيب
وفي سياق متصل، كشف البرهان عن مكان تواجده مؤكدا أنه موجود حاليا في مركز القيادة، مضيفا: "لن أتركه إلا على نعش".
وأوضح البرهان، لقناتي "العربية" و"الحدث"، أن "كل المطارات تحت سيطرة الجيش عدا مطاري الخرطوم ونيالا".
وتابع: "الأوضاع المعيشية في تدهور، ونشاطر المجتمع الدولي قلقه تجاه الرعايا الأجانب".
واتهم قائد الجيش السوداني، قوات الدعم السريع "بالتعدي على البعثات الدبلوماسية دون مراعاة للقانون الدولي".
وحول توقعه لتوقيت انتهاء هذا النزاع، أكد البرهان أنه "لا أحد يمكنه التكهن متى وكيف ستنتهي الحرب".
وأضاف أن "الحرب داخل المدن تطيل أمد المواجهة، وأنه يجب إخراج المسلحين من المناطق السكنية لإنهاء الحرب".
وعبر البرهان عن تصميمه على "دمج قوات الدعم السريع في الجيش" باعتبار أن قضية الدمج هي التي أشعلت النزاع.
وشدد قائد الجيش السوداني على أنه يقوم بواجبه، و"مستعد لتحمل المسؤولية كاملة".
ولمّح إلى أن "النزاع الراهن جزء منه يرجع لأسباب سياسية، ونسعى إلى تنفيذ الانتقال السياسي لحكومة مدنية".
واختتم رئيس مجلس السيادة السوداني بالتأكيد عبأن "الخاسر الأكبر في الحرب هو الشعب السوداني، وندعو لحوار داخلي لحل الأزمة".
وبعث البرهان برسالة إلى الشعب السوداني قائلا: "الحرب فُرضت على قواتكم المسلحة، ونطالبكم بالصبر".
مآلات النزاع
وحول مآلات النزاع، أكد الكاتب والمحلل السياسي أمير بابكر أن "الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع لن تكون طويلة المدى، باعتبارها ستعطل مسيرة التنمية والتحول المدني الديمقراطي".
وأوضح بابكر، في حديثه لـ"العين الإخبارية"، أن "الصراع بين قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو، هو صراع حول السلطة دون رؤى سياسية واضحة".
وأضاف: "الطرفان في نهاية المطاف لن يستطيعا الاستمرار في الحرب، وليس لديهما المقدرة على خوض حرب طويلة، خاصة أن حرب المدن تواجهها صعوبات بالغة في ظل وجود المدنيين.
وحول عودة الأطراف إلى طاولة التفاوض، ذكر بابكر قائلا: "في إطار ضغوط دولية يمكن للطرفين العودة إلى طاولة التفاوض".
وتابع "أي حرب نهايتها التفاوض، والخلل في التوازنات العسكرية يخلق أجواء التفاوض".
مواجهات ممتدة
وللمرة الثانية، امتدت المواجهات إلى ولاية الجزيرة (وسط) المتاخمة للخرطوم على الطريق القومي إلى مدينة ود مدني.
وذلك الطريق هو أحد أكبر المنافذ الرئيسة، واستخدمه مدنيون خلال الأيام الماضية لمغادرة الخرطوم هربا من القتال.
وأطلق ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي تحذيرات للمواطنين بعدم الخروج عبر طريق مدني الخرطوم لأنه "أصبح غير آمن".
وخلال الأيام الماضية دارت اشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في 9 ولايات من أصل 18 في البلاد.
وتأتي الاشتباكات رغم إعلان "الدعم السريع"، عبر بيان في وقت مبكر من صباح الجمعة، هدنة إنسانية لمدة 3 أيام بمناسبة عيد الفطر، بناء على "تفاهمات دولية وإقليمية ومحلية"، وموافقة الجيش لاحقا عليها.
الوضع الصحي
وأعلنت منظمة الصحة العالمية، في بيان، مقتل 413 شخصا وإصابة 3 آلاف و551 آخرين منذ بدء الاشتباكات في 15 أبريل/نيسان الجاري بالعاصمة الخرطوم ومدن أخرى.
أعلنت نقـــابة أطبـــــاء الســـــودان، اليوم السبت، تعرض ست عربات إسعاف للاعتداء من قبل القوات العسكرية المتقاتلة .
وقالت النقابة، في منشور أوردته على صفحتها بموقع "فيسبوك" اليوم ، إنه تم منع الطواقم الطبية لم يسمح لها بالمرور لنقل المرضى وإيصال المعينات.
ولفتت إلى أن 70.8% من المستشفيات المتاخمة لمناطق الاشتباك ما زالت متوقفة عن الخدمة، لافتة إلى أن 56 مستشفى متوقفة عن الخدمة من أصل 79 مستشفى أساسية في العاصمة والولايات.
وكشفت عن تعرض 4 مستشفيات في مدينة الأُبيّــــض للقصف، مما يرفع العدد الكلي للمستشفيات التي تم قصفها إلى 13 مستشفى، موضحة أن 19 مستشفى تعرضت للإخلاء القسري.
وناشدت النقابة المجتمع الدولي والإقليمي للمساعدة العاجلة في وقف هذا الصراع الدموي، وحث الدول على الامتناع عن أي فعل يؤجج الصراع ويزيد اشتعاله وانتشاره في ربوع الوطن.
وفيما أعلن وزير الصحة السوداني هيثم إبراهيم، في تصريح متلفز، رصد أكثر من 400 وفاة في كل مستشفيات البلاد.
لكن لجانا طبية مستقلة تحدثت، عبر بيانات، عن صعوبة الحصول على عدد كامل ودقيق للضحايا في ظل عدم وصول بعضهم إلى مستشفيات، وانتشار جثث في الشوارع وعدم القدرة على التعامل معها جراء القتال.
