أحد الأسباب التي أفضت إلى هزيمة هيلاري أنها لجأت خلال حملتها إلى تبني أساليب نسائية تقليدية ساذجة
أثارت خسارة المرشحة الديمقراطية للرئاسة هيلاري كلينتون في انتخابات الرئاسة جدلا بين الأميركيات عبرت عنه وسائل الإعلام الأميركية، حيث نشرت مجلة "فانيتي فير" النسائية تقريرا تحت عنوان: "لماذا عجزت هيلاري كلينتون عن كسب الناخبات"، فيما عنونت مجلة "تايم" إحدى مقالاتها: "لماذا تخلى العديد من النساء عن هيلاري كلينتون؟". ونشر موقع "سليت" الإخباري الأميركي تحليلا سياسيا عنوانه: "النساء البيض يخن التآخي النسائي والعالم عبر التصويت لترامب".
وبحسب بيانات صادرة عن معهد بو للأبحاث، تؤيد معظم النساء الديموقراطيين عامة، وأما النساء البيض فهن أكثر ميلا للجمهوريين. ولكن نتيجة الانتخابات الأخيرة تشير أيضا إلى عدم تخلي النساء البيض عن كلينتون، نظرا لأن عددا كبيرا منهن كن ميالات لانتخاب مرشح جمهوري بغض النظر عن شخص المرشح. ورغم ذلك تمكنت هيلاري كلينتون من كسب أصوات 51% من الجامعيات البيض، بما يمثل انقلابا حزبيا عما كان عليه الحال في انتخابات عام 2012، عندما حاز المرشح الجمهوري آنذاك، ميت رومني، على أصوات 52% من الجامعيات البيض، فيما ذهبت أصوات 46% منهن لصالح أوباما.
وأشارت كلير فوران، محررة في مجلة "أتلانتيك"، إلى أن غالبية النساء دعمن كلينتون ضد دونالد ترامب، وبنسبة 54% مقابل 42%. كما أشارت بيانات صادرة عن صناديق الاقتراع إلى أن 94% من النساء السود و68% من النساء من أصول أميركية لاتينية صوتن لكلينتون.
أما سامانثا بي، مقدمة برامج تلفزيونية ومعلقة سياسية، وهي أيضا كاتبة أميركية ـ كندية، فقد وجهت كلمات قاسية لنساء بيض. وكتبت: "وقفت غالبية النساء البيض أمام خيار تاريخي بين أن يفضلن أول رئيسة لأميركا، أو رجلا مسلحا بهرمون الذكورة، فاخترن هذا الرجل". وجاءت الرسالة واضحة للناخبات النساء: لم يخنَّ المرأة التي حاولت تحطيم السقف الزجاجي، وحسب، بل خن بعضهن البعض".
وعلقت كيلي ديتمار، باحثة في مركز نساء أميركا والعمل السياسي في جامعة روتجيرز "لو كانت النساء هن الناخبات الوحيدات اللاتي شاركن في هذه الانتخابات، لكانت كلينتون قد فازت حتما. وأعتقد أن الرواية القائلة إن كلينتون فشلت في كسب أصوات النساء تغفل حقيقة الدعم القوي الذي نالته في أوساط جميع النساء، وخاصة الملونات".
ويبين هذا الجدل النسوي التجاهل المتعمد من بعض اتجاهات الحركة النسوية الأميركية لرزمة حقائق يتعلق بعضها بطبيعة النظام السياسي الأميركي، ومنها أن الأميركيات لسن ممنوعات من الحكم بنص دستوري. وأن ثمة عوامل موضوعية وسمات شخصية هي التي تحدد هوية وليس جنس سيد البيت الأبيض.
ولعل أحد الأسباب التي أفضت إلى هزيمة السيدة كلنتون أنها لجأت خلال حملتها إلى تبني أساليب نسائية تقليدية ساذجة لجمع أصوات المؤيدات تمحورت على قضية التحرش الجنسي التي تعد ظاهرة اجتماعية سلبية، ليست من اختراعات ترامب نفسه.
أي أن كلبنتون لم تثبت أهليتها لقيادة أميركا برجالها ونسائها، بل جنحت نحو قيادة الأميركيات فقط. بينما أدركت أول امرأة ترأس مجلس النواب، أي النائبة نانسي بيلوسي التي وصفها الرئيس أوباما بأنها "قائدة غير عادية للشعب الأميركي"، أهمية تطوير تمثيل النساء في أجهزة الحكم الأميركي أولا، وهي مهمة تتطلب زمنا طويلا، يقارب 200 عام حتى يتساوى الرجال والنساء في عضوية الكونجرس". بينما توقعت الكاتبة نينا باهدور أن يتساوى عدد النساء بعدد الرجال في الكونجرس عام 2121. وقدر معهد أبحاث صناعة سياسة المرأة (IWPR) أن تنتظر النساء 100 عام ليتساوى عددهن مع عدد الرجال في الكونجرس.
نقلا عن الوطن السعودية
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة