الدوحة في نصف عام.. فضائح قطرية مدوية كشفتها وثائق أمريكية
استطاعت "بوابة العين" الإخبارية أن تهز عرش أمراء قطر خلال 6 أشهر من عمر المقاطعة عبر وثائق سرية أمريكية كشفت عن تآمر وخيانة الدوحة
لربما اعتقد المسؤولون القطريون وعلى رأسهم "الحمدين" أن أحاديثهم السرية مع كبار المسؤولين الأمريكيين ستبقى كذلك، لكن الرياح سارت بما لا تشتهي السفن.
إذ كشفت وثائق سرية كتبها دبلوماسيون أمريكيون، شاركوا في هذه اللقاءات، عن 6 فضائح قطرية من المؤكد أن الدوحة رغبت في أن تخفيها عن العلن، وهو ما نشرته بوابة العين الإخبارية خلال الأشهر الماضية، نقلا عن موقع "ويكيليكس"، وتسلط الضوء عليه مجددا اليوم، مع مرور نصف عام على مقاطعة قطر جراء دعمها الإرهاب.
فأولا: كشفت تلك الوثائق، التي كانت بوابة العين الإخبارية سبّاقة في نشر تفاصيلها، عن كذبة إغلاق المكتب الإسرائيلي في الدوحة.
وثانيا: أماطت اللثام عن الدفاع القطري عن إيران.
وثالثا: كشفت عن مسعى قطري للدفع باتجاه اعتراف من حركة حماس بإسرائيل.
ورابعا: كشفت عن تحريض قطري على الدور المصري لتحقيق السلام الفلسطيني-الإسرائيلي.
وخامسا: كشفت عن تفضيل قطر تقديم مساعداتها إلى غزة من خلال إسرائيل بدلا من مصر.
أما سادسا: فقد رفضت قطر تقديم مساعدات مالية للسلطة الفلسطينية في الوقت الذي كانت فيه تل أبيب توقف تحويل المستحقات المالية للفلسطينيين في مسعى لإنهيار السلطة، توطئة لضم الضفة الغربية إلى إسرائيل.
كذبة إغلاق المكتب الإسرائيلي
البرقيات التي اطلعت عليها بوابة العين الإخبارية أظهرت أنه على الرغم من إعلان قطر إغلاق مكتب التمثيل الإسرائيلي في الدوحة لتسهيل انعقاد قمة منظمة المؤتمر الإسلامي في شهر يناير/كانون ثان 2009 إلا أن المكتب لم يُغلق وبقي الموظفون الإسرائيليون فيه كالمعتاد.
وتُبرز البرقية أن وزيرة الخارجية الإسرائيلية آنذاك، تسيبي ليفني، قدّرت دعوة قطر لها لزيارة الدوحة عام 2008 "في وقت لم يفعل فيه معتدلون عرب آخرون أي شيء ملموس لدعمها سياسيا".
ووفق برقية سرية كتبتها السفارة الأمريكية في الدوحة في 12 يناير/كانون الثاني 2009 فإنه خلافا لإعلان الدوحة إغلاق مكتب التمثيل في نوفمبر/تشرين الثاني (قبل القمة) فإن الإغلاق لم يتم فعليا.
وجاء في نصها "أعلنت قطر إغلاق المكتب التجاري الإسرائيلي في 9 نوفمبر 2009 من أجل إبقاء ترتيبات عقد قمة منظمة المؤتمر الإسلامي في الدوحة على المسار الصحيح، غير أن المكتب التجاري لم يغلق أبدا بشكل فعلي".
وفي الواقع، فإن الموظفين الإسرائيليين استمروا بالتواجد في قطر، مع الحفاظ على مكانة منخفضة، إلى حين استؤنفت عمليات المكتب العادية".
ورأت البرقية أن "العلاقة (مع إسرائيل) مفيدة جدا لدولة قطر؛ فهي تساعدها على البقاء في اللعبة الدبلوماسية الإقليمية".
وكانت الدول العربية وجهت انتقادات حادة إلى ليفني التي سعت إلى محاولة تبرير الحرب على غزة في العام 2008-2009 في وقت كانت فيه شريكة في القرار من خلال عضويتها في المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية (الكابينت) الذي يتخذ قرارات السلم والحرب.
وكان وزير الخارجية المصري في ذلك الوقت، أحمد أبو الغيط، والأمين العام لجامعة الدول العربية حاليا، تحدث في لقاء مع قناة "روسيا اليوم" عام 2014 عن خلفيات الموقف القطري من العدوان الإسرائيلي على غزة، وأسباب دعوتها لعقد قمة عربية طارئة، بما يتوافق مع ما جاء في برقيات "ويكيليكس".
فضيحة المسعى القطري لدفع حماس للاعتراف بإسرائيل
لم تكتف قطر بذلك وإنما سعت لاستغلال وجود قادة حماس على أراضيها لمحاولة الدفع باتجاه الحركة للاعتراف بإسرائيل على حساب منظمة التحرير الفلسطينية.ففي برقية سرية وجهتها سفارة واشنطن في الدوحة في 15 فبراير/شباط 2006 إلى وزارة الخارجية الأمريكية تم كشف النقاب عن فحوى لقاء عشاء لوزير الخارجية القطري وقتها، حمد بن جاسم آل ثاني مع السفير الأمريكي تشيس أنترماير، استمر 3 ساعات، تحدث فيه ابن جاسم عما أبلغه به خالد مشعل (الرئيس السابق للمكتب السياسي لحركة حماس) بأن "أمريكا ليست عدونا".
وجاء في نص البرقية: "قال حمد بن جاسم عن حماس (إنهم يعلمون بأن عليهم الحديث مع إسرائيل)، وتلقى لاحقا في المساء نفسه مكالمة هاتفية من وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني واتفق على اللقاء بعد الانتخابات الإسرائيلية، وعن لقائه مع مشعل قال لها: إنهم سيعترفون بكم ولكنهم يريدون منكم الاعتراف بحماس".
وفي 3 فبراير/شباط 2009 وجّه السفير الأمريكي في الدوحة جوزف لابارون برقية سرية إلى وزارة خارجية بلاده عن نتائج اجتماع له مع وزير الدولة القطري للشؤون الخارجية أحمد المحمود.
وجاء في نص البرقية السرية، التي اطلعت عليها "بوابة العين" الإخبارية: "قال المحمود إن حماس حولت موقفها من المعارضة الشرسة للاعتراف بإسرائيل داخل حدود 1967".
كشف التخريب على الدور المصري
وارتباطا بهذا الدور المشبوه، فقد حاولت قطر التخريب على الدور المصري في تحقيق المصالحة الفلسطينية وإعادة إطلاق مفاوضات السلام، ولكن على أساس التقارب الإسرائيلي-القطري ومحاولة لإرضاء الولايات المتحدة بعد أن أقر ابن جاسم بأنه أقنع حماس بالمشاركة للمرة الأولى في الانتخابات التشريعية تلبية لطلب أمريكي.فتكشف برقية سرية وجهها السفير الأمريكي في الدوحة جوزف لابارون في 15 إبريل/نيسان 2009 إلى المبعوث الأمريكي لعملية السلام في الشرق الأوسط جورج ميتشيل، عن أن أمير قطر تلقى طلبا من وزيرة الخارجية الأمريكية كوندليزا رايس لإقناع حماس بالمشاركة في الانتخابات التشريعية عام 2006.
وكان السفير الأمريكي أكثر تفصيلا في برقية سرية وجهها في 8 فبراير/شباط 2010 إلى وزير خارجية بلاده آنذاك جون كيري؛ حيث كتب "وفقا للأمير فإن وزيرة الخارجية السابقة رايس طلبت مساعدته لضمان مشاركة حماس في الانتخابات الفلسطينية، الانتخابات التي قال الأمير إنه أبلغ رايس مسبقا بأن حماس ستفوز فيها".
وسبق أن امتنعت حماس عن المشاركة في الانتخابات التشريعية الفلسطينية الأولى عام 1996، وهو ما جعل قرارها المشاركة في سباق 2006 تحولا.
وبعد فوز حماس في الانتخابات سعت قطر لتشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية وصولا إلى اعتراف الحركة بإسرائيل.
وفي برقية سرية وجهها السفير الأمريكي بالدوحة في 16 سبتمبر/أيلول 2008 كتب: "يأمل القطريون بدور في مساعدة الولايات المتحدة في إحلال السلام الدائم في المنطقة ويقولون إن الدول الكبرى مثل المملكة العربية السعودية ومصر، كانت بطيئة في تحقيق أي شيء مفيد بالشراكة معنا".
تفضيل إسرائيل على مصر
الوثائق الأمريكية السرية التي اطلعت عليها بوابة العين الإخبارية كشفت النقاب عن أن قطر فضّلت تقديم مساعداتها إلى قطاع غزة من خلال إسرائيل بدلا من مصر كما فعلت الدول العربية والإسلامية والغربية الأخرى.
ففي موقف صادم قال وزير الدولة القطري للتعاون الدولي خالد العطية للسفير الأمريكي في 3 فبراير/شباط 2009: "قطر تريد إدخال مساعداتها من خلال إسرائيل".
واستنادا إلى البرقية السرية فإن العطية كشف عن 80% من مساعدات قطر إلى غزة تم توجيهها من خلال مؤسسات غير حكومية أمريكية لها علاقات وثيقة مع إسرائيل.
