بعد 175 عاما.. إسدال الستار على "استقلالية" القنصلية الأمريكية بالقدس
منذ الستينيات، عملت القنصلية الأمريكية كبعثة دبلوماسية مستقلة عن سفارة واشنطن في تل أبيب لكنها ستتحول خلال أيام لوحدة الشؤون الفلسطينية
يشهد مطلع مارس/آذار المقبل، إسدال الستار على قضية القنصلية الأمريكية في القدس بدمجها في السفارة، بعد أن تأسست كبعثة دبلوماسية مستقلة لواشنطن قبل 175 عاماً.
ومنذ ستينيات القرن الماضي، عملت القنصلية الأمريكية كبعثة دبلوماسية مستقلة عن سفارة واشنطن في تل أبيب، إلا أنها في الرابع من مارس/آذار المقبل، ستتحول إلى وحدة الشؤون الفلسطينية في السفارة الأمريكية، التي تم افتتاحها في القدس المحتلة، مايو/آيار 2018.
- واشنطن تقطع آخر خيط "دبلوماسي" مع الفلسطينيين بإلغاء قنصليتها في القدس
- بالوثائق.. 21 مليون دولار تكلفة توسعة السفارة الأمريكية بالقدس
وبتفويضها المستقل، تولت القنصلية الأمريكية العامة في القدس المحتلة مسؤولية العلاقة مع الفلسطينيين بما في ذلك الاتصالات السياسية، وتنظيم البرامج الاقتصادية والإعلامية والسياحية والتعليمية والثقافية.
لكن بعد دمج القنصلية العامة بالسفارة الأمريكية في القدس الشرقية تكون الولايات المتحدة الأمريكية قد قطعت آخر خط اتصال مع الفلسطينيين، الذين أبدوا غضبهم من عملية نقل السفارة إلى عاصمتهم المحتلة، واعتبروها "مستعمرة أمريكية"، بحسب تعبيرات الرئيس محمود عباس.
حلم السفارة الأمريكية بفلسطين
وكان وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، قال في بيان في أكتوبر/ تشرين أول 2018: "يسرني أن أعلن أنه في أعقاب افتتاح السفارة الأمريكية في القدس يوم 14 مايو/آيار، نخطط لتحقيق كفاءات كبيرة وزيادة فعاليتنا من خلال دمج السفارة والقنصلية الأمريكيتين بالقدس في مهمة دبلوماسية واحدة".
وأضاف: "سنستمر في إجراء مجموعة كاملة من التقارير والتواصل والبرمجة في الضفة الغربية وغزة، وكذلك مع الفلسطينيين في القدس من خلال وحدة الشؤون الفلسطينية الجديدة داخل السفارة الأمريكية".
وتقلص عمل القنصلية الأمريكية العامة في القدس بشكل كبير منذ قرار الرئيس دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وما تبعه من قرار فلسطيني بتعليق الاتصالات السياسية مع البيت الأبيض.
وقال نبيل أبو ردينه، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، لـ"العين الإخبارية" إنه "لا عودة للاتصالات مع الإدارة الأمريكية قبل التراجع عن قرارتها".
وتساءل مسؤول فلسطيني كبير، رفض الكشف عن اسمه: "هل تتوقع الإدارة الأمريكية أن نتواصل معها من خلال سفارتها التي نرفض وجودها أصلا في القدس؟.. هذا جنون".
وأضاف المسؤول الفلسطيني: "كنا نأمل في أن تكون القنصلية الأمريكية العامة نواة للسفارة في فلسطين، لكن هذه الإدارة الأمريكية قضت على هذا الأمل".
قصة التمثيل الدبلوماسي الأمريكي
استنادا إلى القنصلية الأمريكية في القدس، فإن بداية التمثيل الدبلوماسي الأمريكي بفلسطين كان في عام 1844 عندما عين الرئيس الأمريكي جون تايلر أول قنصل للولايات المتحدة الأمريكية في القدس، ولكن في عام 1857 تأسس أول وجود قنصلي أمريكي دائم في مبنى داخل باب الخليل في البلدة القديمة.
كان باب الخليل آنذاك مركزا للعديد من البعثات الدبلوماسية الغربية، بينها الفرنسية، قبل أن تنتقل بعد سنوات طويلة إلى منطقة الشيخ جراح والمناطق المحيطة في القدس.
واختارت القنصلية الأمريكية الانتقال إلى منطقة قريبة من مقبرة مأمن الله، التي تصنف الآن منطقة قدس غربية، حيث ما زال هذا المبنى حتى الآن مقرا لإقامة القنصل الأمريكي العام ومكاتب للفرق المساعدة.
وتقول القنصلية الأمريكية: "أنشئ مبنى القنصلية الحالي عام 1868 من قبل المبشر الألماني اللوثري فرديناند فستر الذي بنت عائلته وأعوانهم العديد من المنازل في القدس ذات الطابع العربي (خاصة في الكولونية الألمانية)، وكذا فندق الأمريكان كولوني- في إشارة إلى فندق شهير ما زال قائما في منطقة الشيخ جراح، التي تصنف الآن كمنطقة قدس شرقية".
وأضافت: "كانت البناية من أوائل البيوت التي بنيت خارج جدران البلدة القديمة، وشمل مبنى القنصلية الأصلي طابقين فقط، وتمت إضافة الثالث في أوائل القرن العشرين، ويضم المبنى اليوم كلا من مكان إقامة القنصل العام ومكاتب الموظفين".
وتم تحديد البعثة كقنصلية عامة في عام 1928، ثم في عام 1951 استأجرت الحكومة الأمريكية موقعا آخر في شارع نابلس؛ حيث كان يضم القسم القنصلي التابع للقنصلية العامة الذي يؤمن خدمات لحاملي الجنسية الأمريكية والتأشيرات.
وعمليا قد يشير هذا القرار إلى أن مقر القنصل العام سيحول إلى مقر إقامة السفير الأمريكي في حين يتم التخلي عن مبنى القنصلية أو تحويلها إلى إحدى المؤسسات الحكومية الأمريكية.
واستنادا إلى القنصلية الأمريكية العامة فإن المبنى الجديد أنشئ في الستينيات من القرن الـ19 لاستخدامه كدير، وفي عام 2006 وسّعت القنصلية الأمريكية وجودها في هذا المبنى، وذلك باستئجار مبنى محاذٍ تم تخصيصه لمكاتب الإدارة والعلاقات العامة.
ومنذ عام 2010 تم تحويل هذا المبنى إلى مقر البيت الأمريكي الذي يمول من واشنطن، وينظم نشاطات ثقافية وتعليمية وتعريفية بالتعليم في الولايات المتحدة، أما القسم القنصلي التابع للقنصلية العامة فقد انتقل منذ ذلك الحين إلى منطقة أرنونا في القدس الغربية، حيث لا يزال هناك، وتحول في مايو/آيار إلى سفارة أمريكية.
وبقرار دمج القنصلية الأمريكية بالسفارة فإن مبنى القنصلية سيتحول إلى مقر إقامة للسفير الأمريكي ديفيد فريدمان.