الأسبوع الثاني من حرب الجنراليْن.. عيدية السودان تتبدد مع احتدام الأزمة
وصل أكثر من 150 شخصًا من مختلف الدول إلى الأمان في السعودية، في أول إجلاء مُعلن للمدنيين من السودان، حيث دخل القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع أسبوعه الثاني.
وتتأهب دول أخرى لإجلاء رعاياها، ما ينذر بأن الأزمة مرشحة للتفاقم فيما لم تصمد الهدنة الهشة أمام الخروقات المتواصلة، في حين يتبادل طرفاها الاتهامات.
وقالت دول أجنبية إنها تستعد لإجلاء محتمل لآلاف أخرى من رعاياها، على الرغم من استمرار إغلاق مطار السودان الرئيسي.
وخلف القتال بين الطرفين مئات القتلى وآلاف الجرحى، في حين يعاني الناجون نقصاً في الكهرباء والغذاء.
وأعلنت وزارة الخارجية السعودية عن "وصول آمن" لـ91 من مواطنيها، إلى جانب رعايا الكويت وقطر والإمارات ومصر وتونس وباكستان والهند وبلغاريا وبنغلاديش والفلبين وكندا وبوركينا فاسو.
ومع قيام القوات البحرية للسعودية بنقل المدنيين، بمن فيهم الدبلوماسيون والمسؤولون الدوليون، عبر البحر الأحمر من بورتسودان إلى جدة، استؤنف القتال في العاصمة السودانية الخرطوم بعد هدنة مؤقتة تلاشت مع إطلاق النار يوم الجمعة، أول أيام عيد الفطر الذي يمر على السودانيين هذا العام بالخوف والحزن.
وفي وقت سابق اليوم السبت، قال الجيش السوداني إن قائده عبدالفتاح البرهان تلقى مكالمات من قادة دول متعددة "لتسهيل وضمان السلامة لإجلاء المواطنين والبعثات الدبلوماسية".
وأشار إلى أنه من المتوقع أن تبدأ عمليات الإجلاء "في الساعات المقبلة"، مضيفا أن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين تخطط لنقل رعاياها جوا من الخرطوم باستخدام طائرات عسكرية.
وقال البرهان في تصريحات تلفزيونية، إن الجيش يسيطر على "جميع المطارات باستثناء مطار الخرطوم" وواحد في نيالا عاصمة جنوب دارفور.
وقال سامي النور، وهو من سكان الخرطوم، لفرانس برس، إن العيد يجب أن يكون "مع الحلويات والمعجنات، مع أطفال سعداء، والناس يزورون الأقارب".
وبدلاً من ذلك، كان هناك "إطلاق نار ورائحة دماء من حولنا". يضيف سامي.
وبدأت حرب المدن في 15 أبريل/نيسان الجاري بين القوات الموالية للبرهان، وتلك التابعة لنائبه الذي تحول إلى خصمه محمد حمدان دقلو، وهو يقود قوات الدعم السريع.
رائحة الدم
وذكر شهود عيان أن دوي إطلاق نار كثيف ودوي انفجارات وطائرات مقاتلة سُمعت صباح السبت في أجزاء كثيرة من العاصمة.
والجمعة أعلن الجيش اتفاقا لوقف إطلاق النار لمدة ثلاثة أيام، وهو ما دعا إليه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ووزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في اليوم السابق.
وقال حميدتي في بيان إنه "ناقش الأزمة الحالية" مع غوتيريش، و"ركز على الهدنة الإنسانية والممرات الآمنة وحماية العاملين في المجال الإنساني".
وحتى الآن قتل 5 من العاملين في المجال الإنساني، بينهم 4 من وكالات مرتبطة بالأمم المتحدة.
كما تم تجاهل وقف إطلاق نار لمدة 24 ساعة تم الإعلان عنه في وقت سابق من الأسبوع.
