دول الجنوب والنظام الدولي.. رياح التجديد تسبق مسارات التقويض
![جانب من قمة بريكس- أرشيفية](https://cdn.al-ain.com/lg/images/2025/2/05/155-171402-american-leadership-global-south_700x400.jpg)
لم يعد النظام الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة وظهر بعد الحرب العالمية الثانية موجودا، بل وصفه وزير الخارجية الأمريكي بـ"العتيق".
وبالنسبة للكثيرين في العالم النامي، فإن موت النظام الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ليس شيئا يستحق الحزن، فهو لم يكن نظاما ليبراليا أو منظما في كثير من الأحيان.
ولطالما اشتكت حكومات القوى المتوسطة، مثل البرازيل والهند، من توافق المؤسسات والهياكل العالمية بشكل غير متناسب مع مصالح الدول الغنية على حساب باقي الدول، وذلك وفقا لما ذكرته مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية.
واعتبر التقرير الذي طالعته "العين الإخبارية"، أن الجنوب العالمي، وهو تصنيف يصف الغالبية العظمى من سكان العالم، الذين يعيشون في بلدان كانت مستعمرة في أفريقيا وآسيا والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية، يعد فئة غير واضحة المعالم ومثار جدل.
وإحدى الطرق التي تريد بها بلدان الجنوب العالمي تغيير النظام الدولي، إصلاح المؤسسات المتعددة الأطراف، مثل مجلس الأمن والبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، لجعلها أكثر تمثيلا، وهو جهد معقد ومن غير المرجح أن يسفر عن نتائج قريبا.
وتسعى هذه الدول لاستبدال الدولار كعملة احتياطية وأداة للتجارة، لكن هذه الدعوة تخاطر بتشجيع صعود الصين وتسريع انحدار الولايات المتحدة.
إلا أنه يتعين على الجنوب العالمي بدلا من السعي لنظام جديد، أن يحاول جعل النظام الحالي يعمل بشكل كفء، وذلك رغم استعداد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للتخلي عن المعايير الدولية.
فورين آفيرز فسرت ذلك، بأن "النظام الحالي ربما كان مليئًا بالتناقضات، لكن لديه قواعد. كما أن عالماً منظماً به قوانين واضحة ومحددة جيداً وصارمة يحترمها الجميع خاصة الأكثر قوة وثراءً، يصب في مصلحة الدول الأكثر فقراً".
والواقع أن النظام الدولي الحالي يحتاج مشاركة أكبر من جانب الولايات المتحدة، لأن الابتعاد عن نظام تقوده واشنطن لن يفعل الكثير لحماية القانون الدولي، بل على العكس سيترك الجنوب العالمي عرضة لقانون الغاب.
ومن الواضح أن الولايات المتحدة تراجعت عن النظام الذي بنته بعد الحرب العالمية الثانية، وهي الخطوة التي ستكتسب زخما في عهد ترامب الذي عين إليز ستيفانيك سفيرة له لدى الأمم المتحدة، مما يشير إلى رغبته في اتخاذ موقف عدائي تجاه المنظمة.
تجديد أم تقويض؟
لكن حتى قبل إعادة انتخاب ترامب، كانت الولايات المتحدة تقلل بشكل منهجي من مشاركتها في الأمم المتحدة ووكالاتها والمؤسسات المتعددة الأطراف الأخرى.
وفيما يتعلق بالتجارة العالمية، تقوض الولايات المتحدة النظام الذي بنته، إذ تعد حروب التعريفات الجمركية التي شنها ترامب أحدث مثال على ابتعاد متزايد عن التجارة الحرة.
ولا تفكر الولايات المتحدة في الانسحاب من صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي، لكنها جعلت إصلاحهما صعبًا للغاية.
وبالنسبة لدول الجنوب العالمي، فإن اللامبالاة الأمريكية بالحفاظ على النظام الدولي القائم ليست سوى خبر سيئ، لأن من مصلحة البلدان الفقيرة والأقل قوة أن يكون لديها هيكل ثابت للقانون الدولي.
في هذا السياق، ينبغي أن تحاول دول الجنوب العالمي الضغط على الولايات المتحدة لتجديد النظام الذي بنته وتعزيزه بشكل أفضل، على حد قول فورين آفيرز.
لكن لن تكون هذه المهمة قصيرة الأجل بل ستستغرق عقدا من الزمان على الأقل، ويمكن أن تسفر عن نتائج ذات مغزى، بالمهارة والموارد الكافية والصبر.
وينبغي للجنوب العالمي، أن يوضح للولايات المتحدة أن الطريقة الوحيدة التي تمكنها من التغلب على التحدي الصيني والروسي، هي عقد التحالفات والشراكات التي تمتد إلى ما هو أبعد من الغرب التقليدي وإحدى أفضل الطرق لبناء وتعزيز هذه العلاقات هي ضمان احترام القانون الدولي، وفق المجلة الأمريكية.
ويمكن أن يحدث الجنوب العالمي الذي يتبنى أجندة بناءة وأكثر عالمية، فرقا حقيقيا بل يمكن لدوله الرائدة، من خلال حجمها وثروتها وهيبتها المتنامية، أن تساعد في بناء نظام عالمي ليس أكثر عدالة فحسب، بل أكثر تنظيما واحتراما للقانون الدولي.
aXA6IDMuMTMzLjExOC44MiA= جزيرة ام اند امز