أزمة الجاسوس السابق.. بريطانيا تعاقب روسيا دبلوماسياً وسط ترقب أوروبي
أزمة تسمم رجل الاستخبارات الروسي السابق سيرجي سكريبال تتصاعد، بعد أن أعلنت بريطانيا اليوم عدة إجراءات ضد موسكو
تصاعدت أزمة تسمم رجل الاستخبارات الروسي السابق سيرجي سكريبال، إذ تتهم بريطانيا موسكو بالضلوع في تنفيذ تلك الواقعة.
واتخذت بريطانيا مجموعة إجراءات دبلوماسية ضد روسيا، الأربعاء، رداً على واقعة تسمم رجل الاستخبارات الروسي السابق، وسط ترقب أوروبي لما ستؤول إليه الأحداث.
وأعلنت رئيسة الحكومة البريطانية، تيريزا ماي، الأربعاء، طرد 23 دبلوماسيا روسيا، مؤكدة أن دبلوماسيي موسكو أمامهم مهلة أسبوع للمغادرة.
وأكدت ماي أيضاً "تعليق الاتصالات الثنائية" مع موسكو، التي كان لديها حتى الآن 59 دبلوماسيا معتمدا في المملكة المتحدة.
ونقلت وكالة أنباء رويترز، قول ماي إن "هذه أكبر عملية طرد لدبلوماسيين منذ 30 عاماً".
وشددت على أن بلادها ستلغي اجتماع وزير الخارجية الروسي في بريطانيا، ولن يذهب أي من أفراد العائلة المالكة أو الوزراء إلى كأس العالم لكرة القدم في موسكو.
وخلصت ماي إلى أن اللوم يقع على روسيا في الشروع في قتل الجاسوس السابق سيرجي سكريبال وابنته.
وأضافت: "ليس هناك استنتاج سوى أن الدولة الروسية هي التي تتحمل اللوم عن الشروع في قتل السيد سكريبال وابنته، وتهديد أرواح مواطنين بريطانيين آخرين في سالزبري".
وتابعت: "هذا يشكل استخدام غير مشروع للقوة من جانب الدولة الروسية ضد المملكة المتحدة".
وقالت ماي إن موسكو مسؤولة عن الهجوم بغاز الأعصاب على الجاسوس الروسي المزدوج.
وأوضحت ماي أمام البرلمان البريطاني: "الدولة الروسية مسؤولة عن محاولة اغتيال سكريبال وابنته يوليا"، وفقا لما جاء على وكالة الأنباء الفرنسية.
- أزمة الجاسوس المزدوج بين روسيا وبريطانيا .. القصة الكاملة
- اجتماع لـ"الأمن القومي" البريطاني برئاسة ماي للبت في عقوبات على موسكو
ترقب العالم
وعلى مدار ساعات، ترقب العالم ما ستعلن عنه ماي، الأربعاء، بشأن الإجراءات التي سترد بها على موسكو بسبب الهجوم الذي وقع في 4 مارس/ آذار ضد الجاسوس السابق سكريبال وابنته يوليا، اللذين عثر عليهما فاقدي الوعي إثر تسميمهما في جنوب غرب إنجلترا.
ودخلت بريطانيا في مواجهة مع روسيا، الأربعاء، بعد أن انقضت في منتصف ليل الثلاثاء- الأربعاء، مهلة حددتها ماي لتلقي تفسير من موسكو عن كيفية استخدام غاز أعصاب جرى تطويره في العهد السوفيتي، لقتل العميل الروسي المزدوج.
وقالت روسيا، التي نفت أي دور لها في الواقعة، إنها لن تستجيب للمهلة التي حددتها ماي قبل أن تحصل على عينات من غاز الأعصاب.
اجتماع طارئ في مجلس الأمن
ودخل مجلس الأمن الدولي على خط الأزمة التي تضرب أروقة بريطانيا وروسيا، حيث سيتم عقد اجتماع طارئ، الأربعاء، حول تسميم العميل الروسي المزدوج في المملكة المتحدة، حسبما نقلت وكالة الأنباء الفرنسية.
ويعقد مجلس الأمن اجتماعاً طارئاً عند الساعة 19,00 بتوقيت جرينيتش بشأن تسميم الجاسوس الروسي السابق في بريطانيا، بحسب ما أعلنته الرئاسة الهولندية التي تتولى مقاليد أمور المجلس حالياً.
والجلسة العامة ستعقد بطلب من بريطانيا التي "ستطلع" مجلس الأمن على "الهجوم الذي وقع في سالزبري في 4 آذار/مارس" ، كما أوضحت وكالة الأنباء الفرنسية.
ورفضت روسيا اتهامها بالمسؤولية عن هذا التسمم، رغم تأكيدات بريطانيا على ضلوعها في الواقعة.
