السوبرانو المصرية أميرة سليم: أسعى لإحياء الهيروغليفية بأغنياتي (حوار)
مع انطلاق موكب المومياوات الملكية في مصر أبريل/نيسان 2021 سطعت شمس مطربة السوبرانو أميرة سليم، التي أدهشت العالم أجمع.
آنذاك، قدمت السوبرانو المبدعة أغنية باللغة المصرية القديمة (الهيروغليفية) ضمن عرض فني موسيقي مبهر رافق موكب المومياوات الملكية وأدير بقيادة المايسترو العالمي نادر عباسي.
أميرة سليم سعت إلى ترجمة حبها لتاريخ أجدادها المصريين القدماء بتقديم أكثر من عمل بلغتهم العظيمة، فلم تتوقف مسيرتها عند "أنشودة العظمة"، التي أبهرت العالم أجمع لكن قدمت مؤخرا عملا جديدا بعنوان "مروت آك".
"العين الإخبارية" أجرت حوارا مع السوبرانو الشابة تحدثت خلاله عن كواليس أول أغنية رومانسية باللغة المصرية القديمة، واختيارها لهذا اللون لتقديمه عن الفراعنة، وهل يتماشى مع الجمهور بعد مرور آلاف السنوات.
أميرة سليم من مواليد 1 يناير/كانون الثاني 1976 بالعاصمة القاهرة، وهي ابنة عائلة فنية، فوالدها الفنان التشكيلي الراحل أحمد فؤاد سليم، وأمها عازفة البيانو المصرية العالمية مارسيل.
تخرجت المطربة الشابة في معهد كونسرفتوار بالقاهرة واستكملت دراستها العليا في فرنسا، وقدمت الكثير من الحفلات الغنائية المنفردة على مسارح فرنسية عدة، بل ولعبت أدوارا رئيسية في حفلات بدور أوبرا عالمية.
وإلى نص الحوار:
من أين استلهمت فكرة أحدث أغنياتك باللغة المصرية القديمة (أحبك)؟
الفكرة تدور في ذهني منذ فترة كبيرة حتى قبل إقامة حفل موكب المومياوات، فكنت أريد الغناء باللغة المصرية القديمة وباستخدام أشعار مستوحاة من الأدب المصري القديم، وكان ذلك حلما بالنسبة لي.
وكيف سعيت لتحقيق هذا الحلم؟
أجريت بحثا مكثفا وتنقلت بين بعض المكتبات في فرنسا لأنها تحوي مكتبة كبيرة للغاية لعلم المصريات، وجمعت بعض القصائد والأشعار ومنها قصائد حب، وكان بينها الأغنية التي وقع اختياري عليها لتقديمها.
أثناء بحثك عن القصائد.. هل يمكن تصنيف "الفراعنة" إلى شعب رومانسي أم عملي؟
ما استخلصته أنهم كانوا شعبا رومانسيا للغاية، وهذا يظهر جليا في الرسوم التي تملأ المعابد حيث نجد جانبا شاعريا ورومانسيا فيها، فضلا عن قصص الحب التي يزخر بها تاريخ المصريين القدماء مثل، إيزيس وأوزوريس، وأخناتون ونفرتيتي، وتوت عنخ آمون والملكة تي ونفرتاري ورمسيس الثاني، ولذلك وجدت قصائد رومانسية كثيرة جدا، وقصيدة "مروت آك" كانت ضمن مجموعة قصائد رومانسية.
على أي أساس اخترت قصيدة "مروت آك" من البرديات القديمة؟
أردت أن أظهر الوجه الآخر لقدماء المصريين بعيدا عن الابتهالات والصلوات والأناشيد وتمجيد الإله التي كانت جزءا من أدبهم، وهو جانب الحب عندهم، لذلك اخترت قصيدة كتبها رجل وامرأة،بعدما انفصلا عن بعضهما لكن لم أعرضهما معا واكتفيت بالجزء الخاص بالمرأة التي تعبر عن مدى افتقادها لحبيبها وحبها الكبير له، وهنا نبرز الوجه الآخر للقدماء المصريين.
بعد آلاف السنين.. هل كلمات القصيدة مناسبة لجمهور الوقت الحالي؟
الحب والعشق والمشاعر الإنسانية أمور لا تتغير باختلاف الزمن، فما شعرت به السيدة في قصيدة "مروت آك"، التي تعني (أحبك)، هو نفسه ما يمكن أن تشعر به أو تعيش أحاسيسه أي امرأة في أي وقت حتى لو اختلف الزمان والمكان.
