بايدن إلى جورجيا.. عين تغازل الأقليات وأصبع على "الخيار النووي"
يحط الرئيس الأمريكي، اليوم الثلاثاء، الرحال بولاية جورجيا، في رحلة سياسية تغازل الأقليات وتستبيح الممنوع ضمن الصراع مع الجمهوريين.
الرحلة الرئاسية التي ترافق فيها جو بايدن نائبته كامالا هاريس، توصف بأنها "مشحونة رمزيا ومحفوفة بالأخطار السياسية".
إذ تهدف إلى تقديم وعد حاسم لرئاسة الرئيس الديمقراطي، يتمثل في حماية وصول الأقليات، خصوصا الأمريكيين من أصل أفريقي، إلى حق التصويت.
وبعد إلقاء خطاب قوي الأسبوع الماضي في ذكرى السادس من يناير/ كانون الثاني، عندما حاول أنصار للرئيس الجمهوري السابق، دونالد ترامب، اقتحام مبنى الكابيتول بهدف منع مصادقة النواب على فوز منافسه الديمقراطي، في الانتخابات الرئاسية للعام 2020، سيتحدث بايدن في عاصمة الولاية أتلانتا عن حاجة الكونجرس إلى إقرار قوانين لحماية الديمقراطية في البلاد.
واتهم الديمقراطيون الهيئات التشريعية في الولايات الجمهورية بسن قوانين من شأنها تقييد حقوق تصويت الأقليات، والحد من إمكان التصويت المبكر والتصويت بالبريد.
وهذه المسألة تضع الديمقراطيين في مواجهة الجمهوريين فيما يصوره الجانبان على أنه معركة على الحرية نفسها.
بيد أن الفرصة الوحيدة أمام الديمقراطيين لتمرير هذه الإصلاحات ستكون استخدام إجراء في مجلس الشيوخ، يحذر الجمهوريون من أنه سيقضي على ما تبقى من روح الثنائية الحزبية المتراجعة أصلا في المجلس التشريعي المنقسم.
طموح ديمقراطي كبير
وينضم الرئيس بايدن إلى المعركة فيما تتراجع شعبيته إلى ما دون الـ40 %، فيما يتوقع أن يتولى الجمهوريون رئاسة الكونجرس في انتخابات منتصف الولاية في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.
ويقول البيت الأبيض إن بايدن يشعر بأن الوقت قد حان للمراهنة على طموح ديمقراطي كبير.
وانتزع الصحفيون من الناطقة باسم البيت الأبيض جين ساكي، تعليقا قالت فيه: "هو (بايدن) يعتقد أنه يجب رفع الرهان. لم يكن سيذهب إلى جورجيا.. لو لم يكن مستعدا.. هدف بايدن هو التأكد من أن السادس من يناير لا يمثل نهاية الديمقراطية بل بداية نهضة".
ويرى الديمقراطيون أن هناك حاجة وجودية إلى الإصلاحات عقب الفوضى غير المسبوقة عام 2020 الناجمة عن محاولة ترامب تفادي الهزيمة.
وبحسب الديمقراطيين، فإن مشاريع القوانين قيد الدراسة من شأنها أن تمنع عمليات التزوير، بدءا من الترسيم الحزبي للدوائر الانتخابية إلى استخدام إجراءات أمنية كوسيلة لتثبيط عزيمة الناخبين للاقتراع في الدوائر المؤيدة للديمقراطيين.
ومن شأنها أيضا إنهاء القدرة المحتملة لسلطات الولاية على التلاعب بنتائج الانتخابات في ظل قواعد غامضة قائمة.
بايدن و"الخيار النووي"
وقال سيدريك ريتشموند كبير مستشاري البيت الأبيض لصحيفة "بوليتيكو": "نحن ذاهبون إلى المركز من أجل وضع حد لمحاولات منع الناخبين من الوصول إلى صناديق الاقتراع ومنع عمليات التخريب وعرقلة الانتخابات".
لكن المشكلة تكمن في أن الجمهوريين يعارضون ذلك الأمر بشدة، تاركين للديمقراطيين فقط ما يطلق عليه "الخيار النووي" لإنهاء المماطلة السياسية.
فمجلس الشيوخ منقسم بنسبة 50/50، مع تدخل نائبة الرئيس كامالا هاريس لمصلحة الديمقراطيين لكسر التعادل.
وبموجب اتفاق غير رسمي، يمكن لأي من الجانبين إعلان ما يسمى المماطلة السياسية، ما يؤدي تلقائيا إلى رفع الأغلبية المطلوبة من 51 إلى 60 على الأقل.
وهذا يعني القضاء على أي مشروع قانون لا يحظى بدعم كبير من المعارضة.
وكان الجمهوريون واضحين في أنهم سيستخدمون المماطلة السياسية للقضاء على مشاريع قوانين مرتبطة بحقوق التصويت، إذ يقولون إنها ستقوض الديمقراطية ولن تعززها، من خلال نقل السلطة من سلطات الولاية إلى الحكومة الفيدرالية.
ويمكن للديمقراطيين أن يقرّوا تعليقا للمماطلة السياسية لمرة واحدة. يبدو ذلك سهلا، لكنه نادرا ما حدث في السابق بسبب الخوف من أن الطرف الآخر سيقوم بالأمر نفسه عندما يرى ذلك مناسبا.
وبايدن، وهو عضو سابق في مجلس الشيوخ، عارض لفترة طويلة اللجوء إلى هذا الخيار. لكن في خطابه الأخير توقع أن يعطي موافقته عليه، معتبرا أن إصلاحات قانون التصويت أمر حيوي للغاية.
ملحمة جورجيا
أدت جورجيا دورا رئيسيا في رحلة الولايات المتحدة الملحمية من العبودية إلى النضال في سبيل الحصول على الحقوق المدنية في الخمسينيات والستينيات.
وظهرت مجددا نقطة محورية في الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة، عندما حاول ترامب عبثا الضغط على مسؤولين محليين لعكس خسارته بفارق ضئيل في الولاية بطريقة أو بأخرى، وهي خسارة ساهمت في ترسيخ هزيمته الشاملة أمام بايدن.
وسترافق بايدن كامالا هاريس وهي أول نائبة رئيس من البشرة السوداء وأول امرأة وشخص من أصل جنوب آسيوي يتولى المنصب.
وقد رافقته أيضا عندما ألقى خطابه القوي في السادس من يناير/ كانون الثاني الماضي.
لكن بالنسبة إلى الجمهوريين، فإن الصورة معكوسة؛ ويقول زعيمهم في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل عن الديمقراطيين: "يريدون إسكات ملايين الأمريكيين والسيطرة على مجلس الشيوخ، حتى يتمكنوا من الاستيلاء على الانتخابات".
فيما يرى عضو جمهوري بارز آخر هو السيناتور ليندسي جراهام، في الأمر كله "انتزاعا للسلطة" من قبل خصومه في الحزب الديمقراطي، محذرا من أن ترتد عليهم، مع تحرر الجمهوريين وقتها من تعليق حكم الأغلبية العظمى بمجرد استعادة السيطرة على مجلس الشيوخ.
وخلص غراهام إلى أن النتيجة حينها ستكون نهاية الشراكة بين الحزبين مع "تأرجحات جامحة" بين "البرامج المتطرفة لليسار واليمين". معتبرا أن "هذا الجهد لتغيير قواعد مجلس الشيوخ... سيدمر أمريكا مع الوقت".
aXA6IDMuMTQ2LjE1Mi4xNDcg جزيرة ام اند امز