سيناريوهات متعددة تفتح أمامنا الأسئلة الكبرى حول قضية الأمن والاستقرار في منطقة الخليج العربي خلال المرحلة القادمة.
خصوصا أن تسارع المعطيات السياسية خلال الربع الأخير من عام 2020م أسهم في تزاحم الأسئلة والأحداث حول مضيق هرمز؛ البوابة الوحيدة للعالم إلى مياه الخليج العربي، كل الاحتمالات مفتوحة، فقد يتحسّن الوضع الأمني للمنطقة، وقد يستمر الوضع على ما هو عليه أيضاً بحيث تبقى أمريكا وإيران في مناوشاتهما السياسية لعام قادم، ولكن الأخطر بين هذه السيناريوهات أن تحدث توترات يمكنها تصعيد الوضع والسماح بقيام مواجهات عسكرية.
العوامل المحورية التي سوف تحدد الصورة المحتملة والتي يمكن التنبؤ بها حول الأزمة الإيرانية من حيث الصراع مع إيران والدور الأمريكي والدولي في رسم صيغة هذا الصراع مستقبلا، تعتمد بكل تأكيد على رؤية الرئيس الأمريكي القادم إلى البيت الأبيض، فالمشتركات في الأهداف بين الولايات المتحدة ودول الخليج تجاه العدوانية الإيرانية يمكن الاستناد إليها في تصور المستقبل القادم للخليج، ولو على المستويين المتوسط والقصير، فالطرفان يمتلكان نفس الرغبة في ضبط سلوك النظام في إيران وثنيه عن امتلاك سلاح نووي، وكذلك ردع تدخلات إيران المباشرة في كثير من دول الشرق الأوسط وإشعالها الكثير من الأزمات في العمق العربي.
الخطاب السياسي الإيراني الذي يصدّر وبشكل مستمر من "المرشد" الأعلى أو أي من رجالاته في الحكومة الإيرانية أو الحرس الثوري، هو محاولة مستميتة لتمرير فكرة أن إيران قادرة على مواجهة أمريكا وأوروبا، ولديها القدرة على ثني هاتين القوتين عن أي محاولة للتقليل من حجم وقدرات إيران العسكرية، والحقيقة أن السنوات الأربع الماضية استطاعت فعليا أن تهز أركان المجتمع الإيراني من الداخل اقتصاديا واجتماعيا، فالفقر والمخدرات ينتشران اليوم في إيران والطبقة الوسطى تنقرض بشكل تدريجي، وبيع الأعضاء والفساد، كلها وصلت إلى إيران خلال السنوات الأربع الماضية، لدرجة لا يمكن تجاوزها بدون تأثير على النظام نفسه.
اللغة الهجومية التي يتخذها "المرشد" تعكس بوضوح حجم الأزمة في الداخل، فهو يسعى جاهداً إلى أن يبيع إعلاميا للشعب الإيراني أن إيران قوية بصواريخها الباليستية وقدراتها النووية، وأنها قادرة على أن تفرض الطريقة التي تريدها على أمريكا في قضية العودة إلى خطة العمل المشترك التي أبطل مفعولها الرئيس الأمريكي ترامب، وهنا يأتي السؤال الأهم حول الأمن في الخليج كممر مائي وليس كدول.
عسكريا، يستحيل على إيران أن تدخل في مواجهة مع أي طرف سواء أمريكا أو حتى دول الخليج، فهي تدرك أنه سيكون من السهل بناء تحالفات دولية ضدها كونها غارقة في دعم عناصر إرهابية والكثير من دول العالم تنتظر اللحظة المناسبة للانضمام إلى تحالف يحجّم النظام الإيراني فعليا، لذلك فإن الاحتمال الأكبر أن يستمر الدعم الدولي نحو إضعاف إيران من الداخل وتقليم أظافرها في الخارج، إلى أن تتخلى فعليا عن طموحاتها التوسعية التي يعتبرها العالم خطا أحمر في مسيرة النظام العالمي.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة