غضب فلسطيني بعد تحويل القنصلية الأمريكية في القدس إلى وحدة في السفارة
"العين الإخبارية" رصدت شطب حسابات القنصلية العامة في شبكات التواصل الاجتماعي التي كانت تتواصل من خلالها مع نحو 5 ملايين فلسطيني
بحلول ساعات فجر اليوم الإثنين أغلقت الإدارة الأمريكية قنصليتها العامة في مدينة القدس وحولتها إلى "وحدة الشؤون الفلسطينية" في سفارتها التي نقلت منتصف العام الماضي إلى المدينة.
- دبلوماسي أمريكي عن قرار إغلاق قنصلية القدس: "نهاية حزينة لبعثة مهمة"
- بعد 175 عاما.. إسدال الستار على "استقلالية" القنصلية الأمريكية بالقدس
وبات العنوان الإلكتروني للقنصلية يحول تلقائيا إلى موقع السفارة الأمريكية التي يظهر في ركن منها مصطلح "وحدة الشؤون الفلسطينية".
ورصدت "العين الإخبارية" شطب حسابات القنصلية العامة في شبكات التواصل الاجتماعي بما فيها "فيسبوك" و"تويتر" التي كانت تتواصل من خلالها مع نحو 5 ملايين فلسطيني في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة.
وعلى مدى عقود كانت القنصلية الأمريكية العامة عنوانا للفلسطينيين ليس فقط من أجل الحصول على تأشيرات وإنما أيضا للمشاركة في برامج تعليمية وثقافية واقتصادية واجتماعية في الولايات المتحدة الأمريكية وداخل الأراضي الفلسطينية.
وحظيت القنصلية الأمريكية العامة على الدوام بصفة دبلوماسية مستقلة مسؤولة عن الاتصال مع الفلسطينيين في حين تواصلت السفارة الأمريكية مع الإسرائيليين.
ولكن بدءا من اليوم انتهى مصطلح "القنصلية الأمريكية العامة في القدس".
وقالت السفارة الأمريكية في تبويبها الجديد "وحدة الشؤون الفلسطينية": "تأسس التمثيل الدبلوماسي الأمريكي في القدس لأول مرة في العام 1844، حيث تم تحديد البعثة كقنصلية عامة في العام 1928، في آذار/مارس 2019 تم دمج القنصلية الأمريكية العامة مع السفارة الأمريكية في القدس، كجزء من سفارة الولايات المتحدة في القدس، عمل القنصلية العامة سابقاً مستمر وبدون انقطاع وذلك تحت إدارة وحدة الشؤون الفلسطينية".
وأضافت: "إحدى الأولويات الرئيسية للولايات المتحدة هي المساعدة في تحريك الاقتصاد الفلسطيني ليشكل نموذجاً صحياً ومستداماً من النمو وخلق فرص العمل والاستثمار بقيادة القطاع الخاص".
وتابعت السفارة الأمريكية: "في غزة، تقدم الولايات المتحدة مساعدات إنمائية وإنسانية، وتشمل هذه المساعدات مشاريع إعادة الإعمار للمساعدة في استقرار الأوضاع الاقتصادية المحلية ومشاريع للمساعدة في تنشيط وإنعاش القطاع الخاص".
ولكن الوحدة الجديدة لم تشرح كيف سيكون بإمكانها القيام بمهامها هذه في ظل رفض الفلسطينيين لوجود السفارة الأمريكية أصلا في القدس.
ورأت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي أن "هذه الخطوة تعد انتهاكا صارخا لحقوق الشعب الفلسطيني، فاستبدال القنصلية التي تأسست في العام 1844 بوحدة تسيير خدمات الفلسطينيين ضمن السفارة هو تنكر لدولة فلسطين وللحقوق والهوية الفلسطينية، ونفي للوضع والوظيفة التاريخية للقنصلية".
وأضافت عشراوي: "في الوقت الذي يتخذ فيه المجتمع الدولي خطوات هامة لمواجهة الممارسات والإجراءات المنافية لقرارات وقوانين الشرعية الدولية، بما في ذلك رفض اعتراف أمريكا بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارتها إليها، تتخذ إدارة ترامب خطوات انعزالية تقوض الولايات المتحدة وتحرمها من القيام بدور إيجابي وفاعل في السياسة الدولية، خاصة فيما يتعلق بفلسطين".
وكان روبرت بالاندينو، نائب المتحدث بلسان وزارة الخارجية الأمريكية أعلن، الإثنين "اندماج القنصلية الأمريكية العامة في القدس في سفارة الولايات المتحدة في القدس لتشكيل بعثة دبلوماسية واحدة".
وأضاف في تصريح وصل "العين الإخبارية": "سنشارك في مجموعة واسعة من التقارير، والتواصل، والبرمجة في الضفة الغربية وقطاع غزة، وكذلك مع الفلسطينيين في القدس، من خلال وحدة الشؤون الفلسطينية في السفارة الأمريكية".
وحاول بالاندينو التخفيف من وطأة هذه الخطوة على الفلسطينيين.
وقال: "لا يشير ذلك إلى تغيير في سياسة الولايات المتحدة بشأن القدس أو الضفة الغربية أو قطاع غزة، وكما ذكر الرئيس، الولايات المتحدة لم تتخذ أي موقف من قضايا الوضع النهائي، بما في ذلك الحدود، إن الحدود المحددة للسيادة الإسرائيلية في القدس تخضع لمفاوضات الوضع النهائي بين الطرفين، وتظل الإدارة ملتزمة تماما بالجهود الرامية إلى تحقيق سلام دائم وشامل يوفر لمستقبل أكثر إشراقا لإسرائيل والفلسطينيين".
ولكن أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات اعتبر أن "دمج القنصلية الأمريكية في القدس بالسفارة الإسرائيلية، يمثل المسمار الأخير في “نعش” دور الإدارة الأمريكية في صناعة السلام".
ولفت عريقات في تغريدة على "تويتر" إلى أن "القنصلية الأمريكية عملت ١٧٥ عاما فى القدس-فلسطين".
تاريخ القنصلية
واستنادا إلى القنصلية الأمريكية في القدس، فإن بداية التمثيل الدبلوماسي الأمريكي بفلسطين كان في عام 1844 عندما عين الرئيس الأمريكي جون تايلر أول قنصل للولايات المتحدة الأمريكية في المدينة المقدسة، ولكن في عام 1857 تأسس أول وجود قنصلي أمريكي دائم في مبنى داخل باب الخليل في البلدة القديمة.
وكان باب الخليل آنذاك مركزا للعديد من البعثات الدبلوماسية الغربية، بينها الفرنسية، قبل أن تنتقل بعد سنوات طويلة إلى منطقة الشيخ جراح والمناطق المحيطة في القدس.
واختارت القنصلية الأمريكية الانتقال إلى منطقة قريبة من مقبرة مأمن الله، التي تصنف الآن منطقة قدس غربية، حيث ما زال هذا المبنى حتى الآن مقرا لإقامة القنصل الأمريكي العام ومكاتب للفرق المساعدة.
وتقول القنصلية الأمريكية: "أنشئ مبنى القنصلية الحالي عام 1868 من قبل المبشر الألماني اللوثري فرديناند فستر الذي بنت عائلته وأعوانهم العديد من المنازل في القدس ذات الطابع العربي (خاصة في الكولونية الألمانية)، وكذا فندق الأمريكان كولوني- في إشارة إلى فندق شهير ما زال قائما في منطقة الشيخ جراح، التي تصنف الآن كمنطقة قدس شرقية".
وأضافت: "كانت البناية من أوائل البيوت التي بنيت خارج جدران البلدة القديمة، وشمل مبنى القنصلية الأصلي طابقين فقط، وتمت إضافة الثالث في أوائل القرن العشرين، ويضم المبنى اليوم مكان إقامة القنصل العام ومكاتب الموظفين".
وتم تحديد البعثة كقنصلية عامة في عام 1928، ثم في عام 1951 استأجرت الحكومة الأمريكية موقعا آخر في شارع نابلس؛ حيث كان يضم القسم القنصلي التابع للقنصلية العامة الذي يؤمن خدمات لحاملي الجنسية الأمريكية والتأشيرات.