البداية من أمريكا.. العمل عن بعد يعيد هيكلة ديموغرافيا الدول
بدأت شركات كبرى مثل جوجل وفيسبوك وبدرجة أقل أبل، في تنفيذ العمل الهجين، الذي يجمع بين العمل عن بعد والدوام المكتبي.
لم يعد العمل عن بعد مجرد وظائف ذات أقلية في سوق العمل القائم على الدوام الكامل في المكاتب، لكنه تحول بعد تفشي جائحة كورونا إلى أولوية في عديد قطاعات العمل.
يأتي ذلك، بينما تكافح دائرة إحصاء العمل في الولايات المتحدة، حول كيفية قياس هذا التحول المذهل، في شكل الوظائف، وكيفية حساب نسب البطالة والعمالة فيها.
- إثر انتهاء الجائحة.. 80% من الشركات الأمريكية ستبقي على العمل عن بعد
- "العمل عن بعد" يعزز آليات الاقتصاد الرقمي في الإمارات
يظهر تقرير لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية، الأسبوع الماضي، أنه تم إنجاز حوالي ثلث العمل عن بُعد في الولايات المتحدة في عامي 2021 و2022.
وبدأت شركات كبرى مثل جوجل وفيسبوك وبدرجة أقل أبل، في تنفيذ العمل الهجين، الذي يجمع بين العمل عن بعد والدوام المكتبي بمعدل يومين أو ثلاثة لكل منهما.
تظهر أعلى معدلات العمل عن بعد، بين التكنولوجيا والاتصالات والخدمات المهنية وعمال التمويل والتأمين والإعلام، وفقًا لبيانات من أكثر من 200 ألف شركة في الولايات المتحدة.
تشير بيانات نشرتها واشنطن بوست إلى أن الثورة الحقيقية عن بُعد لا تحدث في عمالقة التكنولوجيا فحسب، بل في كل شركة يمكن أن تنجز أعمالها بعيدا عن المكتب.
وينتشر العمل عن بعد في المدن والمناطق الحضرية الكبرى داخل الولايات المتحدة، مثل نيوريوك، ومانهاتن وسان فرانسيسكو، جنبا إلى جنب مع الكثير من ضواحي شمال فيرجينيا وحتى واشنطن العاصمة.
والسبب في ذلك، إلى أن الأفراد الذين يمارسون هذا النوع من الوظائف، ينتقلون إلى ضواحي أبعد بأسعار معقولة، سواء للاقتراب من العائلة أو للحصول على المزيد الرفاهية والهدوء مقابل أموالهم، بعيدا عن المدن المكلفة.
كشفت أحدث التقديرات السكانية من قبل مكتب الإحصاء، عن الاضطرابات في السكن، حيث انتشر الأمريكيون في المناطق الريفية والضواحي والضواحي بمعدلات لم نشهدها منذ عقد على الأقل، السبب، العمل عن بعد.
وتجدر الإشارة إلى أن اثنتين من المقاطعات ذات الوظائف الأكثر تأهلاً عن بُعد، وهما مانهاتن (مقاطعة نيويورك) وسان فرانسيسكو، شهدت أسرع خسارة سكانية في أي مقاطعة في الفترة من 2020 إلى 2021.
كل هذا يتفق تماما مع كون العمل عن بُعد محركا مهما للتغيرات السكانية الوبائية، ويمتد التأثير إلى ما وراء سان فرانسيسكو ومدينة نيويورك.
Gig Economy
تواجه الوظائف حول العالم، واحدة من أبرز التحديات وإعادة الهيكلة من جانب المؤسسات العالمية ذات الكثافة الوظيفية المرتفعة.
يأتي ذلك في ظل حالة من عدم الاستقرار العالمي، الناتج عن تفشي فيروس كورونا (كوفيد-19)، وتبعاته على النشاط الاقتصادي.
ومع تفشي الفيروس من جهة، وتعزيز اعتماد المؤسسات والشركات على الذكاء الاصطناعي، تسارعت وتيرة اللجوء إلى ما يسمى بـ"Gig Economy"، والتي لا توجد لها ترجمة عربية دقيقة، لكنها أقرب إلى "الوظائف عن بعد".
يعرف الـGig Economy، بأنه التقاء اتجاهين متقابلين من أي زاويتين مختلفتين على الكوكب، أحدهما باحث عن عمل وآخر باحث عن عامل، بينهما منصة أو وسيط، انسجما في مهام مشتركة، مشكلة هوية جديدة للشكل المستقبلي للموارد البشرية.
ونشط تطبيق المفهوم في 2015، إلا أنه تسارع مؤخرا مع رغبة الشركات في التخلص من النفقات المالية الإضافية، مثل المكاتب والنفقات العامة لمقرات الشركات، وأتعاب نهاية الخدمة للموظفين، لتقتصر العلاقة بين الطرفين على تقديم المهارات مقابل أجر نهاية الشهر.
من أمثلة هذا المفهوم في الوظائف، ما يعرف باقتصاد المشاركة أو (Sharing Economy)، وأبسط نماذجها أوبر وكريم، إلى جانب وظائف العمل عن بعد دون وجود عقد عمل.
ولم تتوقف أنماط الوظائف التي تحولت بفضل التكنولوجيا إلى إمكانية تبني هذا النموذج من العمل، ومن أمثلة تلك الوظائف، الصحافة والإعلام، التصوير والمونتاج، قطاع تكنولوجيا المعلومات، الأزياء، النقل، بناء أنظمة الحماية الذكية، ومئات الوظائف الأخرى.
aXA6IDMuMTMzLjE1Mi4yNiA=
جزيرة ام اند امز