وسط الحروب والوباء.. بُقعة مضيئة في تقرير السعادة العالمي
في هذا الوقت المضطرب من الحروب والوباء حول العالم، يُظهر تقرير السعادة العالمي 2022، ضوءاً ساطعاً وسط الظلام.
ووفقاً لفريق الباحثين الدوليين الذين أعدّوا التقرير، فإن وباء كورونا لم يتسبب في الألم والمعاناة فحسب، بل أدى أيضاً إلى زيادة الدعم الاجتماعي والعطاء.
وفي الوقت الذي يكافح فيه العالم الأمراض والحروب، من المهم بشكل خاص تذكر الرغبة العالمية في السعادة وقدرة الأفراد على حشد دعم بعضهم البعض في أوقات الحاجة الماسة، كما يقول مؤلفو التقرير.
ويصادف هذا العام الذكرى السنوية العاشرة لتقرير السعادة العالمية، الذي يستخدم بيانات المسح العالمي للإبلاغ عن كيفية تقييم الناس لحياتهم في أكثر من 150 دولة حول العالم، حيث وصلوا إلى أكثر من 9 ملايين شخص في عام 2021.
ويقول البروفيسور جون هيليويل من جامعة كولومبيا البريطانية، وأحد معدي التقرير في بيان نشره الموقع الإلكتروني لجامعة ماكجيل الكندية: "وجدنا خلال عام 2021 نمواً ملحوظاً حول العالم في جميع أعمال اللطف الثلاثة التي تم رصدها في استطلاع جالوب العالمي".
وأضاف: "وكانت مساعدة الغرباء والتطوع والتبرعات في عام 2021 مرتفعة بقوة في كل جزء من العالم، حيث وصلت إلى مستويات تزيد بنسبة 25٪ تقريباً عمّا قبل، وساعد انتشار الوباء في هذه الزيادة بالإحسان، والتي كانت عظيمة بشكل خاص لمساعدة الغرباء، بما يقدم دليلاً قوياً على أن الناس يستجيبون لمساعدة الآخرين المحتاجين، مما يخلق في هذه العملية المزيد من السعادة للمستفيدين، وأمثلة جيدة للآخرين ليتبعوها ".
وللعام الخامس على التوالي، تحتل فنلندا المرتبة الأولى باعتبارها الدولة الأسعد في العالم، وهذا العام كانت درجاتها متقدمة بشكل ملحوظ على البلدان الأخرى في المراكز العشرة الأولى.
وتواصل الدنمارك احتلال المرتبة الثانية، بينما ارتفعت آيسلندا من المركز الرابع العام الماضي إلى المركز الثالث هذا العام، وحلّت سويسرا في المركز الرابع، تليها هولندا ولوكسمبورج، ثم السويد والنرويج وإسرائيل ونيوزيلندا والنمسا وأستراليا وأيرلندا وألمانيا وكندا، ويمثل ذلك انخفاضاً كبيراً لكندا، التي احتلت المركز الخامس قبل عشر سنوات.
ويقول البروفيسور كريستوفر بارينجتون، من جامعة ماكجيل: "إن الاتجاه الهبوطي لكندا مستمر بثبات لسنوات، وبينما كانت كندا في السابق تأتي بجانب الدول الإسكندنافية، فإنها تحتل الآن مرتبة أقرب إلى الولايات المتحدة في تقييم الناس العام لمدى شعورهم بالرضا عن حياتهم".
وتشمل بقية المراكز العشرين الأولى الولايات المتحدة في المرتبة 16 (ارتفاعاً من المرتبة 19 العام الماضي) والمملكة المتحدة والتشيك في المرتبة 17 و18، تليها بلجيكا في المرتبة 19 وفرنسا في المركز 20، وهو أعلى ترتيب لها حتى الآن.
وبشكل عام، كانت أكبر ثلاثة مكاسب في صربيا وبلغاريا ورومانيا، وأكبر الخسائر كانت في لبنان وفنزويلا وأفغانستان.
ويلاحظ جان إيمانويل دي نيف، مدير مركز أبحاث الرفاهية في جامعة "أكسفورد" أنه "في أسفل الترتيب نجد مجتمعات تعاني من الصراع والفقر المدقع، ولا سيما أننا نجد أن الناس في أفغانستان يقيّمون جودة حياتهم الخاصة على أنها مجرد 2.4 من 10، وهذا تذكير صارخ بالضرر المادي والمعنوي الذي تسببه الحرب للعديد من ضحاياها والأهمية الأساسية للسلام والاستقرار لرفاهية الإنسان".
.
ويقول كريستوفر بارينجتون، الأستاذ بجامعة "ماكجيل": "يغيّر تقرير السعادة العالمي الحديث حول التقدم والرفاهية، فهو يوفر لمحات مهمة عن شعور الناس حول العالم تجاه الجودة الشاملة لحياتهم، ويمكن لهذه المعلومات بدورها أن تساعد البلدان على صياغة سياسات تهدف إلى تحقيق مجتمعات أكثر سعادة".
ونظرت التقارير السابقة في الروابط بين ثقة الناس في الحكومة والمؤسسات بالسعادة، وتظهر النتائج أن المجتمعات التي تتمتع بمستويات عالية من الثقة تكون أكثر سعادة وأكثر مرونة في مواجهة مجموعة واسعة من الأزمات.