دبلوماسي أمريكي عن قرار إغلاق قنصلية القدس: "نهاية حزينة لبعثة مهمة"
القنصل العام الأمريكي الأسبق في القدس قال إن "إغلاق القنصلية هو بمثابة نكسة للسلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين وخطأ كبير"
على مدى عقود رأى الفلسطينيون في القنصلية الأمريكية العامة في القدس نواة لسفارة أمريكية مستقبلية في عاصمة الدولة الفلسطينية، ولكن بإغلاقها رسميا يوم الإثنين بدد هذا الحلم.
واعتبر مسؤولان أمريكيان سابقان إغلاق السفارة الذي يدخل حيز التنفيذ يوم غد، بعد أن بدأ التمثيل الدبلوماسي الأمريكي في القدس فعليا قبل 175 عاما، أنه خطأ.
- بعد 175 عاما.. إسدال الستار على "استقلالية" القنصلية الأمريكية بالقدس
- واشنطن تقطع آخر خيط "دبلوماسي" مع الفلسطينيين بإلغاء قنصليتها في القدس
وقال القنصل العام الأمريكي الأسبق في القدس والسفير الأمريكي السابق في تونس جاكوب والس: "إنها نهاية حزينة لبعثة دبلوماسية أمريكية مهمة".
وأضاف في تغريدة "تويتر"، اليوم السبت: "على مر السنين.. خدم العديد من أفضل موظفينا في الخدمة الخارجية في القدس، وقاموا بعمل مهم هناك سعياً لتعزيز السلام".
وتابع والس أن "إغلاق القنصلية هو بمثابة نكسة للسلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين وخطأ كبير من جانب هذه الإدارة (الأمريكية)".
وكان وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو قال في بيان في أكتوبر/تشرين الأول 2018: "يسرني أن أعلن أنه في أعقاب افتتاح السفارة الأمريكية في القدس يوم 14 مايو/أيار، نخطط لتحقيق كفاءات كبيرة وزيادة فعاليتنا من خلال دمج السفارة والقنصلية الأمريكيتين بالقدس في مهمة دبلوماسية واحدة".
وأضاف الوزير الأمريكي: "سنستمر في إجراء مجموعة كاملة من التقارير والتواصل والبرمجة في الضفة الغربية وغزة، وكذلك مع الفلسطينيين في القدس من خلال وحدة الشؤون الفلسطينية الجديدة داخل السفارة الأمريكية".
ولكن أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات تساءل اليوم السبت: "هل يتم بذلك النظر إلى الفلسطينيين على أنهم أقلية يمكن التعامل معهم من خلال وحدة في السفارة؟".
وكان السفير الأمريكي في إسرائيل ديفيد فريدمان ضغط مع فريق السلام الأمريكي لإلغاء القنصلية الأمريكية في القدس بعد أن تم نقل السفارة من تل أبيب إلى القدس في مايو/أيار الماضي.
وفي هذا الصدد قال عريقات: "قد يقترح فريدمان نقل هذه الوحدة إلى رام الله، لا تفعل أكثر من ذلك، لقد تمكنت من تدمير حتى الأمل في إمكانية تحقيق السلام من خلال قتل فكرة حل الدولتين على حدود عام 1967 بين الفلسطينيين والإسرائيليين".
وتقلص عمل القنصلية الأمريكية العامة في القدس بشكل كبير منذ قرار الرئيس دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وما تبعه من قرار فلسطيني بتعليق الاتصالات السياسية مع البيت الأبيض.
وكانت وزارة الخارجية الأمريكية أعلنت، فور نقل السفارة الأمريكية إلى القدس في مايو/أيار 2018، بقاء القنصلية بتفويض دبلوماسي منفصل عن السفارة ولكن ما لبثت أن أعلنت إلغاء السفارة.
ولكن الوكيل السابق لوزارة الخارجية الأمريكية ويليام بيرنز قال، السبت، إن "إغلاق القنصلية الأمريكية العامة في القدس يوم الإثنين خطأ".