غضب بريطانيا
وصبت بريطانيا جام غضبها على روسيا، وذلك في مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، الأربعاء، حيث اعتبرت أن استخدام غاز أعصاب عسكري في محاولة لقتل الجاسوس الروسي المزدوج يعد انتهاكا صريحا للقانون الدولي، ويجب أن يكون بمثابة تحذير للمجتمع الدولي.
وقال السفير البريطاني جوليان بريثويت للمجلس في جنيف: "المجلس والجمعية العامة للأمم المتحدة شجبا انتهاكات روسيا للقانون الدولي بأسلوب اعتيادي يثير القلق. إن سلوكها المتهور هذا يمثل إهانة لكل ما يمثله هذا الكيان".
ولم يشر ممثل روسيا لدى مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إلى الواقعة في كلمته في جنيف، لكنه ركز حديثه على مزاعم عن انتهاكات لحقوق الإنسان ضد أمريكيين من أصل أفريقي في الولايات المتحدة.
وأورد بريثويت قائمة من الشكاوى ضد روسيا ترددت أصداؤها على لسان ممثلي دول أخرى منها الولايات المتحدة.
ودخلت الولايات المتحدة على خط الأزمة لدعم بريطانيا، إذ قال جيسون ماك، السكرتير الأول بالبعثة الأمريكية في جنيف: "من أوكرانيا إلى سوريا، والآن في بريطانيا، تواصل روسيا التصرف باعتبارها قوة غير مسؤولة تزعزع استقرار العالم وتتجاهل علنا سيادة الدول الأخرى وحياة المقيمين داخل حدود هذه الدول".
وشجب الأمير زيد بن رعد الحسين، مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان في كلمة ألقاها الأسبوع الماضي ما وصفه بأنه "حملة منظمة ومدبرة للعنف والتهديد" ضد جماعة روسية حقوقية بارزة هي مركز حقوق الإنسان في الشيشان والأنجوش وداغستان.
ودعا الأمير زيد موسكو لضمان السماح للناس بالتجمع واحترام حرية التعبير، مشيرا إلى الانتخابات الرئاسية الروسية المقررة يوم 18 مارس/ آذار المقبل.
روسيا تنفي الاتهامات
من ناحية أخرى، واصلت روسيا التأكيد على أنه لا دور لها بتلك الواقعة التي أشعلت غضب بريطانيا.
ونقلت وكالة أنباء رويترز قول ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، إن موسكو ليس لها أي دور في تسميم الجاسوس الروسي المزدوج وابنته في بريطانيا، مضيفا أن اتهام بلاده ليس له أساس من الصحة.
ورأى بيسكوف أن روسيا ما زالت مستعدة للتعاون مع التحقيق البريطاني في القضية، ولكن أي إجراءات محتملة تتخذها لندن ضد موسكو ستستدعي رداً.
لكنه اعتبر أن الوقت ما زال مبكرا لتحديد رد روسيا على بريطانيا.
ودعا المتحدث باسم الكرملين إلى "تحكيم العقل"، وقال في مؤتمر صحفي إن "موسكو لا تقبل الاتهامات التي لا أساس لها، والتي لم يتم التحقق منها ولغة الإنذارات".
تضامن المجلس الأوروبي مع بريطانيا
بدوره، أعلن رئيس المجلس الأوروبي، دونالد توسك، الأربعاء في هلسنكي أن روسيا تقف "على الأرجح" وراء تسميم العميل الروسي المزدوج في بريطانيا.
وكتب توسك، في حسابه على "تويتر" على هامش زيارة رسمية إلى العاصمة الفنلندية: "أعبر عن تضامني الكامل مع رئيسة الوزراء (البريطانية) تيريزا ماي بعد الهجوم الوحشي الذي نفذ بإيحاء على الأرجح من موسكو".
وتأتي الواقعة في فترة حساسة تشهدها العلاقات البريطانية-الأوروبية، حيث يخوض الطرفان مفاوضات بريكست، لكن دعم بروكسل "ثابت"، بحسب ما قاله نائب رئيس المفوضية الأوروبية هانس تيمرمانس، كما نقلت عنه وكالة الأنباء الفرنسية.
تدخل حلف الأطلسي
في السياق نفسه، ندد حلف الأطلسي، الأربعاء، بتسميم الجاسوس السابق سكريبال في بريطانيا، معتبرا ذلك "انتهاكاً فاضحا للأعراف والاتفاقات الدولية" حول الأسلحة الكيماوية
وأفادت وكالة الأنباء الفرنسية بأن حلف الأطلسي طالب روسيا بالرد على أسئلة بريطانيا في تلك الواقعة.
وجاء في بيان مشترك نشره الأمين العام للحلف، ينس ستولتنبرج أن "الحلفاء اتفقوا على اعتبار الهجوم بمثابة انتهاك فاضح للأعراف والاتفاقات الدولية" وطلبوا من روسيا "الرد على أسئلة بريطانيا، وخصوصا عبر تقديم معلومات كاملة حول برنامج نوفيتشوك لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية".