أندرو جوب.. رحلة تغيير وجه التعدين بالذكاء الاصطناعي والاستدامة

عندما نفكر في الابتكار التكنولوجي، غالبًا ما تتبادر إلى أذهاننا مجالات مثل التمويل والطب وتكنولوجيا المستهلك.
إلا أن التعدين ليس تقليديًا صناعة مرتبطة بالاختراقات الرقمية، ومع ذلك، يظل أحد أهم القطاعات في عالم يتسابق نحو الطاقة المتجددة.
وانطلق أندرو جوب، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة بلوت لوجيك، لإعادة تعريف التعدين باستخدام الذكاء الاصطناعي لتحقيق الاستدامة، ومعالجة أوجه القصور الرئيسية في الصناعة مع موازنة التحديات البيئية.
ولقد تضافرت خبرة أندرو في التعدين ومغامرته في مجال الذكاء الاصطناعي لإحداث تغيير مؤثر في عمليات التعدين عالميًا.
وانتقاله الشجاع من مهنة التعدين التقليدية إلى ريادة الأعمال هو قصة رؤية ومثابرة وابتكار.
رحلة خبير تعدين مخضرم إلى المجال الأكاديمي والابتكار
بدأت مسيرة أندرو جوب المهنية في قلب عمليات التعدين، بعد حصوله على شهادة في هندسة التعدين، وشق طريقه عبر العديد من الأدوار التشغيلية والإدارية في هذه الصناعة.
وبحلول عام 1998، اكتسب خبرة عملية في إدارة الموارد، وتحسين المشاريع، ومعالجة أوجه القصور المتأصلة في أساليب التعدين التقليدية. وقد عززت هذه السنوات التي قضاها في هذا المجال فهمه لتحديات هذه الصناعة، وألهمتْه للبحث عن حلول بديلة.
وبحلول عام 2016، وجد أندرو نفسه مدفوعًا برغبة عميقة في جعل صناعة التعدين أكثر كفاءةً ومسؤوليةً بيئيًا.
ولاحت له فكرة دمج الذكاء الاصطناعي في التعدين، لكن تحقيق ذلك تطلب مستوى من العمق التقني لم يكن يمتلكه بعد.
وبعد أن أصبح أب لطفلين، اتخذ أندرو قرارًا جريئًا بترك مسيرته المهنية والسعي للحصول على درجة الدكتوراه، وهي قفزة مدروسة نحو الأوساط الأكاديمية تهدف إلى سد الفجوة بين التعدين والحلول المدعومة بالذكاء الاصطناعي.
وخلال دراساته للدكتوراه، حدد أندرو فجوةً حرجةً في صناعة التعدين، بها افتقرت العمليات إلى البيانات العملية والفورية اللازمة لتحسين الإنتاجية ومواءمة ممارسات التعدين المستدامة.
وقدمت التطورات النظرية في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي فرصًا واعدة، إلا أنها لم تُترجم إلى أدوات يمكن لصناعة التعدين الاستفادة منها فورًا.
وأرسى بحث أندرو الأكاديمي الأساس لتطبيق هذه الرؤية عمليًا.
نشأة شركة "بلوت لوجيك"
ومُسلحًا برؤى الدكتوراه وخبرة تمتد لعقدين في هذا المجال، اتجه أندرو إلى ريادة الأعمال عام 2018، مُؤسسًا شركة بلوت لوجيك.
وانطلقت الشركة من هدف بسيط ولكنه جوهري، وهو إحداث نقلة نوعية في قطاع التعدين من خلال قوة المعلومات الدقيقة والفورية.
وتستخدم بلوت لوجيك تقنية التصوير الطيفي الفائق، إلى جانب قدرات الذكاء الاصطناعي المتقدمة، لإجراء توصيف مستقل للخامات.
فبدلًا من الاعتماد على نماذج استكشاف قديمة وثابتة، توفر بلوت لوجيك بيانات دقيقة تُتيح لمشغلي التعدين رؤية ديناميكية لتركيبة المنجم في الوقت الفعلي.
ولقد أحدث حل الشركة المُدعّم بالذكاء الاصطناعي نقلة نوعية في قطاع التعدين، مُمكّنًا المشغلين من تحسين الإنتاجية بنسبة تصل إلى 20%.
ومن خلال تسخير التطورات الرقمية، تُساعد بلوت لوجيك الشركات على تقليل النفايات، وتقليل الأثر البيئي، وتوفير الوقت والموارد التي كانت ستُهدر في عمليات غير فعّالة مثل أخذ العينات المختبرية.
فتح آفاق جديدة مع تقنية الذكاء الاصطناعي المتقدمة
ويرتكز جوهر تقنية بلوت لوجيك على الابتكار الذي يجمع بين الذكاء الاصطناعي وأجهزة الاستشعار المتطورة.
وتتيح تقنية التصوير الطيفي الفائق للمشغلين تقييم أكثر من 410 قنوات طيفية، والتقاط بيانات معدنية غير مرئية للعين البشرية.
وهذا يُمكّن شركات التعدين من الوصول إلى رؤى تفصيلية حول تركيب رواسب الخام بطرق لم تكن متصورة من قبل.
وتُكمّل هذه التقنية أجهزة استشعار الليدار (LiDAR)، التي ترسم خريطة للتركيب الفيزيائي لرواسب الصخور.
وتُزوّد هذه الأدوات، مجتمعةً، مشغلي التعدين بصورة كاملة عن خصائص الخام وبنيته المكانية، مما يُحسّن دقة اتخاذ القرارات.
وتعالج طبقة الذكاء الاصطناعي هذه البيانات آنيًا، مما يُنتج رؤى عملية حتى في بيئات التعدين القاسية والنائية.
ومن خلال ذلك، تُمكّن بلوت لوجيك الجيولوجيين وعمال المناجم من اتخاذ قرارات فورية وتعديل عمليات الاستخراج ديناميكيًا، مما يضمن أقصى قدر من الكفاءة.