التمائم.. تعاويذ سحرية عمرها آلاف السنين
في سبعينيات القرن الماضي، وتحديدا في العام 1966، ظهرت أول تميمة لبطولة كأس العالم لكرة القدم.
وبمرور السنوات، صارت لكل بطولة رياضية تميمتها الخاصة، وصارت تلك التمائم في شتى البطولات أداة من أدوات الترويج للبطولات، وهي تصمم بشكل يبث الحماس ومظاهر البهجة لدى جموع الجماهير.
والتمائم جمع لكلمة تميمة، والتميمة هي ما يُعلَق في الرقبة لدفع الشر والحماية من الأعين.. وللتمائم تاريخ قديم، ارتبطت خلاله بالسحر والسحرة، وكانت في الكثير من الأحيان تستخدم كوسيلة للعلاج من الأمراض.
وقد شاع استخدام العرب للتمائم للوقاية والعلاج معاً، وقد وردت الكثير من القصائد الشعرية التي تتناول التميمة في أبياتها، ومن ذلك بيت الشعر المشهور :
وإذا المنيَّةُ أنشبتْ أظفارَها -- ألفيتُ كلَّ تميمةٍ لا تنفَعُ
وهو من قصيدة لأبي ذؤيب خويلد بن خالد الهذلي، وكان من شعراء العرب المخضرمين، الذين عاصروا الجاهلية والإسلام.
وقد سبق قدماء المصريين، العرب في معرفة التمائم، وكان للتمائم في مصر القديمة قوة عظيمة، وبحسب الأساطير التي اشتهر بها قدماء المصريين، فقد ارتبطت التمائم بطقوس دفن الموتى، ولم تكن قاصرة على استخدام الأحياء لها، حيث كان يُغطى الجسد المحنط للميت بمجموعة من التمائم التي كانت تنظم في عقد، أو تطوى في لفافات تحيط بالجسد المحنط.
وكانت التمائم– والتي يطلق عليها أيضا " التعاويذ "– من الحجر، والبرونز، والذهب، والفيانس، وقد تعددت أسماء تلك التمائم والتعاويذ، وتنوعت وظائفها السحرية في مصر القديمة، وكما يقول علماء المصريات "جورج بوزنر، وسيرج سونرون، وجان يويوت، وأ.أ. ادواردز، وف. ل. ليونيه" في كتابهم الذائع الصيت "معجم الحضارة المصرية القديمة"، فإن مجموعة التمائم التي عرفتها مصر القديمة لو جرى جمعها فهي تكفي لتملأ معرضا كاملاً، وأن تلك التمائم والتعاويذ تختصر العقيدة المصرية القديمة.
الحيوانات المقدسة
وبحسب معتقدات قدماء المصريين عن التمائم والتعاويذ ، فإن مجموعة الآلهة والحيوانات المقدسة "تسهر على سلامة جسمك.. وتملك الشارات الملكية بقوة فرعون.. وتنقل إليك الرموز الهيروغليفية المنحوتة على الحجر - والتمائم والتعاويذ - قوتها الإلهية و تعطيك الحياة والحيوية".
وقال الدكتور مصطفي وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار المصرية، لوكالة الأنباء الألمانية، إن مصر القديمة عرفت عددا كبيرا من التمائم، وأن من أشهر التمائم التي كانت الأكثر استخداما وشيوعا بين قدماء المصريين، هي الجعران، والعين أوجات، وهي تعطى بحسب معتقدات قدماء المصريين الإزدهار البدني والإخصاب العام"، وعقد إيزيس، و"العين أوجات"، و"إيب" أي القلب.
وبحسب "وزيري" فقد عرف الأحياء في مصر القديمة التمائم، وارتدوها بعد أن صنعوها في شكل حُلي، مثل ما كان يُعرف بالخرطوش الملكي، والأزهار والأصداف البحرية، والتي كانت تستخدمها النساء، وكانوا يتخذون من صورة الإله "بس" والذي كان يقوم بحماية البشر من قوى الشر، وكذلك وجه الربة تاورت، التي كانت تعبد في شكل أنثى فرس النهر، وربة الولادة لدى قدماء المصريين، كتعاويذ للحماية.
ومن التمائم والتعاويذ الواقية من الأمراض، والتي عرفها قدماء المصريين، كانت هناك تعاويذ للفقراء مثل قيامهم بوضع عقدة من نبات البوص، أو عقداً مضفورا من البصل، حول رقبة المريض الفقير، ووضع عقد مكون من 40 خرزة بينها 7 خرزات من الذهب، و7 خرزات من الحجر الأخضر، وذلك للمرضى الأثرياء.
الجعران
ومن بين القائمة الطويلة للتمائم والتعاويذ المصرية، يأتي لجعران أو الجعل، هو خنفساء الروث، التي كانت تسختدم كتمائم واقية رخيصة، حيث كان لدى قدماء المصريين، اعتقاد بأن تلك الخنفساء، خبأت داخل نفسها قوة تجديد حياتها باستمرار.
وبجانب استخدامها كتمائم وتعاويذ، فقد استخدمت الجعارين في مصر القديمة، كأختام تحمل أسماء الموظفين وألقابهم، وكما نقشت على بعضها الأمنيات السعيدة.
وفي معابد الكرنك الأثرية الشهيرة، بمدينة الأقصر التاريخية في صعيد مصر، يحرس الزوار من سياح العالم، على الطواف حول تمثال لجعران كبير، وذلك بهدف جلب الحظ السعيد لهم، يُعرف الجعران لدى الكثيرين بأنه يجلب الحظ، ولذلك فهو من بين أكثر التذكارات السياحية مبيعا للسياح في مقاصد السياحة الثقافية المصرية، وحتى في المقاصد الترفيهية مثل مدينتي الغردقة وشرم الشيخ.
وفي العصر الحديث، صارت بعض الصور لأرباب ومعبودات مصرية قديمة تتخذ كتميمة لبطولات رياضية، مثل الإله حورس الذي اختير ليكون تميمة لبطولة كاس العالم لكرة اليد رجال التي استضافتها مصر في نسختها الـ 27.
ولحورس أو "حور" أهمية كبيرة في العقيدة المصرية القديمة، حيث كان يُعبد كرب كوني سماوي في صورة صقر، وكإبن للمعبود أوزيريس، أو "أوزير" وكوريث للعرش وإله رسمي للدولة، أو كمعبود محلي لبعض المدن والمقاطعات، ليجمع بذلك بين صفة المعبود الكوني، والمحلي معا، إذ صنفت بعض الآلهة والمعبودات على أنها كونية – أي لكل الكون – وصنفت أخرى على أنها معبودات محلية فقط، وقد كانت عين حورس إحدى التمائم المعروفة في مصر القديمة.