ودعت "نقابة أطباء السودان"، السبت، المجتمع الدولي إلى "المساعدة العاجلة" لوقف المواجهات المسلحة في البلاد بين الجيش و"قوات الدعم السريع".
كما ناشد البيان "المجتمع الدولي للضغط على طرفي النزاع لفتح ممرات آمنة لنقل المعينات والجرحى والجثث".
وأضاف: "ندعو للالتزام بعدم التعرض للمرافق الصحية وسيارات الإسعاف ومراقبة الهدنة التي بدأت الجمعة وتعاني من الخروقات مثل سابقاتها ومعرفة من يقوم بخرقها".
في الأثناء بحث قائد "قوات الدعم السريع" في السودان محمد حمدان دقلو "حميدتي"، السبت، مع أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش "الأزمة الراهنة" في البلاد.
وقال "حميدتي" في بيان عبر "فيسبوك"، إنه تلقى "اتصالا هاتفيا من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ناقش خلاله جميع القضايا المتعلقة بالأزمة الراهنة، في ضوء الهدنة الإنسانية".
وبحسب البيان، فقد ناقش الاتصال كذلك "أهمية فتح ممرات آمنة للمواطنين والمقيمين وتسهيل حركتهم من أجل الحصول على المساعدات الممكنة".
وأضاف: "أكدنا ضرورة الالتزام بالوقف الكامل لإطلاق النار وتوفير الحماية للعاملين في الحقل الإنساني والطبي، لا سيما موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية والدولية".
وسبق أن دعا الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة بالسودان فولكر بيرتس أطراف النزاع إلى وقف إطلاق النار خلال عيد الفطر، لفتح ممرات آمنة للمدنيين.
وأفادت البعثة الأممية في بيان: يكرر بيرتس النداء الأممي إلى "جميع الأطراف لتنفيذ وقف إطلاق نار خلال العيد من أجل توفير الظروف اللازمة لفتح ممر آمن لجميع المدنيين المحاصرين في مناطق الصراع، حتى يتمكنوا من الحصول على المساعدة الضرورية وتلقي الرعاية الطبية".
وأضافت أنه "في ظل هذه الظروف الصعبة يعرب الممثل الخاص عن تضامنه مع كل الشعب السوداني، ويتمنى له القوة للمثابرة في مواجهة التحديات الحالية".
وتابعت "يأمل الممثل الخاص أن يتغلب هذا الوطن وشعبه العظيم على هذه الأزمة، ويسير قدما نحو مستقبل أفضل يسوده السلام والاستقرار والازدهار".
كما قالت القوى المدنية: "نرحب بإعلان الجيش والدعم السريع موافقتهما على وقف عدائيات إنسانية، نتيجة لتواصل مكثف تم خلال الأيام الماضية بواسطة أطراف دولية عززت المبادرات المحلية بقبول الطرفين للهدنة".
وطالبت طرفي القتال بـ"الالتزام بها (الهدنة) ومعالجة كل القضايا الإنسانية التي نتجت عن مأساة الحرب منذ اندلاعها" بين الجيش بقيادة رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق عبدالفتاح البرهان، و"الدعم السريع" بقيادة نائب رئيس المجلس محمد حمدان دقلو (حميدتي).
ولتجنيب السودان "شبح الانهيار الشامل" دعت القوى المدنية "الأطراف العسكرية والمدنية إلى تطوير اتفاق شامل ودائم لوقف إطلاق النار وحل سياسي تفاوضي يعالج قضايا البلاد الرئيسية".
وبين البرهان وحميدتي خلافات، أبرزها بشأن مقترح لدمج قوات "الدعم السريع" في الجيش، حيث يريد الأول إتمام العملية خلال عامين، هي مدة مرحلة انتقالية مأمولة، بينما يتمسك الثاني بعشر سنوات.
وجراء خلافتهما تأجل مرتين، آخرهما في 5 أبريل/نيسان الجاري، توقيع اتفاق بين العسكريين والمدنيين لإنهاء الأزمة التي يعيشها السودان منذ أن فرض البرهان في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021 إجراءات استثنائية بينها حل مجلس السيادة والوزراء وإعلان حالة الطوارئ.
بدء عمليات الإجلاء
وفي إطار الهدنة أعلن الجيش السوداني، السبت، أن "أمريكا وبريطانيا وفرنسا والصين ستجلي دبلوماسييها ورعاياها".
وكانت قوات الدعم السريع قالت إنها مستعدة لفتح "كل مطارات" السودان "جزئيا" من أجل إجلاء الأجانب.
وقال الجيش السوداني، في بيان، إن "البرهان وافق على تسهيل إجلاء رعايا عدة دول ودبلوماسييها".
ولفت إلى أن "السعودية أجلت بعثتها الدبلوماسية من أراضينا، وستتبعها الأردن".
وكانت وزارة الخارجية السعودية أكدت في وقت سابق "بدء ترتيب إجلاء المواطنين السعوديين وعدد من رعايا الدول الصديقة من السودان".
وتقوم جهات عدة بإعداد خطط لإجلاء الرعايا الأجانب، بينما نشرت الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان قوات في الدول المجاورة، ويدرس الاتحاد الأوروبي خطوة مماثلة.
فيما بحث نيكوس ديندياس وزير الخارجية اليوناني مع نظيره المصري سامح شكري الأوضاع في السودان، والتنسيق بشأن إمكانية المساعدة لعلاج المصابين من الرعايا.
aXA6IDE4LjE5MC4yMTkuMTc4IA== جزيرة ام اند امز