أزمة السودان.. سر مخاوف "الجوار" وكواليس هدنة الـ72 ساعة
على وقع ضغوط دولية لحل الأزمة وبدء هدنة إنسانية تسمح للسودانيين بقضاء عيد الفطر، أعلن طرفا الصراع في السودان الموافقة على هدنة لمدة 72 ساعة.
وكانت قوات الدعم السريع وافقت على هدنة لمدة 3 أيام، اعتبارا من اليوم الجمعة، لتمكين المواطنين من الاحتفال بعيد الفطر، وانسياب الخدمات الإنسانية.
- العيد في الخرطوم.. صلوات ودعوات بوقف الحرب وسط "هدنة مخترقة"
- أزمة السودان.. كيف أشعلت السياسات الأمريكية فتيل الحرب؟
تلتها القوات المسلحة السودانية التي أكدت، في بيان على لسان الناطق الرسمي باسمها، موافقة الجيش على الهدنة.
وعبرت القوات المسلحة عن أملها بأن يلتزم الجميع بكل متطلبات الهدنة، ووقف أي تحركات عسكرية من شأنها عرقلتها.
ترحيب دولي بالهدنة
فيما رحبت الآلية الثلاثية (الاتحاد الأفريقى - الإيقاد - الأمم المتحدة)، بإعلان الجيش السوداني وقوات الدعم السريع هدنة لمدة 3 أيام خلال عيد الفطر.
وأكدت في بيان أن "اتفاق وقف إطلاق النار سيسمح للمدنيين بالحصول على المساعدات الضرورية مثل الغذاء والماء والرعاية الطبية".
وشددت على "أهمية التوصل إلى وقف طويل الأمد للأعمال العدائية في السودان من أجل جميع السودانيين ومستقبلهم".
وفي سياق متصل، رحبت القوى المدنية الموقعة على الاتفاق الإطاري بالسودان بالإعلان عن هدنة من جانب الجيش وقوات الدعم السريع.
وعبرت القوى المدنية الموقعة على الاتفاق عن أملها بأن تشكل الهدنة فرصة للأطراف العسكرية والمدنية لتطوير اتفاق شامل ودائم لوقف إطلاق النار.
من جانبه، رحب وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، الذي تحدث مع قائد الجيش السوداني الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو، بإعلان وقف إطلاق النار في عيد الفطر لمدة 3 أيام.
وقال، في بيان، إنه طالب رئيس المجلس السيادي السوداني وقائد قوات الدعم السريع بالالتزام بوقف إطلاق النار.
وتابع: "يجب عقد مفاوضات بين أطراف الصراع في السودان تتناول تقديم المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين بما في ذلك سحب القوات من المناطق الحضرية".
وشدد على القادة العسكريين والقيادات المدنية بالسودان بالبدء فورا في مفاوضات بشأن ترتيبات لوقف إطلاق نار مستدام لتجنب المزيد من الأضرار.
وفي سياق متصل، قال نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية فيدانت باتيل، الجمعة، إنه "يجب ألا يتوقع المواطنون الأمريكيون في السودان إجلاء تنسقه الحكومة الأمريكية من البلاد، وذلك وسط إطلاق نار كثيف يدوي في العاصمة الخرطوم".
وقال باتيل في إفادة إعلامية، إنه "بالنظر إلى إغلاق مطار الخرطوم والوضع الأمني غير المستقر في البلاد، يتعين على المواطنين هناك اتخاذ الترتيبات الخاصة بهم للبقاء في أمان".
مخاوف دول الجوار
ويثير الصراع الدائر في السودان قلق الدول المجاورة والولايات المتحدة وبلدانا أخرى، لأسباب تمتد من القلق بشأن مياه النيل المشتركة وخطوط أنابيب النفط إلى شكل الحكومة الجديدة، إضافة إلى أزمة إنسانية جديدة تلوح في الأفق.
ويمزق الصراع هذه المرة عاصمة الدولة الواقعة في منطقة غير مستقرة على تخوم البحر الأحمر ومنطقتي الساحل والقرن الأفريقي.
