بعد مرور سنوات على ما سُمي "الربيع العربي" راودتني تخيلات وسيناريوهات كمنْ يُريد العودة بالزمن للوراء.
واستشراف مسار جديد له، ماذا لو بقي الإخوان في مصر؟ ماذا لو لم تحدث ثورة 30 يونيو؟ هل سيتحسن حال الوطن العربي وشعوبه في ظل حكم الإخوان؟
يرى الكثير من العرب أنه لا داعي لتذكر أيام ماسمي "الربيع العربي" بعد مرور ١٠ سنوات عليه، فهو الذي خلّف وراءه نصف مليون قتيل، وستة عشر مليون لاجئ، عدا عن حروب أهلية وصراعات لم تضع أوزارها حتى الآن مثل: اليمن، وسوريا، وليبيا، وجعلت تونس التي قد تكون الاستثناء عن المشهد تزداد فقرا، وتعيش في توهان أكثر تحت اسم "الديمقراطية"، وأصبحت الصورة سوداوية في الكثير من الدول العربية التي زارها هذا الربيع المشؤوم، ولم تكن مؤشراً على تحولات حقيقية غيّرت في حياة الناس، ما جعل من شعارات الميادين بالحرية والعدالة خارجة عن إطار التنعم؛ بسبب تبدل وجوه الزعماء في السلطة، وتوقف حركة عجلة النمو والبناء والتطور.
لقد كشف "الربيع العربي"، الذي صار عمره عشر سنوات، عن هشاشة أنظمة معيّنة، ومدى استعداد الإخوان المسلمين، الذين لا يمكن الوثوق بهم، لاستغلال أيّ فرصة للانقضاض على السلطة والاحتفاظ بها، وعليه يجب على بعض المجتمعات العربية أن تعترف بالفشل المتراكم بعد أن دفعت الثمن من جماعات الإسلام السياسي التي فشلت في أن تعترف بالمشتركات الوطنية والأخلاقية والقانونية، والتعايش المدني، واعتمادها على الأيديولوجيات لتسيير حياة المجتمعات والشعوب، رغم تسويقها للحرية والديمقراطية وبقية الشعارات البراقة، ما أسهم في رفضهم تماما، والتي لطالما رقصت على ألم ومآسي الشعوب، ومارست الشعبوية لتحقيق غاياتها.
لقد خلف لنا "الربيع العربي" مصطلح "حريم السلطان"، وهم الإخوان الهاربون من أوطانهم إلى تركيا، بعد احتراق أوراقهم وانكشاف أمرهم، واتضاح حقيقتهم، وتحول "الربيع" إلى كابوس، وعملوا لخدمة أجندات أردوغان وتقديم الولاء له، وتقديسه وتلميعه، وإنزال الأحاديث النبوية عليه وعلى إسطنبول، وينكرون المنكر في بلداننا، ويصمتون عن منكرات تركيا وشذوذها.
لقد أثبتت جماعة الإخوان أنها مشكلة أمنية؛ لما تمثله من تهديد مباشر للأمن العربي، نتيجة تصديها لسياسات الحكومات، وتنفيذا لسياسات أردوغان، ولسعيها للسيطرة على عقول المواطنين وتمرير الأفكار المتطرفة، ومن هنا يظهر لنا وبعد متابعة مستمرة وعميقة مدى تجاوز السلوك التركي للأعراف والمواثيق والقوانين الدولية، سواء ما يحدث حاليا من تدخل مباشر في "سوريا وليبيا والصومال واليمن وشرق المتوسط"، أو ما كان يقدمه للإخوان تحت اسم "الربيع العربي" لتقويض وتهديد أمن الشعوب، فجماعة الإخوان ليست مشروعا عربيا، بل هي مشروع استعماري بمخالب وأدوات عربية خائنة، فما دمّرته الجماعة، وأجهضته من تجارب تنموية، وحطَّمته من آمالٍ مستقبلية، يفوق أحلام المستعمرين وكل الأعداء.
فهل تبقى الدول العربية صامدة؟، لا سيما أن هناك دولا أخرى مثل "السعودية" تسلحت شعبيا من خلال الإرادة السياسية، والإرادة الشرعية الممثلة في هيئة كبار العلماء، في ظل تكاثر الهاربين من الإخوان الذين يلعبون دورا محوريا في تنفيذ الأجندة التركية الداعمة لتيارات الإسلام السياسي، وفي النظرة القاصرة لفهم معنى الوطنية، ولكونهم الخنجر المسموم في خاصرة العرب، واليد التي تسهم في إعادة التاريخ الاستعماري العثماني وتكريس نفوذه، والولاء والوصاية التركية، وجر المنطقة إلى حروب وصراعات؛ للوصول إلى غاياتهم.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة