هكذا تعمل واشنطن بصمت على نزع فتيل التوتر الفلسطيني-الإسرائيلي
بعيدا عن الأضواء تعمل واشنطن بصمت مع الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي على نزع فتيل التوتر ومنع تفجر الأمور بين الطرفين.
وأكد مسؤولون فلسطينيون وأمريكيون في تصريحات منفصلة لـ"العين الإخبارية" أن الاتصالات تكاد تكون يومية حول التطورات التي تبرز في الميدان.
مسؤول فلسطيني كبير، قال لـ"العين الإخبارية"، مفضلا عدم الكشف عن اسمه: "حال إقدام الجانب الإسرائيلي على خطوة فإننا نرفع تفاصيلها إلى الإدارة الأمريكية ونطلب من المسؤولين الأمريكيين التدخل الفوري".
وأضاف: "هذا حصل في مناسبات عديدة منها عندما تحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت عن صلاة اليهود بالمسجد الأقصى وعند إعطاء محكمة إسرائيلية الضوء الأخضر لما سمي بالصلاة الصامتة بالمسجد".
وتابع: "أيضا عند إعلان السلطات الإسرائيلية عن قرارها أو نيتها إقامة وحدات استيطانية جديدة أو إجلاء عائلات فلسطينية من منازلها كما يحدث في الشيخ جراح وسلوان، فإننا نتصل معهم ونطلب منهم التدخل".
وعن الموقف الأمريكي في مثل هذه الاتصالات، أوضح المسؤول نفسه "في معظم الأحيان يحدث التدخل الأمريكي حيث تصدر إعلانات إسرائيلية مثل تراجع بينيت عن تصريحه بشأن صلاة اليهود بالمسجد الأقصى".
واستطرد في هذا الجانب "كما تعبر الإدارة الأمريكية من خلال الناطق بلسان وزارة الخارجية عن مواقف رافضة لخطوات إسرائيلية مثل الاستيطان أو اعتداءات مستوطنين على المواطنين الفلسطينيين".
واستدرك: "أحيانا يكون هناك تراجع إسرائيلي وفي أحيان أخرى تتمسك إسرائيل بمواقفها كما هو الحال بشأن المؤسسات الأهلية الفلسطينية أو قرار نشر عطاءات لبناء 1300 وحدة استيطانية بالضفة الغربية".
ولفت المسؤول إلى أن الجانب الفلسطيني "يواصل الضغط والتحذير من انعكاسات القرارات الإسرائيلية على حل الدولتين أو إمكانية تفجر الأوضاع على الأرض".
وكانت العلاقات الفلسطينية-الأمريكية استؤنفت مطلع العام الجاري بعد وصول الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى البيت الأبيض.
وتوقفت العلاقات الفلسطينية-الأمريكية منذ عام 2017 بعد قرار الرئيس السابق دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده إلى المدينة.
ويتولى هادي عمرو، نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي، الاتصالات مع الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي حول هذه القضايا.
ويقوم عمرو بزيارات متكررة إلى المنطقة للقاء مسؤولين من الطرفين.
ويتوقع أن يتم قريبا إعادة افتتاح القنصلية الأمريكية العامة بالقدس لتتولى مسؤولية الاتصال مع الفلسطينيين.
الاستيطان والمؤسسات الـ6
وقال مسؤول أمريكي لـ"العين الإخبارية" مفضلا عدم ذكر اسمه: "هناك اتصالات أمريكية-فلسطينية حثيثة على مستويات عديدة ونحاول من خلالها مساعدة الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي".
وأضاف: "نثير القضايا التي يطرحها الطرفان ولا نحبذ الحديث عن ما يدور في الغرف المغلقة ولكننا نحاول المساعدة قدر الإمكان".
آخر القضايا التي تنشغل بها الإدارة الأمريكية حاليا هي قرار وزير الدفاع الإسرائيلي بيني جانتس تصنيف 6 مؤسسات أهلية فلسطينية على أنها "إرهابية"، وقرار حكومته نشر عطاءات لبناء 1300 وحدة استيطانية ونيتها المصادقة، الأربعاء، على بناء أكثر من 3000 وحدة أخرى بالضفة الغربية.
وفي هذا الصدد، أعرب نيد برايس، الناطق بلسان وزارة الخارجية الأمريكية، عن "قلق" بلاده "إزاء خطة الحكومة الإسرائيلية لدفع آلاف الوحدات الاستيطانية اليوم الأربعاء، والعديد منها في عمق الضفة الغربية".
وقال في الإيجاز الصحفي اليومي، أمس الثلاثاء: "إننا نشعر بقلق عميق بالإضافة إلى ذلك، نحن قلقون بشأن نشر العطاءات يوم الأحد لـ 1300 وحدة استيطانية في عدد من مستوطنات الضفة الغربية".
مضيفا "نحن نعارض بشدة توسيع المستوطنات، الذي يتعارض تمامًا مع جهود تخفيف التوترات وضمان الهدوء، وهو يضر بآفاق حل الدولتين".
وتابع برايس، في نص الإيجاز الذي تلقت "العين الإخبارية" نسخة مكتوبة منه: "كما أننا نعتبر خطط إضفاء الشرعية بأثر رجعي على البؤر الاستيطانية غير القانونية غير مقبولة".
وأشار برايس إلى أن بلاده "تواصل طرح وجهات نظرها حول هذه المسألة مباشرة مع كبار المسؤولين الإسرائيليين في المناقشات الخاصة".
وجاء الخلاف الإسرائيلي-الأمريكي حول الاستيطان في الأراضي الفلسطينية، مع استمرار الخلاف حول قرار إسرائيل تصنيف 6 مؤسسات أهلية كبرى على أنها "إرهابية".
وقد أكدت الإدارة الأمريكية أنها لم تتلق إشعارا مسبقا من إسرائيل بقرارها هذا وطلبت توضيحات من الحكومة الإسرائيلية عن سبب هذا القرار الذي رفضه الفلسطينيون والاتحاد الأوروبي وعشرات المنظمات الأهلية الإسرائيلية.
وفي هذا الصدد، قال برايس: "نظل على اتصال وثيق مع شركائنا الإسرائيليين بشأن هذا (قرار المؤسسات)، كما تعلمون، هناك وفد إسرائيلي سنلتقي به لمناقشة هذه المجموعة من القضايا".
وفي تلميح إلى رفض القرار الإسرائيلي، تابع قائلا "بشكل عام، نعتقد أن احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية ومجتمع مدني قوي ومستقل أمور مهمة للغاية للديمقراطية والمسؤولية".
ولا تزال التدخلات الأمريكية بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي تقتصر على القضايا الحياتية دون السياسية.
وحول هذا الأمر، أوضح مسؤول فلسطيني: "يقولون إن المطلوب في المرحلة الحالية هو بناء الثقة بين الأطراف وأن الوقت ليس ملائما الآن للحديث عن القضايا السياسية مع تأكيد تمسكهم بحل الدولتين ورفض الخطوات الأحادية".