أنقرة تختبر صبر موسكو في إدلب.. وعاصفة غضب بالأفق
مواقع إخبارية تداولت تصريحات لمصادر دبلوماسية روسية تفيد بعزم موسكو تجميد اتفاق الهدنة في إدلب بعد خروقات عديدة من الجانب التركي.
تبدو خروقات التنظيمات الإرهابية الموالية لتركيا في إدلب السورية كاختبار من أنقرة لصبر موسكو، التي بدأت في التململ من سلوك حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان، ما قد يرتب عاصفة سيبيرية تعصف بأوهام استعادة النفوذ العثماني.
فقراءة أنقرة لما يبدو توافقا مع روسيا بملف إدلب لا يعدو أن يكون "تسويات مرحلية" لا "تحالفا استراتيجيا" كما يحلو لتركيا تصوره، بحسب طيف واسع من المراقبين.
وتحكم تطورات الميدان في إدلب تفاهمات روسية تركية كانت نتيجة حوار الأستانة الممتد، فيما عرف باتفاق المناطق الآمنة أو مناطق خفض التصعيد، وهو تفاهم ظل هشا في المناطق الأربع التي أقر بها.
وربما باستثناء إدلب حسم الجيش السوري على طريقته الموقف في مختلف المناطق في البلاد بعد أن طهرها من التنظيمات الإرهابية التي اختارت عناصرها الانتقال إلى إدلب ضمن التسويات التي عقدتها دمشق لتفادي مواجهات مفتوحة مع الإرهاب.
قبلة الإرهابيين
لكن إدلب التي باتت قبلة للإرهابيين راوحت منذ ذلك الحين مكانها بين مد إرهابي يتكسر على صخرة الجيش السوري المدعوم روسيا، أو تقدم مباغت لدمشق باتجاه قلب المحافظة الحدودية مع تركيا.
ومؤخرا تداولت مواقع إخبارية تصريحات لمصادر دبلوماسية روسية تفيد بعزم موسكو تجميد اتفاق الهدنة في إدلب؛ إذ تشهد جبهة القتال خروقات عديدة من الجانب التركي.
التجميد يعد خطوة في سبيل وقف أطماع أردوغان في المنطقة التي تشكل بؤرة صراع إقليمي ودولي منذ عدة سنوات، وتأتي في وقت تواصل القوات التركية ضم إرهابيين إلى صفوفها على طول خط الاقتتال في المحافظة السورية الشمالية.
كما عززت روسيا من وجودها على جبهة إدلب، لفرض مزيد من السيطرة في مرحلة حرجة بين أطراف الأزمة.
الخطوة الروسية تأتي بالتزامن مع تأكيد المرصد السوري لحقوق الإنسان دخول رتل عسكري تركي جديد الجمعة الماضية نحو منطقة خفض التوتر المتفق عليها، عبر معبر كفرلوسين الحدودي مع لواء إسكندرون واتجهت نحو المواقع والنقاط التركية.
وبذلك يصل عدد الآليات التركية التي دخلت الأراضي السورية منذ بدء وقف إطلاق النار الجديد إلى 2810 آلية، بالإضافة إلى الآلاف من الجنود، بحسب المرصد السوري.
وبلغ عدد الجنود الأتراك الذين انتشروا في إدلب وحلب خلال فترة الهدنة أكثر من 10 آلاف جندي، الأمر الذي أثار حفيظة موسكو الحليفة الوثيقة للرئيس السوري بشار الأسد.
دمج الإرهابيين
الكاتب الروسي إيجور سوبوتين، كشف في مقال بصحيفة "نيزافيسيمايا جازيتا" الروسية محاولات أنقرة تغيير الوضع في إدلب، بدمج إرهابيين في قواتها النظامية بالمنطقة.
وأكد أن أنقرة تعزز وجودها العسكري في إدلب في تلك المرحلة عبر دمج الإرهابيين في تشكيلاتها العسكرية في محاولة لإعادة هيكلة القوات المعتدية على الشمال السوري.
وأشار إلى أن ذلك يعد محاولة من تركيا لتجنب هزيمة مؤكدة لقواتها أمام الجيش السوري في حال انتهاء حالة وقف إطلاق النار، إضافة إلى شرعنة العديد من العناصر الإرهابية التي تلقت تدريباتها على يد أفراد الجيش التركي.
في السياق، قال الخبير المجلس الروسي للشؤون الخارجية أنطون مارداسوف، لـ"نيزافيسيمايا جازيتا": إنه "من الواضح أن تركيا تحاول التعويض عن مشكلة سياستها العسكرية في سوريا، المتمثلة بغياب استراتيجية واضحة لتعزيز وجودها في المناطق العازلة، التي من شأنها أن تصمد في وجه ضغوط الجيش السوري".
صبر على وشك النفاد
وقبل أيام، أكدت وزارة الدفاع الروسية صمود وقف إطلاق النار في منطقة إدلب لخفض التصعيد، الذي دخل حيز التنفيذ في 6 مارس/آذار الماضي، لافتة إلى استمرار الدوريات المشتركة بين روسيا تركيا في أراضي شمال شرقي سوريا.
غير أن التأكيد الروسي أوحى بأن صبر موسكو على وشك النفاد من الأفعال التركية التي تؤجج الصراع ولا تسعى لحل سلمي وعادل للأزمة السورية.
وبات صمود الهدنة هشا خاصة بعد تزايد خسائر الجيش التركي شمال شرقي سوريا الأمر الذي يضع مزيدا من الضغوط على الرئيس التركي رجب أردوغان، بعد خسائره المتوالية في إدلب شمال غربي سوريا.
والأسبوع الماضي، جددت وزارة الخارجية الروسية، في بيان، تأكيدها أن مسار أستانة يؤدي دورا رياديا في الملف السوري، وهو ما اعتبره مراقبون ردا على التحشيد العسكري التركي المستمر والذي يضع الاتفاق على المحك.
ويشمل مسار أستانة تفعيل جميع مكونات التسوية السورية، بما في ذلك استقرار الأوضاع على الأرض، وتسهيل عودة اللاجئين والنازحين إلى ديارهم، وحل المشاكل الإنسانية للمدنيين، فضلا عن الحوار السوري-السوري في إطار اللجنة الدستورية بجنيف.
وتلاحقت التطورات في ميدان القتال في ظل إعلان دمشق عزمها التصدي بحزم "للعدوان" التركي على أراضيها.
وواجه أردوغان انتقادات حادة من المعارضة في الداخل بعد مقتل 33 جنديا تركيا في إدلب، في أكبر خسارة منذ بدء أنقرة عدوانها على الشمال السوري مطلع عام 2018، مع تقدم غير مسبوق للجيش السوري.
ويعتقد مراقبون أن موسكو ربما تغض الطرف عن الدعم الهائل الذي قدمته أنقرة للإرهاب في إدلب بعد إدراكها أن أردوغان في حاجة لحفظ ماء الوجه بعد خسائره، لكن ربما يجب فهم الأمر أيضا لا باعتباره شيكا على بياض للنظام التركي إنما بابا للخروج من المأزق قبل عاصفة روسية في الأفق.
aXA6IDE4LjExNi40OS4yNDMg جزيرة ام اند امز