الأرقام تكشف الرابحين من حرب أوكرانيا.. رعاة لافتة "نبيع لمن يدفع أكثر"
قبل يومين استقبلت ألمانيا أول شحنة منتظمة من الغاز الطبيعي المسال الأمريكي.
ومع وصول ناقلة غاز ضخمة تحمل الغاز الطبيعي الأمريكي إلى ألمانيا، ثارت التساؤلات مجددا حول مدى استفادة شركات الطاقة الأمريكية من الحرب الدائرة في أوكرانيا.
أزمة طاقة كبيرة
ووقع العالم في قبضة أزمة طاقة كبيرة مع شن روسيا حربا على أوكرانيا، مما أدى لتعطل إمدادات الطاقة باعتبار أن روسيا تعتبر واحدة من كبرى الدول المصدرة للغاز الطبيعي وثاني أكبر مصدر للنفط في العالم.
وشهد سوق الطاقة تقلبا كبيرا في الأسعار منذ بدء الحرب الروسية، ونتيجة للحرب تأثرت دول الاتحاد الأوروبي من الأسعار المرتفعة للغاية والمتقلبة وبالتحديد أسعار الوقود الأحفوري.
ومع محاولة القارة العجوز معاقبة الدب الروسي لشنها حربا على أوكرانيا في فبراير/شباط الماضي، سارعت دول أوروبا في محاولة لإيجاد بديل عن النفط والغاز الروسي، الأمر الذي تسبب في مشاكل جمة لها.
ومع تدافع دول أوروبا للحصول على الوقود والغاز الطبيعي من مصادر بديلة، اتجهت شركات الطاقة عالميًا بشكل عام والأمريكية خاصة نحو رفع لافتة "البيع لمن يدفع أكثر"، وبالتالي حققت الشركات الأمريكية العاملة في القطاع أرباحا كبيرة غير متوقعة، بعد أن اضطرت الدول الأوروبية للجوء إليها.
وانخفضت بالفعل حصة روسيا من واردات الغاز عبر خطوط الأنابيب من إجمالي واردات الاتحاد الأوروبي من الغاز من 41% في سبتمبر/أيلول 2021 إلى 9% خلال الشهر نفسه من 2022، إلا أنه في المقابل شهدت أسعار الغاز الطبيعي ارتفاعات غير مسبوقة، حيث وصلت إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق في النصف الثاني بأكمله من أغسطس/آب 2022.
أكبر مصدر للغاز
وتسابق الولايات المتحدة لأن تصبح رائدة في قدرة تصدير الغاز الطبيعي المسال، وأن تلعب دورًا رئيسيًا في مستقبل أمن الطاقة في الاتحاد الأوروبي.
وأفادت بيانات لرويترز بأن الولايات المتحدة تسير على درب سيجعلها أكبر مُصّدر للغاز الطبيعي المسال في العالم هذا العام بمجرد استئناف تشغيل منشأة عطلها حريق في تكساس، لتسبق أستراليا التي تتصدر السوق حاليا.
وأدى حريق في يونيو/حزيران إلى تعطل منشأة فريبورت للغاز الطبيعي، وهي ثاني أكبر منشأة تصدير أمريكية، وقلص الصادرات الأمريكية من الوقود بنحو ملياري قدم مكعب يوميا.
وقد أدى هذا التعطل إلى جعل الولايات المتحدة تتخلى عن مكانة أكبر دولة مُصّدرة لأستراليا في وقت ازدهر فيه الطلب العالمي على الوقود.
وفي عام 2022، ارتفعت صادرات الولايات المتحدة من الغاز الطبيعي في صورة غاز مُسال 8% لتبلغ 10.6 مليار قدم مكعب في اليوم، أي أقل بقليل من 10.7 مليار قدم مكعب في اليوم تصدرها أستراليا. وظلت الولايات المتحدة متقدمة على قطر التي احتلت المرتبة الثالثة بتصديرها 10.5 مليار قدم مكعب يوميا، وفقا لرفينيتيف.
ولعبت هذه الصادرات دورا محوريا في مساعدة أوروبا على إعادة بناء مخزوناتها من الغاز بعد أن تعطلت الإمدادات الواردة إليها بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير/شباط. وسيكون للإمدادات الأمريكية أهمية أكبر هذا العام مع تقلص الشحنات الروسية إلى أوروبا كثيرا.
ومع عدم توقع دخول مصانع جديدة للغاز الطبيعي المُسال الخدمة في أستراليا حتى نحو عام 2026، وفي قطر حتى نحو عام 2025، قال محللون إنهم يتوقعون أن يظل إنتاج البلدين في عام 2023 كما كان في عام 2022.
وفي عام 2022، ذهب ما يقرب من 69% أو 7.2 مليار قدم مكعب من صادرات الغاز المُسال الأمريكية إلى أوروبا مع تحويل الشركات الشحنات بعيدا عن آسيا للحصول على أسعار أعلى.
أرقام تكشف المكاسب
ونتيجة لذلك فإن الولايات المتحدة قامت بزيادة إمدادات الغاز الطبيعي المسال إلى القارة بمقدار 15 مليار متر مكعب في عام 2022 مقارنة بالكميات التي تم تصديرها من الولايات المتحدة إلى الاتحاد الأوروبي عام 2021.
كما ستسعى الولايات المتحدة وفقًا لتعهداتها مع الاتحاد الأوروبي للحفاظ على مستوى عالٍ من إمدادات الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا في عام 2023 بما يقرب من 50 مليار متر مكعب إضافية مقارنة بعام 2021، بحسب تصريحات البيت الأبيض أغسطس عام 2022.
وخلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2022 تم تسليم أكثر من 60% من صادرات الغاز الطبيعي المسال الأمريكية إلى أوروبا، مقارنة بـ37% فقط خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2021، وكلاهما أعلى بكثير مقارنة بمتوسط 2021 البالغ 29% من صادرات الغاز الطبيعي المسال الأمريكية التى تم تسليمها إلى أوروبا.
عاجزة عن التنافس
وقبل الحرب، كانت الشركات الأمريكية عاجزة عن التنافس في السوق الأوروبي مع الوقود الروسي الأرخص ثمنا والأقرب، إذ كانت توفر الشركات الأمريكية نحو 30% فقط من احتياجات السوق الأوروبية من الوقود.
ومع حرب أوكرانيا تحولت الديناميكيات مع ارتفاع الأسعار العالمية إلى مستوى يجعل الغاز والنفط الأمريكي أكثر تنافسية، في الوقت الذي وسعت فيه الشركات الأمريكية الكبرى للضغط على الحكومة الأمريكية لتقديم تسهيلات للقطاع تحت ذريعة ضمان أمن الطاقة والاقتصاد لكل من الولايات المتحدة وحلفاؤها في أوروبا.
وبالتالي ساهمت الحرب الروسية الأوكرانية في تمكن الولايات المتحدة من الاستحواذ على جزء من السوق الأوروبية، كما تمكنت شركات الطاقة الأمريكية من توسيع عائداتها وتحقيق مكاسب غير مسبوقة بعد اختلال سلاسل التوريد وارتفاع أسعار الطاقة العالمية وتجاهل المطالب الأخيرة المتعلقة بضخ استثمارات في القطاع لزيادة الإنتاج.
aXA6IDE4LjExOS4xMjUuNjEg جزيرة ام اند امز