القنصلية الأمريكية بالقدس.. ترحيب فلسطيني ورفض إسرائيلي
يرى الفلسطينيون في إعادة فتح القنصلية الأمريكية العامة بالقدس خطوة دبلوماسية هامة نحو تثبيت عودة العلاقات الفلسطينية الأمريكية.
الخطوة ترمز أيضا إلى رفض الإدارة الأمريكية الموقف الإسرائيلي الداعي لاعتبار القدس بشطريها الشرقي والغربي عاصمة لإسرائيل.
بالمقابل، يرى الإسرائيليون في الخطوة انتقاص من القرار الذي اتخذه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
- غضب فلسطيني بعد تحويل القنصلية الأمريكية في القدس إلى وحدة في السفارة
- قصة القنصلية الأمريكية في القدس.. بدأت قبل 173 عاما
وتبدو الإدارة الأمريكية ماضية قدما في تنفيذ وعد الرئيس جو بايدن بإعادة فتح القنصلية الأمريكية بالقدس، حيث قال مصدر دبلوماسي أمريكي لـ"العين الإخبارية"، إنه "لا تراجع عن قرار إعادة فتح القنصلية العامة في القدس".
وأضاف المصدر، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه: "حتى الآن، لا موعد محدد لإعادة فتح القنصلية العامة ولكن الخطوة قادمة".
وفي مارس/آذار 2019، أغلقت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب القنصلية العامة في القدس وحولتها إلى "وحدة الشؤون الفلسطينية" في سفارتها بإسرائيل، والتي نقلت منتصف 2018 إلى المدينة نفسها.
وبالأشهر الماضية، حث مسؤولون فلسطينيون الإدارة الأمريكية على الإسراع في إعادة فتح القنصلية العامة بالمدينة لما تحمله من أبعاد سياسية.
وقال مسؤول فلسطيني لـ"العين الإخبارية"، إن "موضوع إعادة فتح القنصلية الأمريكية العامة في القدس هو بند دائم على جدول أعمال اللقاءات والاتصالات مع الإدارة الأمريكية".
وأضاف المسؤول الفلسطيني، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه: "لدينا تأكيدات أمريكية بإعادة فتح القنصلية العامة بالقدس ونحن بطبيعة الحال نطالبهم بتسريع هذه الخطوة".
وتابع أن "إعادة فتح القنصلية الأمريكية العامة يحمل في طياته رسائل سياسية هامة، بينها التأكيد على أن موضوع القدس خاضع للمفاوضات وأنها ليست عاصمة لإسرائيل، وأيضا فتح قناة اتصال دبلوماسية فلسطينية-أمريكية منفصلة بالكامل عن السفارة الأمريكية التي عارضنا ونعارض نقلها من تل أبيب إلى القدس".
"الاعتمادات" بالكونجرس: 45 يوما
مطلع يوليو/ تموز الجاري، صادقت لجنة الاعتمادات بمجلس النواب الأمريكي على قانون "العمليات الخارجية والبراج ذات الصلة"، والذي تتضمن بندا عن إعادة فتح القنصلية الأمريكية بالقدس.
وجاء في قرار اللجنة الذي تلقت"العين الإخبارية" نسخة منه: "تتضمن توصية اللجنة أموالاً كافية بموجب أمن السفارة البناء والصيانة لدعم خطة الإدارة لإعادة فتح قنصلية الولايات المتحدة في القدس".
وأضاف: "توجه اللجنة وزير الخارجية بتقديم تقرير إلى اللجان المعنية بالاعتمادات في موعد لا يتجاوز 45 يومًا بعد سن هذا القانون الذي يوضح بالتفصيل الخطوات اللازمة لإعادة فتح الولايات المتحدة القنصلية الأمريكية في القدس، جدول زمني لاستعادة مستويات التوظيف داخل القنصلية، ومدى تكامل مثل هذه البعثة الدبلوماسية الاستراتيجية الأوسع لتحسين العلاقات مع الشعب الفلسطيني".
وفي هذا الصدد، أكد الناطق باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس، مساء الأربعاء، أنه "عندما يتعلق الأمر بإعادة فتح القنصلية الأمريكية، فإن الوزير (الخارجية الأمريكي أنتوني) بلينكين كان واضحًا في ذلك حين زار القدس ورام الله في وقت سابق من هذا العام".
وأضاف: "لقد أشار في حينه إلى أن الولايات المتحدة ستمضي قدمًا في عملية إعادة فتح قنصليتنا في القدس، وستفعل ذلك كجزء من جهودنا لإعادة تأسيس تلك الشراكة مع الشعب الفلسطيني والسلطة الفلسطينية على وجه التحديد، لأنها تسمح لنا بالمشاركة معهم، وتنفيذ برامج المساعدة، ومهمتنا الدبلوماسية العامة، وإجراء نوعية التقارير الدبلوماسية التي نحتاجها".
واستدرك برايس: "ليس لدي إطار زمني" لإعادة فتح القنصلية.
الحكومة الإسرائيلية تعارض
الحكومة الإسرائيلية لم تخف معارضتها لإعادة الولايات المتحدة الأمريكية فتح سفارتها في القدس.
وخلال زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية، عرض عليه رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك فتح القنصلية في بلدة أبو ديس، شرق القدس.
ولكن مصادر أمريكية أكدت على تصميمها إعادة فتح القنصلية في القدس نفسها.
وقال موقع "واللا" الإخباري الإسرائيلي إن الإدارة الأمريكية لن تقدم، بناء على طلب إسرائيلي، على خطوة إعادة فتح القنصلية قبل اعتماد الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي مطلع نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
ويقود حزب "الليكود" اليميني الإسرائيلي المعارض الذي يترأسه بنيامين نتنياهو حملة لمنع إعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس.
وكان النائب بالحزب نير بركات غادر، الأسبوع الماضي، إلى واشنطن للقاء مشرعين أمريكيين وحضهم على عدم تأييد إعادة فتح القنصلية بالقدس.
وقال بركات في بيان إن "فتح قنصلية لكيان أجنبي - السلطة الفلسطينية - على أراضي إسرائيل يقوض سيادتها في القدس، وهي خطوة نحو تقسيم العاصمة".
وأضاف بركات أنه يعتزم "عرض موقفه المعارض لافتتاح القنصلية الأمريكية في القدس وانعكاسات هذه الخطوة على وحدة القدس".
تاريخ القنصلية
واستنادا إلى القنصلية الأمريكية في القدس، فإن بداية التمثيل الدبلوماسي الأمريكي بفلسطين كان في عام 1844 عندما عين الرئيس الأمريكي جون تايلر أول قنصل للولايات المتحدة الأمريكية في المدينة المقدسة، ولكن في عام 1857 تأسس أول وجود قنصلي أمريكي دائم في مبنى داخل باب الخليل في البلدة القديمة.
وكان باب الخليل آنذاك مركزا للعديد من البعثات الدبلوماسية الغربية، بينها الفرنسية، قبل أن تنتقل بعد سنوات طويلة إلى منطقة الشيخ جراح والمناطق المحيطة في القدس.
واختارت القنصلية الأمريكية الانتقال إلى منطقة قريبة من مقبرة مأمن الله، التي تصنف الآن منطقة قدس غربية، حيث ما زال هذا المبنى حتى الآن مقرا لإقامة القنصل الأمريكي العام ومكاتب للفرق المساعدة.
وتقول القنصلية الأمريكية: "أنشئ مبنى القنصلية الحالي عام 1868 من قبل المبشر الألماني اللوثري فرديناند فستر الذي بنت عائلته وأعوانهم العديد من المنازل في القدس ذات طابع عربي (خاصة في الكولونية الألمانية)، وكذلك فندق الأمريكان كولوني- في إشارة إلى فندق شهير ما زال قائما في الشيخ جراح المصنفة حاليا منطقة قدس شرقية".
وأضافت: "كانت البناية من أوائل البيوت التي بنيت خارج جدران البلدة القديمة، وشمل مبنى القنصلية الأصلي طابقين فقط، وتمت إضافة الثالث في أوائل القرن العشرين، ويضم المبنى اليوم مكان إقامة القنصل العام ومكاتب الموظفين".
وتم تحديد البعثة كقنصلية عامة في عام 1928، ثم في عام 1951 استأجرت الحكومة الأمريكية موقعا آخر في شارع نابلس؛ حيث كان يضم القسم القنصلي التابع للقنصلية العامة الذي يؤمن خدمات لحاملي الجنسية الأمريكية والتأشيرات.
aXA6IDE4LjE4OC4yMjcuMTA4IA==
جزيرة ام اند امز