وأضاف في تغريدة على "تويتر" أن "جميع الرؤساء الأمريكيين حتى (الرئيس الحالي دونالد ترامب) أدركوا أهميتها كجسر لنا للشعب الفلسطيني. كنت فخورا بالخدمة هناك في الثمانينيات".
وبإلغاء القنصلية العامة ودمجها بالسفارة الأمريكية في القدس الشرقية تكون الولايات المتحدة الأمريكية قد قطعت آخر خط اتصال مع الفلسطينيين، الذين أبدوا غضبهم من عملية نقل السفارة إلى عاصمتهم المحتلة، واعتبروها "مستعمرة أمريكية"، بحسب تعبيرات الرئيس محمود عباس.
وقال نبيل أبو ردينه، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية لـ"العين الإخبارية"، إنه "لا عودة للاتصالات مع الإدارة الأمريكية قبل التراجع عن قراراتها".
وسبق لمستشار الرئيس الفلسطيني للعلاقات الدولية نبيل شعث أن قال لـ"العين الإخبارية": "بإلغاء القنصلية في القدس فإن الإدارة الأمريكية تلغي آخر خط للتواصل مع الشعب الفلسطيني".
وأضاف شعث أن "القرار هو استمرار لسلسلة القرارات الأمريكية السيئة من بينها الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة إليها وقطع المساعدات عن الفلسطينيين وعن وكالة الأونروا الأممية وعن مستشفيات القدس وإغلاق مكتب ممثلية منظمة التحرير بواشنطن".
واستنادا إلى القنصلية الأمريكية في القدس، فإن بداية التمثيل الدبلوماسي الأمريكي بفلسطين كان في عام 1844 عندما عين الرئيس الأمريكي جون تايلر أول قنصل للولايات المتحدة الأمريكية في المدينة المقدسة، ولكن في عام 1857 تأسس أول وجود قنصلي أمريكي دائم في مبنى داخل باب الخليل في البلدة القديمة.
وكان باب الخليل آنذاك مركزا للعديد من البعثات الدبلوماسية الغربية، بينها الفرنسية، قبل أن تنتقل بعد سنوات طويلة إلى منطقة الشيخ جراح والمناطق المحيطة في القدس.
واختارت القنصلية الأمريكية الانتقال إلى منطقة قريبة من مقبرة مأمن الله، التي تصنف الآن منطقة قدس غربية، حيث ما زال هذا المبنى حتى الآن مقرا لإقامة القنصل الأمريكي العام ومكاتب للفرق المساعدة.
وتقول القنصلية الأمريكية: "أنشئ مبنى القنصلية الحالي عام 1868 من قبل المبشر الألماني اللوثري فرديناند فستر الذي بنت عائلته وأعوانهم العديد من المنازل في القدس ذات الطابع العربي (خاصة في الكولونية الألمانية)، وكذا فندق الأمريكان كولوني- في إشارة إلى فندق شهير ما زال قائما في منطقة الشيخ جراح، التي تصنف الآن كمنطقة قدس شرقية".
وأضافت: "كانت البناية من أوائل البيوت التي بنيت خارج جدران البلدة القديمة، وشمل مبنى القنصلية الأصلي طابقين فقط، وتمت إضافة الثالث في أوائل القرن العشرين، ويضم المبنى اليوم مكان إقامة القنصل العام ومكاتب الموظفين".
وتم تحديد البعثة كقنصلية عامة في عام 1928، ثم في عام 1951 استأجرت الحكومة الأمريكية موقعا آخر في شارع نابلس؛ حيث كان يضم القسم القنصلي التابع للقنصلية العامة الذي يؤمن خدمات لحاملي الجنسية الأمريكية والتأشيرات.
aXA6IDMuMTQ0LjQyLjIzMyA= جزيرة ام اند امز