وأعتقد أن المختلف هو البساطة والنقاء في القصيدة وطريقة تعبيرها عن حبها، وبالتالي هي تتناسب مع أي إنسان وفي أي زمان ومكان.
كيف وجدت التعاون مع الدكتورة ياسمين الشاذلي رائدة علم المصريات؟
سعدت جدا بالتعاون معها، فعندما أحببت أن أهدي جمهوري الأغنية باللغة المصرية القديمة تواصلت مع عالمة المصريات الدكتورة ياسمين الشاذلي التي رحبت كثيرا بفكرتي في عمل أغنيات وأناشيد باللغة المصرية القديمة.
وكنت قد اخترت منذ سنوات قصائد الحب من بردية قصائد غزلية كتبت تحديدًا في عهد الأسرة 19، واخترت منها واحدة لكي أترجمها وأتدرب على نطقها وفهم معانيها، كمحاولة لإحياء اللغة المصرية القديمة من خلال الفن والموسيقى.
ماذا عن فريق العمل الذي تعاونت معه لتقديم الأغنية؟
الأغنية ارتجال غنائي على مقطوعة البريلود للموسيقار باخ من بردية شيستر بيتي، لذلك فضلت العمل مع مجموعة مؤمنة بالفكرة التي أريد تقديمها، وكان أول من تعاونت معه عازفة الهارب منى واصف التي تحمست بشدة، وكان وجودها مهما للغاية كون آلة الهارب آلة قديمة وموجودة طوال الوقت على جدران المعابد المصرية القديمة، لأنها كانت تعبر عنهم ويستخدمونها في احتفالاتهم.
بجانب مهندس الصوت مفدي ثابت الذي ساعدنا كثيرا في تسجيل الأغنية، ورمزية وجوده معنا أنه أيضا كان موجودا في موكب المومياوات، وهذا الفريق سنتعاون معا مستقبلا في تسجيل أغنيات أخرى.
وماذا عن "الكليب" وتصويره في باريس؟
الكليب بالفعل تم تصويره في فرنسا مع فريق عمل مؤمن بالفكرة أيضا ومتحمس لها، فهي المرة الثانية التي أتعاون فيها مع المخرج هشام عبدالخالق كمشرف إنتاجي للكليب، وأيضا مع مدير التصوير مدحت سعودي والمقيمين في فرنسا.
كما سعدت بالتعاون لأول مرة مع المونتير كمال أبوهاشم الذي شارك في مونتاج ومرحلة ما بعد الإنتاج لأفلام عديدة منها روائية طويلة وقصيرة ووثائقية في مصر والعالم العربي.
والحقيقة أنا فخورة وسعيدة بأن هذا الكليب هو ثمرة رؤية فنية اشترك الكل في تقديمها، وهذه هي الروح الكامنة وراء المجهود الذي بُذل في كواليس أول أغنية رومانسية باللغة المصرية القديمة.
وهل كانت لك رؤية معينة لتقديم الكليب؟
كنت حريصة على وضع الترجمة بالعربية والإنجليزية لتصل لكل العالم، وأيضا كلمات الأغنية لكي يستطيع أي شخص أن يغني اللحن معي ويتذوق طعم اللغة المصرية القديمة من خلال لحن بسيط وشاعري ورومانسي ارتجلته على مقطوعة الهارب للعظيم الموسيقار باخ، ومن خلال معان تعبر عن عفوية وبساطة المصريين القدماء في التعبير عن مشاعر الحب.
الكليب وكلمات الأغنية ستجعل الجمهور يشعر أن المصري القديم كان أيضا يعيش قصص الحب بحرية ونقاء وليس فقط ثقافة الموت وما بعد الموت بل كان يحب الحياة والنور والجمال.
هل تعتقدين أن تلك المحاولات ستسهم في إظهار جوانب عن أجدادنا القدماء لم تظهر من قبل؟
في السابق كنا مقصرين، لكن مؤخرا نحاول محاولات جادة لإبراز عظمة أجدادنا، سواء من خلال المؤسسات الرسمية أو الأشخاص، أما الجانب الآخر فأنا أحاول إحياء اللغة المصرية القديمة وهذا جزء من إظهار جانب مختلف عند المصريين القدماء، وإبراز جانب إنساني لهم.
وأتمنى أن يستمر ويظهر بشكل أكبر، وتكون اللغة قريبة من الناس، ولا أعني أن نتحدث بها، ولكنها تكون موجودة ونتعرف عليها بشكل أكبر.
aXA6IDMuMTQ1LjQ3LjE5MyA= جزيرة ام اند امز