ونقلت البرقية عن العطية أنه سعيد بعلاقة قطر مع مؤسسة أمريكية غير حكومية "لها علاقات مع الحكومة الإسرائيلية، وهو ما مكّنها من إدخال المساعدات عبر الطرف الإسرائيلي"، مشيرا إلى أن " الدوحة لن ترسل مساعداتها إلى غزة من خلال مصر".
رفض تقديم مساعدات مالية للسلطة الفلسطينية
لم تكتف قطر بتفضيل إسرائيل على مصر ممرا لتقديم المساعدات إلى الفلسطينيين في غزة، وإنما شاركت تل أبيب في حصار السلطة الفلسطينية برفض تقديم المساعدات المالية لها رغم التحذيرات بانهيار الأخيرة في وقت كان فيه اليمين الإسرائيلي يتحين الفرص لضم الضفة الغربية.
ففي برقية سرية كتبها السفير الأمريكي في الدوحة جوزيف لابارون يوم 8 فبراير/شباط 2010 ووجها إلى عضو الكونجرس السابق آنذاك جون كيري عشية زيارة له إلى قطر ، كتب فيها" لم تتمكن رئيسة الكونجرس بيلوسي في مايو/أيار من إقناع الأمير بدعم السلطة الفلسطينية ماليا. ففي زيارته إلى واشنطن في أوائل يناير، قدم حمد بن جاسم التزاما مفترضا فهمه أن هذا هو ثمن تمكين قطر من تواصل أكبر مع واشنطن".
وتابع "لم يتم تحويل المال، وأسرّ حمد بن جاسم للسفير ، بعد زيارته إلى واشنطن، بأنه سيكون من المفيد إذا ما قدمت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون (تمت دعوتها إلى المنتدى الأمريكي الإسلامي، ولكن لم تحضر) لفتة للأمير بقبول الاتفاق" في إشارة إلى دفع المال للفلسطينيين مقابل علاقات أكبر مع واشنطن.
تعاطف قطر مع إسرائيل
وبالمقابل يكشف الدبلوماسيون الأمريكيون تعاطف قطر مع إسرائيل. ففي برقية سرية كتبها السفير لا بارون تلخص اجتماعا عقده الأمير حمد بن خليفة آل ثاني مع جون كيري في العاصمة الدوحة يوم 14 فبراير/شباط 2010، واطلعت "بوابة العين" الإخبارية عليها. قال أمير قطر : "ينبغي على القادة الإسرائيليين أن يمثلوا شعبهم في إسرائيل والذي بدوره لا يثق بالعرب".
وأضاف حمد "أتفهم ذلك (عدم ثقة الإسرائيليين بالعرب)، ولا يمكنني أن ألومهم لأن الإسرائيليين كانوا تحت التهديد لفترة طويلة".
وبدا أمير قطر السابق بكلماته هذه، في البرقية التي نشرها موقع التسريبات "ويكيليكس"، وكأنه يبرر لإسرائيل تعنتها في التقدم بالسلام مع العرب.
فريّة مزاعم توتر العلاقة مع إيران
فإن كانت قطر تزعم علنا خلافها مع إيران فإن وثائق سرية أمريكية عديدة أبرزت كذب هذه المزاعم.
إحدى هذه الوثائق كتبها السفير لابارون، يوم 20 ديسمبر/كانون أول 2009، عن لقاء عقده رئيس الوزراء القطري السابق حمد بن جاسم مع نائب وزير الطاقة الأمريكي دانيال بونمان، في الدوحة، قال فيه عن العلاقة مع الإيرانيين: "يكذبون علينا ونكذب عليهم".
وربما من ضمن تلك الأكاذيب ما صرّح به ابن جاسم حين قال للإيرانيين بحسب البرقية: "استمعوا إلى الاقتراح الغربي وإلا سيكون هناك عمل عسكري، إن لم يكن من قبل الولايات المتحدة، فإنه سيكون من قبل الإسرائيليين بحلول منتصف العام المقبل".
وبدوره فقد حذّر أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني في لقاء عقده، بصفته وليا للعهد، مع أعضاء في الكونجرس بالعاصمة الدوحة، يوم الخامس من أكتوبر/تشرين أول 2007، من أن عدم حل مشكلة الملف النووي الإيراني دبلوماسيا سيتسبب في حرب تضر إسرائيل.
ونقل عنه السفير الأمريكي لدى قطر ، حينها، مايكل راتني، في برقية نشرها موقع التسريبات"ويكليكس" واطلعت عليها "بوابة العين" الإخبارية قوله إن الدوحة "تعتقد أنه يجب حل مسألة النووي الإيراني دبلوماسيا، وإلا فإن الله يعلم ماذا سيحدث. الحرب ستخلق مشاكل كبيرة للمنطقة بما في ذلك لإسرائيل".