وشهدت 5 من 7 دول مجاورة للسودان، إثيوبيا وتشاد وأفريقيا الوسطى وليبيا وجنوب السودان، اضطرابات سياسية أو صراعات في السنوات القليلة الماضية.
وأدى القتال، الذي اندلع في الخرطوم بين الجيش وقوات الدعم السريع، في 15 أبريل/نيسان، إلى تقويض خطة مدعومة دوليا للانتقال إلى الحكم المدني بعد الإطاحة في عام 2019 بالرئيس عمر البشير، الذي تولى هو نفسه السلطة في انقلاب عام 1989.
ويدور الصراع بين رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، والقائد الثري لقوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو "حميدتي".
مخاطر إقليمية
وتشعر مصر الدولة العربية، الأكثر اكتظاظا بالسكان، والتي لها تاريخ مشترك مع السودان في السياسة والتجارة والثقافة ومياه النيل المشتركة، بالقلق من الاضطرابات السياسية في الدولة الواقعة على حدودها الجنوبية.
والسودانيون هم أكبر جالية أجنبية في مصر وبفارق كبير، ويقدر عددهم بنحو 4 ملايين نسمة من بينهم نحو 60 ألف لاجئ وطالب لجوء.
وإلى ليبيا فقد أصبح السودان نقطة انطلاق وطريق عبور للمهاجرين الذين يسعون للتوجه إلى أوروبا عبر ليبيا، حيث استغل المهربون الصراع والاضطرابات السياسية لمصلحتهم.
أما تشاد، الدولة الفقيرة جارة السودان الغربية، فقد قالت الأمم المتحدة إنه منذ بدء أحدث قتال بالسودان، فقد وصل نحو 20 ألف لاجئ آخر إليها، بعدما وصل إليها في صراعات سابقة نحو 400 ألف نازح سوداني.
وتشعر تشاد بالقلق من امتداد الأزمة عبر الحدود إلى المناطق التي تستضيف فيها اللاجئين ومعظمهم من دارفور.
وقالت الحكومة التشادية إنها نزعت سلاح كتيبة قوامها 320 جنديا كانت قد دخلت أراضيها، الإثنين.
أما جنوب السودان، الدولة التي انفصلت عن السودان في عام 2011 بعد حرب أهلية استمرت عقودا، وتصدر إنتاجها النفطي البالغ 170 ألف برميل يوميا عبر خط أنابيب يمر عبر جارتها الشمالية، فيقول محللون إنه ليس من مصلحة أي من طرفي الصراع في السودان تعطيل تلك التدفقات
لكن حكومة جنوب السودان قالت هذا الأسبوع إن "القتال أعاق بالفعل الروابط اللوجستية والنقل بين حقول النفط وبورسودان".
ويستضيف السودان 800 ألف لاجئ من جنوب السودان، وأي عودة جماعية يمكن أن تفاقم الضغوط على الجهود المبذولة لتوفير المساعدات الأساسية لأكثر من مليوني نازح في جنوب السودان ممن فروا من ديارهم داخل البلاد بسبب الحرب.
أما إثيوبيا فتندلع، دوريا، مناوشات على طول المناطق الحدودية المتنازع عليها بين السودان وإثيوبيا، ويقول محللون إن "أيا من الجانبين ربما يستغل الاضطرابات في السودان للضغط من أجل تحقيق هدفه".
وبعد اندلاع النزاع في منطقة تيغراي بشمال إثيوبيا عام 2020، ثارت توترات بشأن منطقة الفشقة الخصبة المتنازع عليها على الحدود، ودفعت أكثر من 50 ألف لاجئ إثيوبي إلى مناطق فقيرة بالفعل في شرق السودان.
وإلى إريتريا، فإن السودان يستضيف أكثر من 134 ألف لاجئ وطالب لجوء من من هذا البلد.
وفر كثيرون من اللاجئين الإريتريين في شمال إثيوبيا من مخيماتهم أثناء القتال في تيغراي بين عامي 2020 و2022، وقد يتعرض اللاجئون الإريتريون في السودان لمحنة مماثلة إذا تفاقم أي صراع خارج الخرطوم.
aXA6IDE4LjExNi40MC4xNTEg
جزيرة ام اند امز