في الخرطوم، المدينة التي يبلغ عدد سكانها 5 ملايين نسمة، خلف الصراع ذعرا بين المدنيين المحاصرين داخل منازلهم.
في الأثناء، غامر الكثيرون بالخروج فقط للحصول على إمدادات غذائية عاجلة -مخزونها آخذ في التناقص- أو للفرار من المدينة.
وبينما شهدت الخرطوم بعض أعنف المعارك، إلا أنها وقعت في جميع أنحاء البلاد.
واتهم الجيش في وقت متأخر من يوم الجمعة قوات الدعم السريع بشن هجمات في العاصمة التوأم أم درمان حيث أطلقوا سراح "عدد كبير من النزلاء" من أحد السجون ، وهي اتهامات ينفيها الطرف الآخر.
وقالت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان في ساعة مبكرة من صباح اليوم، إن ما يربو على ثلثي المستشفيات المتاخمة لمناطق الاشتباكات توقفت عن الخدمة، مضيفة أن 32 مستشفى إما تعرضت للقصف وإما للإخلاء القسري.
وذكرت أن المستشفيات التي لا تزال تعمل مهددة بالإغلاق أيضا بسبب نقص الكوادر الطبية والإمدادات الطبية والمياه والتيار الكهربائي، مضيفة أن بعض هذه المستشفيات لا تقدم سوى خدمات الإسعافات الأولية.
واستغاث أشخاص على وسائل التواصل الاجتماعي طلبا للمساعدة الطبية والنقل للمستشفيات والأدوية الموصوفة طبيا.
ومن شأن أي هدوء في القتال، اليوم السبت، أن يسرّع وتيرة تكالب سكان الخرطوم اليائسين على الفرار إلى خارج العاصمة بعدما قضوا أياما في منازلهم أو أحيائهم تحت تهديد القصف وتحركات المقاتلين في الشوارع.
اجتماع أزمة
وفي هذه الأثناء عقد وزيرا الدفاع والشؤون الخارجية الألمانيان اجتماع أزمة اليوم السبت، بشأن إجلاء محتمل بعد أن اضطرت ثلاث طائرات نقل عسكرية إلى العودة يوم الأربعاء، وفقا لما ذكرته صحيفة دير شبيغل الأسبوعية الألمانية.
وقالت الولايات المتحدة، الجمعة، إن إجلاء موظفي السفارة ما زال محفوفا بالمخاطر.
وفي وقت لاحق ، قالت قوات الدعم السريع إنها مستعدة "جزئيًا" لفتح "جميع المطارات" في السودان لإجلاء المواطنين الأجانب.
ولم تتمكن "العين الإخبارية" من التحقق من المطارات التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع.
من جهتها، قالت منظمة الصحة العالمية إن 413 شخصا قتلوا وأُصيب 3551 في القتال في أنحاء السودان، لكن يعتقد أن العدد الفعلي للقتلى أعلى.
وقالت نقابة الأطباء إن أكثر من ثلثي المستشفيات في الخرطوم والولايات المجاورة "خارج الخدمة" الآن، كما تعرضت أربع مستشفيات على الأقل في ولاية شمال كردفان للقصف.
بدوره، قال برنامج الغذاء العالمي إن العنف قد يدفع ملايين آخرين إلى الجوع في بلد يحتاج ثلث السكان فيه إلى المساعدة.
وتركز الخلاف بين البرهان وحميدتي على الدمج المخطط لقوات الدعم السريع في الجيش النظامي، وهو شرط أساسي لاتفاق يهدف إلى استعادة الانتقال الديمقراطي في السودان بعد أن أطاح الجيش بالبشير في أبريل/نيسان 2019 عقب احتجاجات شعبية حاشدة.
في أكتوبر/تشرين الأول 2021، انضم البرهان وحميدتي للإطاحة بحكومة مدنية تم تشكيلها بعد سقوط نظام عمر البشير.