مخترع سٌم اغتيال الجاسوس الروسي.. ناشط لحظر الأسلحة الكيميائية
ميرزايانوف مخترع مادة "نوفيتشوك" السامة التي استخدمت في محاولة اغتيال سكريبال يوصف ترياقا لعلاجه ويعرب عن أسفه مجددا
عندما كان العالم الكيميائي الروسي الكبير فيل ميرزايانوف مخترع مادة "نوفيتشوك" السامة، يترأس مركز محاربة التجسس العلمي التابع لمعهد الدولة للأبحاث العلمية في مجال الكيمياء العضوية بالاتحاد السوفيتي السابق في ثمانينيات القرن الماضي، كان سيرغي سكريبال الجاسوس الروسي السابق الذي حاول مجهولون اغتياله بذات سٌم مواطنه، في ريعان الشباب يتلقى أولى دروس الجاسوسية بالأكاديمية التابعة لذات المؤسسة الاستخباراتية.
وبعد ما يربو على الـ4 عقود من هذه الحقبة، لم يعد الانتماء للمؤسسة الاستخباراتية الرابط الوحيد بينهما، فكلا الرجلين أصبحا يحملان لقب ضابط استخبارات "سابق"، كما أن أحدهما وهو سكريبال، لازال طريح الفراش يلفظ أنفاسه الأخيرة عقب إصابته بالغاز السام الذي ابتكره ميرزايانوف في ستينيات العام الماضي.
وعلى الرغم من شعور ميرزايانوف بالندم حيال دوره في تصنيع السم الذي دخل مرحلة الإنتاج بشكل سري في ثمانينيات القرن الماضي، لكنها لم تكن المرة الأولى التي اعتذر فيها الكيميائي الروسي الذي يقيم حاليا في أمريكا.
فقبل أكثر من 3 عقود أعرب عن أسفه بصوت خافت بين دهاليز "الكي جي بي" لصديقه في المخبر أندريه جيلينزيكوف، الذي أصيب أثناء عمله معه على السم.
ومٌنح جيلينزيكوف حينها جرعات من الترياق المضاد للسم لينجو من الموت مؤقتا إلا أنه فارق الحياة بعد 5 أعوام متأثرا بإصابته.
وبعد كل هذه الأعوام يخرج ميرزايانوف على وسائل الإعلام العالمية من واشنطن ليصف الترياق مجددا لسكريبال الذي يصارع الموت مع ابنته في مشفى بالعاصمة البريطانية، فيما يكافح العالم حوله هواجس البقاء بعد أن أثبتت جهة ما، سواء كانت موسكو أو غيرها إمكانية استخدام مثل هذه الأسلحة الكيميائية وعدم فاعلية المعاهدة الدولية الداعية لحظرها.
وتعيد مخاوف الساعين لفرض حظر الأسلحة الكيميائة حول العالم، أسئلة أخلاقيات العلم للضوء مجددا، وهي ذات النقطة التي يقر العالم الروسي، بأهميتها مشيرا إلى أنه دفع ثمن محاولات اتباعها عندما حاول التكفير عن خطأه بتحذير العالم من المادة السامة التي أنتجها، ليزج به في السجن عام 1993 بتهمة إفشاء أسرار الدولة.
لم يكتف العالم التسعيني بإبداء الأسف والاعتذار من سكريبال الطريح، ليكشف جانبا حول عقيدة الجهاز الاستخباراتي السوفيتي العتيق التي كانت تلقن للعلماء والباحثين، قائلاً: "لم نكن نعتقد أن هذه المادة ستستخدم في تصفيات واغتيالات، كان الهدف من إنتاج هذا السم استعماله في ساحة المعركة بواسطة القذائف أو القنابل".
وهو تبرير على الرغم من افتقاره للوجاهة، إلا أنه يكشف عن مشروعية القتل الجماعي في ساحات المعارك عبر القنابل والقاذفات المزودة بغاز الأعصاب والمواد القاتلة في فلسفة الاستخبارات السوفيتية.
ويوضح أن تطوير السم الذي أردى سكريبال، استغرق عقدين من الزمان في منشأة على بعد بضعة كيلومترات من العاصمة الروسية موسكو، مشيرا إلى أن نحو ألف شخص كانوا يعملون عليه في سرية تامة، ليقوموا بإجراء عدة تجارب على الحيوانات ونقل النتائج لمجموعة من المختبرات المتخصصة لدراستها، حتى تم التوصل للغاز.
ولم تكن حادثتي زميله جيلينزيكوف، والجاسوس السابق سكريبال الأولى التي وخزت ضمير ميرزايانوف، ودفعته للاعتذار فهو من أشد دعاة حظر الأسلحة الكيميائية عبر عدت وسائل، ليدشن نشاطه عقب انهيار الاتحاد السوفيتي، عبر مقالة نشرها في مجلة "موسكو تايمز" الأسبوعية لتتناقلها الصحف الأمريكية، التي أجرت إحداها وهي "بالتيمور صن" مقابلة معه في العام 1992 ليتحدث عن مخاطر الأسلحة على حياة البشر، ليتوج الكيميائي الروسي مسيرة التكفير عن أخطائه بعدة مؤلفات ومنشورات وحملات عقب فراره للولايات المتحدة الأمريكية.
aXA6IDE4LjExNy4xNzIuMTg5IA== جزيرة ام اند امز