كورونا الذي انتشر كوباء عالمي مع انطلاقة العام 2020، جعل العالم مريضا في سياساته واقتصاده وحياته الثقافية
أكثر من نصف الولايات الأمريكية تشهد تظاهرات حاشدة ردا على مقتل المواطن الأمريكي الأسود- جورج فلويد، ولعل السؤال الأهم يقول لماذا تتصدر هذه الحادثة الساحات الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي وهل لوباء كورونا أي علاقة بهذه الحادثة..؟.
في البداية لابد من الفهم أن أمريكا دولة ليبرالية عميقة، ومعنى ذلك أنها تمنح الاعتراف بجميع المواطنين كونهم بشر وبغض النظر عن انتماءاتهم العرقية، وهذا ما يجعل من أمريكا التي نعرفها دولة تقوم على قاعدة محددة هي "قاعدة المبادئ المفتوحة والمعلنة".
كما نعرف أمريكا تاريخيا فإنها نتاج طبيعي لسنوات طويلة من الجدل حول الحقوق والواجبات التي وصلت في النهاية إلى بناء هذه الدولة التي تعتبر الأكثر تأثيرا وقوة بين دول العالم اليوم، وبحسب التاريخ صنعت أمريكا انسجاما مع الطبيعة التي خلقتها الأنظمة والدستور الأمريكي عبر الاعتراف بالجميع.
إذن التاريخ الأمريكي مثقل بالحقائق حول هذه الدولة التي بنيت أركانها على مبادئ ديمقراطية وليبرالية راسخة ولعل السؤال الأهم يقول: لماذا يحدث كل هذا وماهي المحركات الخفية خلف تأجيج حادثة المواطن الأمريكي "فلويد".
كورونا له أثار كثيرة على هذه الأرض وقد يستمر هذا الوباء ليصبح سببا مباشرا لإعادة إحياء الكثير من المشكلات الغارقة في التاريخ العالمي.
الحقيقة أن العالم كله يتغير وبوتيرة متسارعة دون تحديد الاتجاهات في هذا التحرك، ومنذ بداية القرن الحادي والعشرين وجميع الخيارات مفتوحة أمام الدول، فالتقنية وعصر الذكاء الاصطناعي وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي وغياب معايير الاستقرار الاقتصادي، كلها وغيرها عوامل مهمة في توقعات الأحداث المستقبلية، خاصة وأن الأزمات الدولية في هذا القرن أصبحت تحدث بلا مقدمات بل وتتسارع في حدوثها كما حصل مع وباء كورونا الذي غير الحياة البشرية على الأرض بلا استثناء.
كورونا الذي انتشر كوباء عالمي مع انطلاقة العام 2020م، جعل العالم مريضا في سياساته واقتصاده وحياته الثقافية، وساهم في خوف البشرية كلها من المرض، وهذا يعني أن إصابة العالم كله بالمرض تعني أن هذا العالم المصاب.
وفي أي بقعة منه يمكنه أن يتصرف بلا وعي وبلا إدراك، وهذا ما يجعلنا نتصور وبدقة أن أحداث أمريكا غير المسبوقة لها علاقة مباشرة بمرض العالم، ولن تكون أمريكا استثناء من حدوث الأزمات فكثير من دول العالم يمكنها التعرض لما تتعرض له أمريكا.
كورونا له أثار كثيرة على هذه الأرض وقد يستمر هذا الوباء ليصبح سببا مباشرا لإعادة إحياء الكثير من المشكلات الغارقة في التاريخ العالمي تحت رماد التطور والتحضر الإنساني، لست متشائما مما يحدث في أمريكا فهذه الدولة من وجهة نظري لازالت قادرة على التكيف.
ومهما كانت الأسباب التي تقف خلف هذه الأزمة، إلا أن تعافي العالم من وباء كورونا وعودة الحياة الاقتصادية إلى ماكانت عليه قبل ستة أشهر مطلب دولي، لوقف النزف الذي يحدثه انحسار الاقتصاد العالمي وتأثيرات ذلك على الدول والشعوب ليس اقتصاديا فقط وإنما تاريخيا وثقافيا أيضا.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة